الكلدان شعب حي وعريق، يقول عنهم إرميا النبي في سِفره، الإصحاح الخامس الآية 15: (أمة جبارة، أمة منذ القدم)، لأنها الأمة الأصل (الأم)، التي تناسلت منها جميع الأمم في شرقي بابل بحسب الكتاب المقدس، وهيّ الأمة المهد، التي أعطت للبشرية كلها (أول حضارة إنسانية) منذ عهد عاصمة الكلدان الأولى نون- ﮔﻲ/ أريدو 5300 ق.م كيش (مادياً)/ كوش (كتابياً) مصدر كشديم- كلديي.
فهي أمة نمرود الجبار الذي تؤكد المصادر الكتابية بأن حفيده الذي تسميه المدونات البابلية شمشي أدد الأول البابلي، هو مؤسس مملكة آشور، حيث يقول الأنبا تقلاهيمانوت: فنمرود هو ابن كوش بن حام بن نوح، وهو الذي أسس أول مملكة وهي مملكة بابل التي دعاها ميخا النبي أرض نمرود ” فيرعون أرض آشور بالسيف وأرض نمرود في أبوابها، من تلك الارض (بابل) خرج اشور (شمشي أدد) وبنى نينوى ورحوبوث عير وكالح تك 10: 11″.
أما الباحث القس صموئيل مشرقي فيقول: ” يعتبر الإصحاح العاشر من سفر التكوين جدولًا لا نظير له على الإطلاق لبيان أصل الأمم ونشأتها، وهو أدق سجل قد أيدته تمامًا كل الاكتشافات الأثرية، ويظهر من الآيات 8- 10 أن الحضارة البابلية كانت أقدم الحضارات وتليها الآشورية، وهي مأخوذة عنها لأنها أحدث منها”.
هذه الأمة المباركة هيّ الأمة التي أنجبت بابن أوراهم (إبراهيم أبو الأنبياء)، الذي ترك أهله وعشيرته ووطنه تلبية لأمر الرب بالهجرة إلى أرض الميعاد (لتكون له ولنسله)، “وقال الرب لأبرام اذهب من أرضك (وطنك) ومن عشيرتك (الكلدان) ومن بيت أبيك إلى الأرض التي أريك’ تك 12: 1”.
ومن نسله الكلداني المبارك هذا، ولد بالجسد ربنا ومخلصنا يسوع المسيح، فأية أمة مباركة هيّ هذه الأمة، وهل هنالك ثمة من فخر يفوق فخر إنتماءنا لها.
لذلك يهمني هنا أن أقول لمن لا يعرف سر بقاء وديمومة هذه الأمة التي تتكالب عليها منذ العام 482 ق.م نوائب وعوادي الزمان فلم تهلك أو تتلاشى، بل بقيت بوعد من الرب كالعشب الذي كلما جزته الأيادي ينمو أكثر إخضراراً.
أن سر بقاء هذه الأمة (العصية على الفناء)، إنما يكمن في نسغها الذي لا يجف أو ينضب، متمثلاً في جنودها المجهولين، هؤلاء الجنود ذوي القلوب الأطهار، الذين يعملون ليل نهار من وراء الستار، من أجل إشاعة الوعي القومي الكلداني بمحبة وإفتخار.
أستطيع لو شئت أن أضع لكم جدولاً بأسماء هؤلاء الغيارى الأصلاء، فأحسب لكم مناقبهم ومآثرهم في كل حقل من حقول المعرفة الإنسانية والعلمية والروحانية، وفي شتى مناحي الحياة الأخرى لأنهم خير خلف لأسمى سلف.
لكنني سأكتفي هنا بذكر ما شاهدناه بالأمس، متمثلاً في طلبة جامعة (وين ستيت يونفيرستي) في ولاية ميشيغان، عندما قامت رابطة الطلبة الأمريكيين الكلدان في الجامعة، بالتعاون مع ست منظمات كان من بينها المركز الثقافي الكلداني الأمريكي، بإستضافة المهرجان الثقافي المتميز (بابل… المشي على جليد متصدع) في عيد أكيتو (الكلداني البابلي) في الأول من شهر نيسان 2015م والموافق للعام 7315ك، وذلك من أجل التعريف بمحنة النازحين المسيحيين والمندائيين واليزيديين، وعملية الإبادة الجماعية المستمرة التي يتعرض لها أهلنا في العراق، وسط صمت محلي وإقليمي ودولي!
كما شاهدناه بالأمس أيضاً، متمثلاً في مسيرة الطلبة الكنديين الكلدان المشاركين في تظاهرة سيفو (مائة عام من المذابح بحق المسيحيين من الأرمن والشرقأوسطيين)، حيث رفرفت الأعلام القومية الكلدانية التي كان يلوح بها مجموعة من الشباب الكلدان المتحمسين والمؤمنين بالأمة الكلدانية، وبقوميتنا المنفتحة المتجددة عبر تاريخها الطويل والعريق والنبيل.
لكن مشكلة الكثيرين ممن ينظرون إلى ما حولهم دونما تمحيص أو تمعن، أن معظمهم منهمك بمشاغل الحياة فلم يعودوا منتبهين لجلية الأمر حولهم ومنها عدم إنتباههم لهؤلاء الغيارى من الفعلة المنتجون بصمت.
يؤكد ما نذهب إليه هنا، ما يعرفه المختصون بمجال العمل الفني، ذلك أن من متطلبات المشاهدة الصحيحة أن تقف على بعد يساوي مرة ونصف من حجم العمل الفني، وذلك من أجل أن تلم بكافة تفاصيل اللوحة (على سبيل المثال) من دون أن تضيع فرصة الإلمام والإستمتاع بكامل المشهد. لذلك فأنك كلما أقتربت من المشهد أضعت تفصيلاً جديداً حتى تتلاشى الصورة كلها.
من هذا المنظار، فأن أمامنا دائماً وقريباً من حدقات عيوننا، يشمخ جندي كلداني مجهول، هو واحد من عشرات الجنود المجهولين الكلدان من حولنا، يعمل بدئب ومثابرة في كل يوم ومنذ سنوات، ومع أنه يعمل أمام عيوننا ، لكن إداءه دائماً يتم من خلف ستار العمل بصمت، من أجل إشاعة الوعي القومي الكلداني الذي شعبنا بأمس الحاجة إليه اليوم من أي يوم مضى.
هذا الجندي المجهول، الأخ والصديق العزيز، إنسان متعلم وواع ونبيل ومتواضع، لا يكل ولا يمل عن إداء دوره التوعوي النبيل، أو يتردد عن إبتكار كل ما هو جديد ومفيد في مجال عمله التوعوي، الذي ينصب في خدمة الأمة الكلدانية.
أنه الناشط القومي الكلداني، وأبن قرية الجبابرة (ألقوش) نصرت دمان، ذات القرية التي أنجبت الإنسان الكلداني الأصيل (يوسف يوحانا) الذي يُعرف بسبب إستماتته في الدفاع عن علم الكلدان القومي (أبو العلم الكلداني)، وهيّ ذات القرية المباركة التي أنجبت نجوماً لامعة في سماء الكلدان أمثال توما توماس و د. حبيب تومي ونزار ملاخا ومايكل سيبي وآخرون نعدهم مفخرة وتيجاناً نضعها بكل إحترام على رؤوسنا.
نصرت دمان لمن لا يعرفه، هو المسؤول التقني عن موقع كلدايا نت، هذا الموقع الذي يثير الرعب في نفوس الحاقدين على الكلدان، فيقلب أحلام يقظتهم ومنامهم إلى كوابيس ويصيبهم بالجلطة على مدى 24 ساعة في اليوم.
نصرت دمان، هذا الشخص الدمث الأخلاق، المتواضع والمثابر في عمله، له منجز ينبغي الإشارة إليه والإشادة به، لاسيما وأن عام 2015م هو عام الإحتفاء الثلاثيني بذكرى (العلم القومي الكلداني).
أن موقع (كلدايا نت) الذي يكلل هامته (علم الكلدان القومي) الخفاق، يزوره في كل يوم آلافاً من القراء من العراق والشرق الأوسط وأستراليا وأوربا والأمريكتين، سواء كان ذلك من أجل الإطلاع والمعرفة عن الكلدان من الناحيتين القومية والروحية، أو من مجموعة الحاسدين المتربصين الذين يحسبون علينا أنفاسنا خوفاً من فضحهم والتأثير سلباً على أجنداتهم المخادعة، أو خشية أن ننقص من معدلات أوكسجينهم؟!!
كما تزين العديد من المواقع الكلدانية رؤوس صفحاتها الرئيسة وكذلك صفحات التواصل الإجتماعي بصورة العلم القومي الكلداني المتحرك (دجتال إنيميتد إمج)، لكن لا أحد من قراء هذه المواقع قد سأل نفسه، من هو الفنان الذي قام بتنفيذ هذا العمل التقني المتميز، فخصص جزءاً من وقته ووقت عائلته لكي يمنح العلم القومي الكلداني أمتيازاً آخر، يجعله مطلباً ملحاً في عصر التكنولوجيا الذي نعيشه بكافة تفاصيله المعقدة منها والمريحة؟
الحق، أن هذا المنجز الذي قد يحسبه البعض بسيطاً، وقد لا يتردد البعض الآخر عن القول: وماذا في ذلك أن أبني يستطيع أن يفعله!
نعم، قد يكون ذلك صحيحاً وقد لا يكون، لكن الواقع يؤكد بأن لا أبن ذلك (الشخص المفترض) أو غيره قد فعل ذلك وإنما من فعل ذلك عن قناعة ووفاء هو نصرت دمان.
وهذا يذكرني بما حدث للفنان الروسي الشهير كازمير ماليفيتش عندما قدم لوحته الشهيرة (مربع أبيض على مربع أبيض عام 1918م) ضمن معرض مخصص للتعريف بحركة السوبريماتزم، فوقف تاجر لوحات مشهور يحدث صديقه قائلاً، لماذا كل هذه الضجة، أن أبني يستطيع أن يفعل ذلك، عندئذ تقدم منه ماليفيتش وقال له بإحترام، ولكن أبنك يا سيد لم يفعل ذلك وإنما أنا من قام بهذا، فخجل التاجر وأعتذر.
أن هذا المنجز الموسوم (العلم الكلداني الخفاق/ دجتال إنيميتد إمج) هو كما أسلفت من إنجاز الفنان المتخصص ببناء المواقع الألكترونية والمحب لأمته الكلدانية الأخ العزيز نصرت دمان، الذي لا يتحدث كثيراً، لكن أعماله المتميزة تفصح عن الكثير.
لأخي نصرت دمان، ولكل الجنود المجهولين الكلدان، أنحني إحتراماً وأقبل رؤوسهم وأثني عليهم لأنهم ومن دون جدال مصدر فخرنا جميعاً، فليبارك الرب أخي نصرت وليبارك رب القدرة موقعنا الكلداني الرائد (كلدايا نت) والقائمون عليه وعلى رأسهم مدير مركز الإعلام الكلداني الأب الفاضل نوئيل ﮔورﮔيس المحترم وسيادة المطران مار سرهد جمو الجزيل الإحترام الذي يدعم ويحترم مكانة الإعلام.
أن (موقع كلدايا نت) ومن دون شك، هو رأس الحربة في المنازلة القومية، ما بين الخير الكلداني العميم وما بين محاولات الأشرار الخائبين المذعورين من الأغجانيين الإيرانيين وبقية المتأشورين، الذين يعتقدون بأن لحم الكلدان سهل نهشه، أو أن (شمس الكلدان) المتوهجة ألقاً يمكن أن يكسفها غربالهم المتهرئ.
أحسنت وبارك الله فيك أخي العزيز
السيد لؤي فرنسيس المحترم، أؤيد الاخوة اعلاه واريد اضافة شيء الا وهو ان منطقة سهل نينوى التي يكثر فيها المسيحيين…
الأعزاء أودا و فرج اسمرو المحترمين نعزيكم بوفاة المرحومة المغفور لها شقيقتكم إلى الأخدار السماوية، أسكنها الله فسيح جناته الرحمة…
الراحة الابدية اعطها يا رب و نورك الدائم فليشرق عليها. الله يرحم خلتي مكو الانسانة المحبة طيبة القلب. مثواها الجنة…
Beautiful celebration Congratulations! May God bless Oscar and bless his parents and all the family and relatives