هؤلاء الزملاء الذين يسممون حياتنا !!

 

أثار هذا العنوان اهتمامي لدى رؤيته في احد اعداد مجلة البريد العالمي الصادرة في باريس، يبدأ المقال بالمقطع التالي: “يفعل بعض الموظفين المستحيل لسحق زملائهم في العمل ليتم تسليط الاضواء عليهم، هذه الانواع من الناس يطلق عليهم الموظفون السامون وهم يلحقون اضرارا مالية بالشركات تقدر بـ  “”10 مليارات دولار سنويا “.

كذابون، مخادعون، زارعو فتن ولايترددون عن فعل اي شيء مقابل الحصول على ترفيع او زيادة في سلم الراتب، فيوميات الموظفين المكتبيين في القرن الحادي والعشرين هي يوميات تعيسة بوتيرة متغيرة، قد يصاب المرء خلالها بما يسمى بمرض الاحتراق الداخلي  burn- out او مرض الخمول والملل او ما يسمى bore- out وغيرها من المصطلحات التي تعبر عما ينجم عن إفرازات العمل النفسية التي يبدع علماء النفس في إيجادالتسميات الدالة عليها .

الغريب انه من النادر ان لا يتم التحدث عن اشخاص يحيلون العمل المكتبي الى كابوس خلال الاجتماعات الرسمية او حتى خلال فترة الاستراحة في وقت الغداء أوشرب القهوة، هؤلاء لديهم موهبة تسميم الحياة في العمل. ويبدو ان هذه الظاهرة اصبحت تنتشر على نطاق واسع كي تشمل من 5 الى 10 بالمائة من الموظفين المستعدين لشرخ العلاقات الحميمة أو العادية بين الآخرين، دون استثناء رجالا كانوا ام نساء وتلويث جو العمل، والضحية يمكن ان تكون متوقعة اوغير متوقعة بما معناه ان الضحية يمكن ان يكون زميلا يصادفه في الممرات فقط، او في الاجتماعات او حتى شخصا معروفا اعلى مرتبة منهم في العمل.

وفي الحقيقة ان المشكلة تكمن في انه لا يتم التعرف على هؤلاء الاشخاص في البداية او لا يمكنك التنبؤ بان شخصا ما سيصبح زميلا ساما في العمل ، وبصورة عامة فهم اشخاص ودودون ولهم شعبية لدى الجميع ..ولكن شيئا فشيئا يبدأ الاستبداد ليدمر حياة شعبة او قسم ما في العمل. ولا يبدو ان هنالك مؤشرا يدل على هؤلاء الاشخاص لاول وهلة، فهم اما محبوبون جدا او مكروهون جدا منهم من له ردات فعل غير متوقعة، فقد يكون ساحرا ناعما وفي الوقت نفسه قد يكون صلبا وصلفا من دون رحمة.

هؤلاء الاشخاص هم اناس حساسون ويستطيعون الاحاطة واستغلال الظروف السائدة في العمل، فكل ما يقومون به هو التحدث بشكل خاص مع المشرفين او أرباب العمل هنا وهناك في الممرات او زوايا القاعات، أحاديث ليس لها الا غرض واحد وهو محاولة إبتغاء السيطرة والسلطة، والهدف من هذه اللقاءات هوالحصول على معلومات وهفوات كي يستخدموها ضد زملائهم من دون خجل . ومما يثيرالفضول ان هؤلاء الاشخاص غير معروفين ويتمتعون بصداقات قوية مع ضحاياهم بل وانهم يستفيدون من طيبة قلب مرؤوسيهم للتخلص منهم والحصول على مناصبهم بمهارة عالية.

السامون لا يتسرعون في اول فرصة تتاح لهم للوصول الى الهدف المرجو، بل هم يخططون ومع سبق الاصرار ويترصدون اصدقاءهم     وزملاءهم في العمل، من اجل الحصول على اكثر من مال وشهرة وسلطة وحتى الجنس. وكما يقال فالسلطة تجذب الاشخاص السامين كالذباب”، وهم اشخاص يحبون اثارة الخلافات من اجل ارضاء غرورهم ولا يترددون في اذلال زملائهم، كمثال على ذلك، موظف   يلقي هاتف صديقه المحمول في سلة المهملات بحجة ان رنته تزعجه، وفي الحقيقة يبغي ارسال رسالة الى الاخرين ان لديه السلطة ويمكنه ان يخضع الجميع لها.

ان الهيكلية الهشة لاي شركة او مؤسسة تصبح ارضا خصبة لهؤلاء الموظفين السامين وخصوصا ان كان رب العمل يخشى المواجهة   والصراع ، فهنا يستغل الموظفون السامون الشخصية الضعيفة لمدرائهم لتحقيق مآربهم .. تشير الاحصائيات الى ان الشركات تخسر سنويا مليارات الدولارات كما ذكرنا في البداية ويتم  فصل هؤلاء الاشخاص ولكن بعد الحاقهم تلك الاضرارالمادية الكبيرة ، والناس السامون يكثرون في مجالات مثل السياسة والفن والمال والإعلام، وموهبة القيام بالتسميم هي خصلة لا بد ان تتوفر لديهم للظهور والزعامة واعتلاء المناصب .       

د. تارا إبراهيم

 

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *