رحلتي الى سان ديكو (6)
بعد الظهر من يوم الاربعاء 30 \03 \2011 كما ذكرنا في الحلقة السابقة (5) ، ابتدأت جلسات المؤتمر بكلمة قصيرة ، من سيادة المطران الجليل سرهد جمو ، ليغادر قاعة المؤتمر ، أستنادا الى مبدأ سليم ، عدم تدخل رجال الدين بأمور الدنيا ، ليقتصر واجبهم على الروحانيات المطلوبة ، مستندين الى تعاليم سيدنا المسيح ، (اترك ما لله لله ، وما لقيصر لقيصر) وهو الموقف الذي يثمن عليه ، كما أكدنا في الحلقة السابقة ، لكن ما يؤسفنا حقا ، هو تواجد الأب نوئيل بشكل دائمي ، في جميع جلسات المؤتمر ، رغم ان الامر لا يعنيه ، حسب تنويه وتأكيد سيادة المطران سرهد ، يا ترى ما هو سر بقائه وتواصله ، مع جلسات المؤتمر لحد اللحظة الأخيرة؟؟!! .
الحقيقة التي نحللها عزيزي القاريء الكريم والمتتبع العزيز ، انه ليس سراّ أبدا ، فاللغز واضح للعيان من دون جدل ، وللاسف الشديد لم نتوقع الامور ، تصل الى هذا المنحى لنحكم ، على الانسان الروحي بالتوقعات ، لعلها تخفق أو تصيب ، لكننا نبقى في الأهم ، لربما هو (الاب نوئيل) احتفظ بروحانياته وقداسته ، ومتحملا وزر أكبر وجهد أوسع ، وهموم الدنيا الأنسانية والوطنية والقومية ، وتلك هي من تعهدات فردية شخصية ، أذا كانت سليمة النوايا ، تحترم وتقدر جهوده الحثيثة وتواصله مع المؤتمر ، التي نعتبرها حالة فردية شخصية أيجابية ، ليبقى في الحس القومي الكلداني والوطني العراقي ، وحقيقة انا أثمنها أن كان الأمر كذلك !!، حرصا على شعبنا ووطننا ووجودنا الأنساني ، كونه يتحمل دورين ، (روحي ديني ، ووطني قومي ) أتمنى ان يكون كذلك!! ، وسنأتي في القريب العاجل ، لحل اللغز الذي نحن فيه غارقون ، وقد أصابنا الأرق من جراء التفكير ، فلا بد من حله مهما طال الزمن أم قصر ، كما يقول المثل (بعد الجهد العسير فسّر الماء بالماء) ، ولا أريد لعزيزي القاريء ، أن أثقل عليك الجهد ، فهي واضحة للعيان ، لمجرد الأطلاع عن كثب!!.
شعبنا العراقي عامة يعاني الألم والآلام ، والضيم والقهر والهجرة والتهجير والقتل العمد ، خاصة الاقليات تحديدا وتشخيصا ، من جراء سياسة طائفية مقيتة ، وتبني القومية العنصرية ، والاصطفافات العشائرية والوجاهية ، بعيدا عن الكفاءة والاخلاص والتفاني بالعمل مهنيا ، وخصوصا ممارسة التسييس الديني الأسلامي ألمؤدلج ، وفتاوى رجال الدين ، التي كومت المآسي وأزادت الويلات والخراب والأرهاب ، لتزيد دمار الانسان والدين معا ، وأبتلى الشعب العراقي ، بهذه التوجهات القاتلة والمدمرة ، ليعاني وباستمرار ، المزيد والمزيد من الهدم والخراب ، في البنى التحتية للبلد والانسان العراقي معا ، لذا على رجال الدين المسيحيين ، الابتعاد عن تقليد أردفائهم من رجال الديانات الأخرى ، والولوج بروحانيات الدين الحية في خدمة الانسان ، كما هو سيدنا المسيح حيّ ، وحسب سيرته المقدسة ، حينما قال (زلة في عين صاحبك تراها ، والخشبة في عينك لم تشاهدها) ، وهذه هي مآسي شعبنا ليدفع الثمن الباهض ، ليس هو وحده فحسب ، بل الأجيال اللاحقة من بعدنا ، وبدورنا وللامانة حاولنا قدر استطاعتنا ، ابعاد الجميع لتغييب الطائفية ، وأبعاد الدين عن توجهات الحاضرين ، كون عملنا وواجباتنا ، منصبة لخدمة شعبنا ووطننا ، من الوجهة الانسانية والقومية للذات المعنية ، ونجحنا بجزء يسير ومحدود ، أعتبرت خطوة متقدمة للامام ، وبهذا أبتعدنا عن الطائفية المقيتة ، وعزلناها عن القومية ، لنجعل الأخيرة هي أساس شعبنا ، والقوميات المتعددة هي أساس تكوين الامة العراقية تاريخيا ، والقومية هي الهوية المعتمدة وأبعادها عن الدين ، كون الأخير بين الأنسان والخالق ، أما القومية هي الروابط الأساسية ، بين الأنسان واخيه الأنسان ، ضمن الموقع الجغرافي الواحد ، ولغة التفاهم الواحدة ، والعادات والتقاليد المشتركة ، والاقتصاد المشترك ، والثقافة والفن والتاريخ المشترك ، بعيدا عن أقحام الدين بالقومية ، وفي خلاف ذلك ، نكون قد جنينا عليهما ودمرناهما معا ، فحذارنا من الخبط والتخبط ، نتيجة عدم الفهم والاستيعاب للفصل والعزلة ، بين المفهومين الطائفية والقومية بخطيهما المتوازين ، اللذان لا يلتقيا مهما أمتدا ، والمطلوب نبذ الأولى ودعم الثانية ، والدليل ان كلمة الكلدانية ، أدخلت على الكنيسة قبل أكثر من ستة قرون ، والتي كانت سابقا تسمى كنيسة المشرق (المصدر : خلاصة تاريخ الكنيسة الكلدانية للمطران الجليل لويس ساكو) ، وعليه هي كلمة دخيلة على كنيسة المشرق التي تبنّت الكثلكة عام 1340 ، في زمن البابا مبارك الثاني عشر ، (نفس المصدر ص5 ) وعليه الكلدانية لها خصوصيتها القومية تاريخيا ، قبل الميلاد بأكثر من خمسة آلاف عام ، والدليل بأن ابناء أور الكلدانية ، المتواجدين في جنوب العراق حاليا ، لهم حضورهم الكلداني المميز ، رغم تدينهم بالديانات الغير المسيحية (الأسلام) ، والأكتشافات السابقة والحالية المتواصلة ، في جميع مناطق العراق ، تؤكد حضارة الكلدان والآشوريين عبر آلاف السنين ، قبل ميلاد السيد المسيح عليه السلام ، لذا نقول (كل من يقف بالضد من القومية الكلدانية ، هادفاّ لنوايا وأعتبارات سياسية مقصودة ، غايتهم ألحاقها بالطائفة ، سيجني على التاريخ العراقي من جميع الأوجه ، خصوصا الحضارية والتارخية والعلمية والاجتماعية ، الغاية منها الغاء الآخر ، وانعاش التعصب القومي والطائفي المدان وطنيا وأنسانيا (الغاية في نفس يعقوب).
جلسات المؤتمر:
أبتدأت جلسات المؤتمر ، حسب البرنامج المقر سلفاّ ، بفقراته المثبتة ، لمناقشة أطروحات الزملاء المعنيين ، لتقديم دراساتهم ، التي شملت مختلف جوانب الحياة ، وتفاعلها مع الوضع الراهن ، وما يرادف شعبنا العراقي عموما والكلداني خصوصا ، مستندين الى المصادر التاريخية ، كانت المشاركات مقيّمة ، تركزت على المسألة القومية وتوحيد شعبنا في الأتجاه الصحيح ، ونبذ التسميات القطارية والأزدواجية ، الدخيلة المتناقضة تاريخيا ، مؤكدين على الدستور الدائم ، الذي أستفتى عليه شعبنا العراقي ، ومصادقة البرلمان المنتخب عام 2005 ، معززا دور القوميات ، العربية والكردية والتركمانية والكلدانية والآثورية ، مع مراعاة بناء البيت الذاتي الكلداني ، والقبول بالحوار الجاد البناء ، الذي يخدم شعبنا ، من الوجهتين الوطنية والأنسانية ، والتفاصيل مثبتة في المؤتمر ، ونشرت غالبيتها ، على المواقع الالكترونية المختلفة ، وتم مراعاة الوقت ، في تقديم الاطروحات والدراسات ، من قبل المساهمين المؤتمرين ، الذين أغنوا المؤتمر بطروحاتهم ورسائلهم ، بشكل مختصر جدا نتيجة لضيق الوقت ، مع كثرة الاطروحات والرسائل والبرقيات الواردة للمؤتمر ، من مختلف أنحاء العالم ، كان له تأثير مقيّم وأيجابي ، لسير أعمال المؤتمر بالنجاح نسبياّ .
للاسف لحد الآن لم يتم أصدار ، كتيب خاص بالأطروحات والبرقيات والقرارات والتوصيات والبيان الختامي ، وآفاق المستقبل التي طرحت ونوقشت وتم تصديقها في المؤتمر ، ولم يتم تنسيقها ونشرها لشعبنا ، مقتصرين لدور الاعلام ألأنفرادي الشخصي ، وهو ما نعتبره سلبا من وجهة نظرنا الشخصية ، علينا المواصلة والمعالجة بعد تشخيص الخلل ، والسبب كون غالبية شعبنا حاليا ، لم يدخل الى مواقع الانترنيت ، أو حتما الكثيرون لايملكون الأجهزة والأنترنيت ، خصوصا شعبنا في ارض الوطن ، لذا نرى أهمية أصدار ، كتيب خاص بالمؤتمر ، وهو ما كنا ناقشناه وأكدنا عليه وحيثياته ، ومجمل ما يخدم شعبنا في الداخل والخارج ، ونعتقد ان شعبنا بحاجة ماسة ، كي يعرف الحقائق على الارض من جهة ، ويعتبر ذلك من فعاليات مهمة للمؤتمر ، لنشر الوعي الفكري والثقافي والادبي والسياسي والاجتماعي والحقوقي ، بالأضافة الى الوعي القومي والوطني والانساني من جهة أخرى.
أستمرت الأطروحات والحوارات والنقاشات والمداخلات ، بكل جدية من قبل الحضور ، من مختلف أنحاء العالم ، أغنت المؤتمر وأكسبته الحرص الجاد لمصالح شعبنا المهضومة ، وزادته مزيد من الوعي الفكري والثقافي ، وحصل تعارف المؤتمرون وجها لوجه ، بالصوت والصورة مباشرة ، والحقيقة كانت نقاشات ومداخلات وأختلافات ، في وجهات النظر من مختلف الزملاء ، جميعها أنصبت لخدمة شعبنا الكلداني خصوصا والعراقي عموما ، أستمرت ثلاثة أيام على التوالي ، تخللتها الموضوعية والحرص الشديد ، على ديمومة ونجاح المؤتمر ، والذي يعتبر تحدي قائم للوضع الذاتي الذي يمر به البيت الكلداني ، كونه يعاني التغرب والاضطهاد والتغييب والمعاناة ، وسيل الدماء والدموع في بلده الأصيل ، ولربما هناك نفر من الحضور وحتى مجمومة ، لم يروق لها التنوع الثقافي ، وأختلاف في وجهات النظر ، والحراك المطلوب تواجده في أي مؤتمر ، حرصا على مصالح شعبنا ووطننا تقديسا لأنسانيتنا ، وكانوا يتمنون ويرغبون من المؤتمر ، أن يمر مر الكرام والتوافق ، على اساس الصفوة الكلدانية الواحدة ، من دون أختلاف الأراء التي تغني المؤتمر ، والذي حصل هو عكس نواياهم وأنغلاقهم مع انفسهم ، وسارت الأمور بما لا تشتهيه السفن ، وهو الذي عزز نجاح المؤتمر ، وتطورت مقرراته وتوصياته ، رغم آمالنا وطموحاتنا الكبيرة ، وما عليه اليوم (المؤتمر) ، الاّ وضع نقاط المؤتمر المتفق عليها نسبيا ، لكي ترى النور عمليا ، وليس بقائها في الأرشيف ، وننسى واجباتنا تجاه شعبنا ، وخصوصا أعضاء اللجنة التنفيذية ، التي تحملت المسؤولية وقبلت بها طواعية ، عليها أحترام الوقت لتنفيذ واجباتها تجاه شعبها ، وفي خلافه عليها أن تعتذر ، وتترك مهمامها التي وافقت والتزمت لأدائها طواعية ، بدليل ثلاثة أشهر مضت ، واللجنة التنفيذية لم تحرك ساكناّ لحد اللحظة ، وما علينا ان نذكرهم بمهامهم التاريخية ، وهذا من حقنا الشرعي ، لنقول كلمة حق نراها في صالح شعبنا ، وعلى زملائنا عدم الحساسية وسوء الفهم ، مما نحن ننبه اليه في هذا الطرح ، الذي نراه موضوعياّ وواقعياّ ، لخدمة قضية شعبنا ووطننا وانسانيتنا ، ولربما أحد زملاء المؤتمر وخارجه من الكلدان ، ينتقدنا على طرحاتنا الاعلامية وأمام الملأ ، جوابي هو: فعلا الكلام دقيق وسليم ، وأنتقاده لنا مبرر من جانب الجميع ، لكننا لنا ما يبرر فعلتنا هذه ، وهو : أنتظرنا طويلا بلا نتيجة عملية تذكر ، ولا فعل مؤثر يعمل وينتج من جهة ، ومن جهة أخرى علينا ان نجلد ذاتنا من اجل خير شعبنا ، ومن يريد الخير لشعبه ووطنه وأنسانيته قبوله بالواقع المؤثر ،دون الخوف من لومة لائم ، من بعيد أم قريب ، ولا من الأعلام المضاد لتطلعاتنا وتفكيرنا ، وطنيا وقوميا وانسانيا ، لنعتبرها قوة لنا ، وطريق للعمل المنتج ، وخطة عمل فاعلة ، تدر الخير واليسر والاستقرار والامان لشعبنا ، غياب الصراع الذاتي ، مع أنفسنا والآخرين من شعبنا ، وعدم أهتمامنا بالظرف الذاتي ، وتجاهلنا للظروف الموضوعية بدقة ودراية عقلانية ، لا يمكننا ان نتقدم خطوة واحدة للامام ، وعليه ممارستنا الأعلامية هذه ، خالية تماما من الأسائة للآخرين من وجهة نظرنا الخاصة ، كوننا : عملنا ونعمل وسنعمل ، لمستقبل شعبنا ووطننا وأنسانيتنا ما أحيّينا.
الأهتمام الفني:
الجانب الفني كان له وجوده وحضوره الواضح ، من خلال الحفلة المقامة على شرف المؤتمر ، أحياها الفنان ماجد ككا القادم من مشكان ، كانت سهرة جميلة ممتعة تستحق التذكير ، والقاعة مكتضة بالحضور على شرف المؤتمر ، كما ساهم شاعرنا القادم من مشكان بقصيدته الشعرية باللغة الكلدانية ، لفتت انتباه واهتمام الجميع ، علينا ان نذكر أن الحفلة أحيتها مشكورة ، جمعية أسود بابل للكلدان ، وفي اليوم التالي ، أحيت مطرانية مار بطرس حفلة موسيقية خاصة ، وسمفونية مميزة للجمهور وللمؤتمرين ، تركت الأثر الجيد للحضور.
لم تخلو ليلة واحدة خلال أيام المؤتمر ، دون لقاء أو أحتفال بعد الانتهاء من النقاشات والحوارات والطروحات ، من التاسعة صباحا وحتى الساعة السادسة مساء ، وتم تخصيص ليلة أخرى للالتقاء ، مع مندوبي الحكومة الامريكية ، من خلال ممثليها السيد مايكل وكيل وزارة الخارجية ، وممثل السفير الامريكي في العراق ، أضافة الى ممثل الحكومة المحلية في ولاية كاليفورنيا ، من خلال حوارات وتساؤلات بين الضيوف واعضاء المؤتمر ، وابناء الجالية الكلدانية المغتربين في سان ديكو ، وحضور السادة المطارنة الأجلاء مار سرهد ومار باوي ، والآباء الأفاضل في سان ديكو ، وتفهم الوفد وضع ابناء شعبنا في الداخل والخارج ، ووعدوا بالقيام بواجباتهم ، وأيصال المطلوب منهم للحكومة والمسؤولين ألامريكان ، لأنهاء معاناة شعبنا العراقي عامة والكلداني خاصة ، متفهمين واقع شعبنا في العراق الجديد.
علينا ان نتذكر المناسبة القومية التاريخية لأكيتو ، التي احياها المؤتمر في يوم الأحد ، بعد الانتهاء من أنتهاء أعماله بنجاح ، التي صادفت 3\4\2011 والتي حضرها جمع كبير من ابناء شعبنا ، من الكلدان والآشوريين في سان ديكو ، وكما نشرت تفاصيلها في كلدايا نت وبقية مواقع شعبنا الكلدانية ، أعتبرت بحق تظاهرة فنية وثقافية واجتماعية لشعبنا ، تأييدا للمؤتمر وتواصلا حيا معه ، وهي نقطة تحول أيجابي ، لمجتمعنا الكلداني المغترب ، في خدمة الأرض والانسان ، في عراقنا الحديث والتاريخي الواسع المعالم.
(يتبع)
ناصر عجمايا
ملبورن \ استراليا
28 \ 06 \ 11
nassersadiq@hotmail.com
أحسنت وبارك الله فيك أخي العزيز
السيد لؤي فرنسيس المحترم، أؤيد الاخوة اعلاه واريد اضافة شيء الا وهو ان منطقة سهل نينوى التي يكثر فيها المسيحيين…
الأعزاء أودا و فرج اسمرو المحترمين نعزيكم بوفاة المرحومة المغفور لها شقيقتكم إلى الأخدار السماوية، أسكنها الله فسيح جناته الرحمة…
الراحة الابدية اعطها يا رب و نورك الدائم فليشرق عليها. الله يرحم خلتي مكو الانسانة المحبة طيبة القلب. مثواها الجنة…
Beautiful celebration Congratulations! May God bless Oscar and bless his parents and all the family and relatives