الإنسان منذ طفولتهِ يمر بمراحل عمرية مُختلفة تبدأ من سن (الطفولة- المراهقة- الشباب- الشيخوخة). وجميع هذه المراحل العمرية من عمر الإنسان تمر بمراحل وفترات حرجة، وأخطرها هي المراهقة، لأنها هي التي تتحكم في السلوك النهائي للإنسان وتحدد شخصيتهِ ومسلكهِ. والإنسان بطبعهِ مراهق سواء كان ( الطفل المراهق، الشاب المراهق، الكهْل (الشيخ) المراهق). وتعد المراهقة من أخطر المراحل العمرية التي يمر بها الإنسان ضمن أطوار حياته المختلفة. يُصاحبها نوع من عدم الاتزان والاضطراب والتوتر إلى حّد معين في التصرفات والتفكير السلبي والميّول والرغبات.
المراهقة عادة تبدأ من سن 10 أو 14 سنة، وتستمر حتى 19 أو 21 سنة، عند الشباب. وقد عـرفت في علم النفس بأنها:” الاقتراب من النضج الجسمي والجنسي والعقلي والنفسي والاجتماعي”. ولكنه ليس النضج الكامل، لان الإنسان يبدأ في هذه المرحلة بالنضج العقلي والجسمي والتي تؤثر على تكوينه وبناء شخصيته، ولكنهُ لا يصل إلى مرحلة النضج الكامل إلا بعد سنوات عديدة.
نجد إن الشائع عن مرحلة المراهقة هي مرحلة غير طبيعية يغلب عليها طابع القلق والإحباط والتمرد والتحجج والتوتر، والعديد من المشاكل النفسية الأخرى، وهذا أمر طبيعي يحدث لكل إنسان نتيجة التغيرات الحاصلة في تركيبة جسمه. والمراهقة تمر بمرحلتين من عمر الإنسان، مرحلة الانتقال من الطفولة إلى مرحلة الشباب، والثانية هي المرحلة التي تصيب البعض من الرجال والنساء في فترة عمرية معينة، والتي قدرها الأطباء في فترة نهاية الأربعينات من العمر. وهذا هو موضوع مقالنا والذي سنتحدث عنه بشيء من التفصيل.
المراهقة المتأخرة وأسبابها:
مصطلح المراهقة المتأخرة هي المرحلة التي تصيب الرجال والنساء على السواء في سن معينة ولكن بنسبة، فتسمى عند النساء بــ (سن اليأس) وعند الرجال اصطلح الأخصائيون على تسميتها بــ (أزمة منتصف العمر)، هذه تحدث ما بعد النصف الثاني من الأربعين من العمر وخاصة عند الرجال. يمر الرجل فيها بفترة غير متوازنة نفسياً وفكرياً، ويبدأ بالشعور بالقلق والاكتئاب والتوتر والتحجج والخوف من عدم الاهتمام أو الرعاية به. فيحاول العودة إلى الوراء والإغراق في تصرفات فترة المراهقة الأولى من عمره، للهروب من واقع وحقيقة أنهُ شاخ وبدأ العجز طريقه إليه. حينها يبدأ بالبحث عن حالة من التغيير والتعويض، والحنين إلى مرحلة الشباب، وعيش مراهقته من جديد أو ربما التي حُرم منها.
هناك عوامل عدة تساهم وتعزز في مرور الرجل نقول بمرحلة المراهقة الثانية، غير مرحلة الطفولة التي عاشها. منها ما يتعلق بالرجل ونفسيته ومنها ما يتعلق بالزوجة وشخصيتها، ومنها ما يتعلق البيئة الاجتماعية والمشاكل والعنف الأسري، والضغوطات النفسية في العلاقات الأسرية، والمشاكل بين الزوجين التي تؤدي إلى تولد فجوة وشرخ في العلاقة الزوجية ويصعب معالجتها، ومع مرور الوقت تبدأ في النمو والتطور وتصل إلى مرحلة يصعب فيها التفاهم وينعدم الحوار والنقاش بينهما.
أيضا للمجتمع الذي يعيش فيه ومؤثراته، تأثيره عليه من فضائيات وقنوات التلفزيون والأفلام والفيديو كليبات الإباحية التي تعرض فيها، والمجلات الإباحية، وشبكة الانترنيت التي يقضي أمامها ساعات طوال، يبحث فيها عن ما يعوضه عن المحروم عنه أو العاجز أمامه، لكي يرضي نفسيته المريضة الجائعة، وكما نعلم بان جميع هذه الوسائل تركز أكثر شيء على المرأة الشابة التي تبرز مفاتنها وأنوثتها. وأحيانا أخرى الرجل يبحث عن حنان محروم منه سواء كان حنان أمه الذي حرم منه، أو حنان فقده مع زوجته ويعوضه بأخرى. كذلك طريقة تعامل الزوجة مع الزوج ومدى اهتمامها به وبأموره، وأحيانا أخرى الروتين والملل عندما يقتحم الحياة الزوجية، حينها يبدأ الزوج بالتفكير بنفسه وكيف يكسر هذا الصمت والحاجـز في محاولة للخروج من واقع هو رسمهُ وصممهُ لنفسهِ. فيبدأ بتكوين علاقات وصداقات والخروج من المنزل وقضاء معظم الوقت خارجه.
الرجل عندما يشعر انه اقترب من سن اليأس يريد أن يثبت أولا لنفسه بأنه ما زال قويا ومؤثرا ومفعما بالشباب، يخدع نفسه ويوهمها، ويحاول الهروب من واقع أنهُ كبرَّ! إضافة إلى وجود خلافات ومشاكل أسرية، ولشعوره بالإحباط وعدم نيله الاهتمام الكافي من قبل زوجته لانشغالها بأمور المنزل أو تربية الأبناء أو ربما تكون مشغولة بعملها. كما إن انشغال الزوج نفسهُ بالحياة وجمع المال وتحقيق ذاته، لا يضع في حسبانه الترفيه عن نفسه قليلا والالتفات إلى أسرته، وما أن يبلغ أزمة نصف العمر، حتى يُدرك هذا، وتبدأ المراهقة عندهُ تأخذ أبعاد نفسية واجتماعية وتغيرات لابّد من اتخاذها بعين الاعتبار من التقدم بالعمر والميل للشعور بالوحدة والكآبة والملل من ظروف الحياة والنفور من أقل كلمة تنطق بها الزوجة، فيبدأ في البحث عن صداقات جديدة وعيش مراهقته وإمتاع نفسه وتجديدها، مُنتقمًا لنفسهِ ومن زوجتهِ. وهو مُقتنع تمامًا بأن هذا هو الصواب ومن حقهِ أن يعيش حياته، بدون أن يدرك مدى خطورة فعلته هذه وتداعياتها.
ويذكر أطباء الطب النفسي أن المرحلة التي يمرون بها الرجال تكون شبيهة بمرحلة سن اليأس عند النساء، وهي الفترة الممتدة ما بين سن 45 وما فوق، بعض الرجال يمرون بهذه المرحلة دون مشاكل أو تغيير في شكل وروتين حياتهم، لكن وجود الضغوطات النفسية والشعور بالإحباط، ووجود اضطرابات سيكولوجيا منذ الطفولة عند البعض مثل الاضطراب النفسي والبيئة المحيطة والاندفاع الزائد، والعقد النفسية التي تصيبهم عند الطفولة، وفقدان حنان الأم والأب، وأيضا قلة القدرات الجسدية والعقلية، هذه تبدأ بالظهور عند الرجال وعند البعض بحدة، فينتابهُ القلق من ناحية كهولته، فيحاول بشتى الطرق أن يغير هذا الواقع والفكرة، والبحث عن حياة تختلف عن نمط حياته العادية مع زوجته، مُنجرفًا وراء أوهامهِ وظنونهِ. مُفكرا في الخيانة الزوجية مُعتقدا أنها الحل الوحيد للخروج من الملل والفراغ القاتل.
فيرفض واقعه ويتشبث بالماضي الذي يشعره بأنه ما زال شابا والحياة في بدايتها أمامه، مما ينتج عنها تصرفات صبيانية اصغر من عمره، غير أن الفارق بين مرحلة المراهقة الأولى والثانية، هي أن الأولى تكون بين الأبناء والأهل، والثانية تكون بين الزوج وشريكة عمره وهذه الاسوء! لأنه في حالات عديدة قد تؤدي إلى الانفصال والطلاق بعد سنوات من العشرة، وتشتت العائلة وكلام الناس والفضيحة. لان الزوج هنا يحاول استرجاع شبابه مع فتاة اصغر منه، ولا ننسّى أيضا بأنه الرجل هنا يكون أكثر مكراً ودهاءً، وربما يضطر إلى الكذب وخلق أوهام غير موجودة إلا في مخيلته فقط. في محاولة لعيش واستعراض شبابه وتجديده على حساب حياة أخرى. ليثبت لنفسه أنهُ ما زال قويًا ومُرغوبًا، مُتمردا في العائلة ومن شكله الجديد، متخذاً من المرآة صديقته الجديدة ناظرا فيها إلى رجلا يتقدم نحو الشيخوخة، وليس بيده أي سلاح غير مُحاربتهِ بالتصرفات لنقل عنها عكسية وصبيانية، في محاولة لإثبات العكس وكيف يسترجع ما فأته.
هنا الزوجة ماذا تفعل؟
على الزوجة أن تبقى متجددة في حياتها، قادرة على العطاء لتلبي تحولات زوجها واحتياجاتهِ ومطالبهِ المتغيرة، وتواكب فكرهُ وثقافتهِ واهتماماتهِ وان تثني دوما عليها. وعليها أيضا أن تلاحظ تصرفات زوجها وتراقبه، من خلال ملاحظة مدى الوقت الطويل الذي يقضيه خارج المنزل، ومدى اهتمامه بها، أو مقدار الوقت الذي يقضيه مع العائلة والأبناء. وأيضا حالات التذمر الدائم والعصبية الزائدة بدون مبرر، والنوم الكثير، والإلحاح والاستمرار في الحديث عن ماضيه والحنين إليه. عليها أن تلاحظ كل هذا وتهتم به وتعطيه الرعاية، وأن لا تنشغل عنه وتعطي كل الوقت لأمور المنزل والأبناء مع أنها ضرورية هي الأخرى ولابد منها، ولكن يجب أن توازن بينها .
وعليها أيضا هي والأبناء أن يتعاملوا مع الحالة النفسية للرجل (الزوج والأب) بكل مرونة ورزانة وعدم إثقاله بهموم ومشاكل أخرى، تزيد العبء عليه، وإعطاءه المزيد من الحنان والرعاية وتقدير الموقف، وتدارك المشكلة في بدايتها قبل استفحالها وتزايد تداعياتها وقبل أن يرتكب الزوج غلطة عمره ويرتبط بأخرى، أو يقيم علاقة غير شرعية، وهذا ما يبحث عنه بادئ الأمر، إشباع جنسي ثم حنان ورعاية محروم منها وهنا تصبح المشكلة اكبر وأوسع. والرجل مهما كبرَ وشاخ لكنهُ ما يزال طفل كبير بحاجة إلى حنان ورعاية واهتمام.
وللرجل نقول:
أيها الرجل: الله أعطى لكل مرحلة من العمر خصوصية وقدسية وحلاوة تنفرد بها، فهذا العمر هو عمر الانجاز وجني ثمار ما غرست وتعبت فيه طوالا سنين شبابك، وهنا تستطيع أن تجد شبابك أمامك مرة أخرى يتجدد في أبنائك ومستقبلهم. هذه هي سُنة الحياة، عليك أن ترضى بها وتقتنع بذلك، وان تعطي زوجتك حقها ما دامت قد عاشت الحياة معك على الحّلوة والمرّة وتحملتك، وليس من اللائق أن تجازيها هكذا مجازة وتخون عهدك معها. فليس في كل مرحلة عمرية تريد فيها أن تعيش حياتك على حساب حياة إنسانة، أنت القدوة والمثل، فإذا كان القائد يفعل هذا، فكم بالأحرى بالأبناء، تربية يديك.
وفي النهاية نقول بأن مرّد هذه الظاهرة يرجع إلى العوامل النفسية التي يمر بها الإنسان أو التي مرتْ به، والى الظروف المحيطة به. وفي عالمنا الكثير من المشاكل التي لا تنتهي بل هي في تجدد مستمر، ولكن علينا فقط بالحذر.
أحسنت وبارك الله فيك أخي العزيز
السيد لؤي فرنسيس المحترم، أؤيد الاخوة اعلاه واريد اضافة شيء الا وهو ان منطقة سهل نينوى التي يكثر فيها المسيحيين…
الأعزاء أودا و فرج اسمرو المحترمين نعزيكم بوفاة المرحومة المغفور لها شقيقتكم إلى الأخدار السماوية، أسكنها الله فسيح جناته الرحمة…
الراحة الابدية اعطها يا رب و نورك الدائم فليشرق عليها. الله يرحم خلتي مكو الانسانة المحبة طيبة القلب. مثواها الجنة…
Beautiful celebration Congratulations! May God bless Oscar and bless his parents and all the family and relatives