” فاسمعوا أنتم مثل الزارع: كُلُّ مَن سَمِعَ كلمة الملكوت ولم يفهمها، يأتي الشريرُ ويخطَفُ ما زُرعَ في قلبه: فهذا هو ما زُرع في جانب الطريق. أما الذي زُرعَ في الأرض الحجِرة، فهو الذي يسمع الكلمة ويتقبَّلُها لِوَقتِه فرحاً، ولكن لا أصل له في نفسِه ، فلا يَثبُتُ على حالة. فإذا حدثت شِدَّة أو اضطهادٌ مِن أجل الكلمة عَثَرَ لِوَقتِه. وأما الذي زُرعَ في الشوك فهو الذي يسمع الكلمة، ويكون له مِن هَمِّ الحياة الدُّنيا وفِتنَة الغِنى ما يخنُق الكلمة فلا تُخرجُ ثَمَراً. أما الذي زُرعَ في الأرض الطيِّبة، فهو الذي يسمع الكلمة ويَفهَمُها فيُثمِرُ ويُعطي بعضُه مِائة ، وبعضُه سِتّين، وبعضُه ثلاثين. “(متَّى13: 18 – 23) يُقابلها مر4: 13 – 20 ولوقا8: 11 – 15).
ومَن بوُسعِه تفسيرَ المثل أفضلَ مِن قائله؟ فالمغزى هو: في هذا المثل يُعرِّفُ يسوعُ الناسَ بأنواع أربعة ويُشَبهُهم اوَّلاً: ” باالأرض المُحاذية للطريق”. ثانياً: ” بالأرض الحَجِرة”. ثالثا: ” بالأرض المليئة بالأشواك “. رابعاً: ” بالأرض الطيبة “. إنَّ هذا المثل الأول ليس تشبيهاً لملكوت السموات كلأمثال الستة التي تليه، فهو إظهارنتائج تفاعل الأرض التي يقع فيها زرع الله ” كلام الله” وهو يشمل جميع الذين يُنادى لهم باسم الرَّبِّ يسوع المسيح وسُلطانِه. إنَّ الزارع هو الربُّ يسوع المسيح والبذورهي كلام الله، فالبذورالتي ” تسقط الى جانب الطريق ” تُرى، ما الذي يحصل للبذور التي تسقط على جانب الطريق؟ إما تلتقطها الطيور وتأكلها كما ورد في” متّى ومرقس ولوقا” أو تدوسها الأرجُل كما جاء في “لوقا فقط ” وهذه البذورتتمّثَّل بالناس الذين يسمعون كلمة الله ولا يفهمونها، تأتي الشياطينُ ” التي شبَّهَها يسوع بالطيورالتي تأكُل البذور” في الحال وتنزعُها من قلوبِهم لكي لا يؤمنوا فينالوا الخلاص، والبشير لوقا الوحيد الذي يُفَسِّرطريقة ابليس بخطف الكلمة، حيث يقول: يغرز في قلب السامع أفكاراً شهوانية وإلحادية بحيث تنصاع لها حواسُه بقبول كُلِّ دنس وشهوة فيُصبح ذلك القلب مداساً للشياطين. ألَم يصف يسوعُ الإبليس “بأنَّه قتّال للناس منذ البدء وكذاب وأبو الكَذِب ” (يوحنا8: 44) ولكنَّ الله أرسل إلينا إبنَه الكلمة المتجسِّد، ليُنقذ نفوسنا من حالة الموت ” ويُعطي الحياة الأبدية لسامعي كلامه المؤمنين بمَن أرسله ” (يوحنا5: 24) ويقول القديس يوحنا في رسالتِه الأولى (3: 8) “وإنَّما ظهر ابن الله ليُحبِط أعمال إبليس” وقد قال يسوع: ” أنا القيامة والحياة مَن آمن بي، وإنْ مات فسيحيا ” (يوحنا11: 25) ألم يَخرُج لعازر من قبره بكلمة منه (يوحنا11: 43 – 44) فللمسيح يسوع القدرة لإحياء النفوس ايضاً. فكم هم الذين يسمعون أقوال الله ولا يحتفظون بقليل منها لنفوسهم لكي يمنعوا قلبهم من الإنجراف وراء أهواء العالَم وشهواتِه! إنَّ أمثال هؤلاء يُشبهون اولئك المدعويين الى العرس، فتهاونوا غيرمُبالين بالحضور واختلقوا لهم حُججاً لذلك، فمِنهم مَن فضَّل الذهاب الى حقلِه ومنهم مَن لاحق تجارتَه والأسوأ بينهم المعتدون على خدم العريس بالشتم ثم القتل (متّى22: 5).
أما البذور التي ” تسقط على الأرض الحَجِرة ” إنَّ هذه الحالة الثانية قد تبدو للوهلة الأولى أفضل من السابقة، ولكنَّها في الواقع هي مُهلكة ايضاً، فأيُّ قبول للكلمة بدون أن يكون لها امتداد عميق في نفس قابلها لا جدوى مِنه، ولذلك نبتَ الزرع في الحال ولأنَّه لم يكن له عُمق فيبس للحال ايضاً. ” إنَّ كلام الله حَيٌّ ناجع، أمضى مِن كُلِّ سيفٍ ذي حدَّين … ” (عِب4: 12 – 13) إنَّ كلام الله شديد التوغُّل الى أعماق الإنسان والحكم على أفكار القلب وأهوائه، لا يخفى شيءٌ عليه وكُلُّ شيءٍ مكشوف لعينيه، وقد قال موسى في صلاته ” جَعلتَ آثامَنا تُجاهَكَ وخفايانا في نور وجهِك ” (مزمور90: 8) فهذه البذورتتمثَّل بالناس الذين يسمعون الكلمة ويتقبَّلونها للفور بفرح، وحيث لا عُمق أو أصلَ لهم في أنفسِهم، اي إنَّهم عديمو الإيمان بعيدون عن التوبة ومحبة الله هُم مسيحيون بالاسم فلا يثبتون على حالةٍ، يُشبهون الجاهل الذي بَنى بيته على الرمل (متّى7: 26) أو العذارى الخمس الجاهلات (متّى25: 2) فهذا الفرح آنيٌّ لايؤكِّد جَنيَ فائدةٍ منه ينطبق عليه قول الله للنبي حزحيال بهذا الصدد < وإنَّما أنتَ له كأُغنيةِ حُبٍّ مِن ذي صوتٍ مُطربٍ يُحسِنُ العزفَ، فيستمعُ كلامَكَ ولا يعمل به > (حز33: 32) فإنْ حدث بعد ذلك ضيقٌ او اضطهادٌ فلا يثبتون أمام التجربة فيرتدّون، لأنَّ قبولهم للكلمة بسرعة دون أن يكون لهم شعورٌ باحتياجهم الى رحمة الله، لا يثبتون في حالات الضيق والإضطهاد. فإذا كُنّا للمسيح يتحتَّم علينا مُحاربة رغبات الجسد ذي الطبيعة الحجرية، < إنَّ الذين هم للمسيح يسوع قد صلبوا الجسدَ وما فيه مِن أهواءٍ وشهوات > (غل5: 24) ومن العسير علينا أن ننتصر بهذه الحرب إن لم يُسعِفنا الروح القدس فهو القوة القادرة فلنستنجد بها لنحيا ” أما إذا أمَتُّم بالروح أعمال الجسد فتحيون ” (روما8: 13) فإن أهملنا الإستعانة بوسائل النعمة نُحزِنُ الروحَ القدس لأنَّ ذلك يُخالف كلمة الله.
والبذور التي ” تسقط في الأرض المليئة بالشوك ” تتمثَّل بالناس الذين يسمعون الكلمة ويعترفون بها وقتياً، ولكنَّهم لا يستطيعون مُقاومة هموم الحياة الدنيا وفتنة الغِنى وسائر الشهوات الأخرى حيث تتحكَّم في تصرُّفاتِهم فلا يهتمون بكلمة الله فتبقى بلا ثمر، والناس الذين من هذا النوع كثيرون جداً ولا يُشبهون المتمثِّلين بالحَب الساقط على جانب الطريق أو المتمثِّلين بالحَب الساقط في الأرض الحَجِرة، لأنَّهم ذوو أفكار ومُعتادون على البحث بكُلِّ ما يتعلَّق بمصالحهم، فهم لا يستخفون بكلام الله، بل قد يخضعون له ظاهرياً، ولكن للأسف فإنَّ قلوبَهم مُترعة بهموم الدنيا والرغبة المُفرطة بالغِنى وهما العاملان اللذان يخنقان كلمة الله لكي لا تُثمر، فمثل هذا الصُّنف من الناس يتصفون بمحبة المال بشهوة كبيرة ويُحاولون عبثاً خِدمة الله والمال معاً “الأمر المستحيل”. ” أما الذين يطلبون الغِنى فإنَّهم يقعون في التجربة والفخ وفي كثير من الشهوات العَمِيَّة المشؤومة التي تُغرقُ الناسَ في الدمار والهلاك. لأنَّ حُبَّ المال أصلُ كُلِّ شر، وقد استسلم إليه بعض الناس فضلّوا عن الإيمان وأصابوا أنفسهم بأوجاعٍ كثيرة “(1طيمثاوس6: 9 – 10) ” وَصِّ أغنياء هذا الدنيا بألاَّ يتعجرفوا ولا يجعلوا رجاءَهم في الغِنى الزائل، بل في الله الذي يَجودُ علينا بكُلِّ شيءٍ لنتمتَّعَ به، وأن يصنعوا الخير فيغتنوا بالأعمال الصالحة، ويُعطوا بسخاء ويُشركوا غيرهم في خيراتِهم ليكنِزوا لأنفسِهم للمستقبل ذُخراً ثابتاً لينالوا الحياة الحقيقية ” (1طيمثاوس6: 17 – 19). إنَّ حُبَّ المال بإفراطٍ هو كالشوكِ الجارح حيث يَجرَحُ النفسَ بعُمقٍ ويؤلمُها بشدَّةٍ.
أما الكلمة التي ” تقع في الأرض الطيِّبة “، فتتمثَّل بالناس الذين يسمعونها ويتقبَّلوها بقلبٍ طيِّبٍ كريم فتُثمِرُ فيهم بثباتهم فيها. ويكون مردود ثمرِها بنسة 100% و60% و30%!. وهذه النِّسَب تُشير الى تبايُن الإستفادة بين متقبِّلي الكلمة مِن حيث التطبيق في الأمانة والغيرة والصلاة، ويظهر ذلك في الفضائل وأثمار الروح وتقديم العَون للغير، والمسيحيون مُطالَبون بالإجتهاد ليجعلوا مِن قلوبهم أرضاً جيدة، مُقتدين بايمان ابراهيم وصبر أيوب ومحبة يوحنا الحبيب وغيرة بولس الرسول لكي يتم فيهم قول المسيح يسوع < إلا إنَّ ما يُمَجَّدُ به أبي أنْ تُثمِروا ثَمَراً كثيراً. لم تختاروني أنتم، بل أنا اخترتُكم وأقمتكم لِتَذهبوا فتُثمروا ويبقى ثَمَرُكم > (يو15: 8 -16). لم يذكر الربُّ يسوع كيف صارت الأرض طيبة أو مُهيَّئة لقبول الزرع، لأنَّه أرادَ تركَ الأمر لمسؤوليةِ الإنسان وليس على عَمَلِ نعمةِ الله في نفس الإنسان! ولا ذكرَ شيئاً عن دينونة الناس السامعين الذين لم يكونوا على قدرالمسؤولية، مع العِلم بأنَّ الله سيدينُ كُلَّ إنسان بحسبِ النور الممنوح له. لذلك ينبغي التمَعُّنُ جيداً في هذا المثل فهو ذو فوائد شتّى. ولنعلم أنَّ قوَّة الموت الروحي الكامنةَ في نفسِ غير المؤمن بالمسيح تَمنعُه من قبول كلمةِ الله لنيل الحياةِ الأبدية، وهي ذاتُها قد تكونُ موجودةً في نفس الإنسان بعد ايمانِه، وقد تَعمل فيه فتضعه روحياً وتُثنيه عن الإثمار. وفي هذه الحال علينا بالسهر والصلاة، لأنَّه ليسَ كافياً كونُنا مؤمنينَ حقيقيينَ لنأتي بالثمار المطلوبة .
فالزرع أو البذورهي كلام الله الذي يُزرع في قلوب البشر فيحصلون على ولادةٍ جديدة لا مِن زرعٍ فانٍ بل مِن زرع لافناءَ له هو ” كلمة الله الحية الثابتة ” كما يقول الرسول بطرس في رسالته الأولى ” فإنَّكم وُلِدتم ولادة ثانية، لا مِن زَرع فاسدٍ بل مِن زَرعٍ غيرِ فاسدٍ، مِن كلمة الله الحية الباقية ” (1بطرس1: 23). تُرى، أليس من التراب أصلنا؟ ولكنَّ الروحَ القدس هو الذي يروي نفوسَنا كالمطر النازلِ من السماءِ الذي يروي اليَبَس (إشعيا44: 3 – 4) ” مَن سمع كلامي وآمنَ بمَن أرسلني فلَهُ الحياةُ الأبدية ولا يمثُل لدى القضاء، بل انتقلَ مِن الموت الى الحياة ” (يوحنا5: 24) ” إنَّ المؤيِّد الروح القدس المُرسلَ مِن الآب باسم المسيح، هو يُعلِّمُنا جميعَ الأشياء ” (يوحنا14: 26). ” مَنْ أعرضَ عَنّي ولم يقبلْ كلامي فله ما يَدينُه: الكلام الذي قُلتُه يَدينُه في اليوم الأخير ” (يوحنا12: 48) ” إنَّ كلامَ الله حَيٌّ ناجعٌ، أمضى مِن كُلِّ سيفٍ ذي حَدَّين … (عِب4: 12). إنَّ الكنيسة المقدسة تدعونا لنقرأ الكتابَ المقدَّس دوماً وبتأمُّل وبوفرةٍ لا بشِحَّةٍ لكي تُنقَّينا مِن أدراننا. يقول بولس الرسول بهذا الشأن ” فاذكروا أنَّه مَنْ زرعَ بالتفتير حَصدَ بالتقتير، ومَن زرع بسخاءٍ حَصدَ بسخاء ” (2قورنتُس9: 6) ويقول ايضاً في رسالته الى العبرانيين ” كُلُّ أرضٍ شَرِبَت ما نزل عليها مِن المطر مِراراً، نالت من الله بركة. أما إذا أخرجَتْ شوكاً وعُلَّيقاً، فتُرذلُ وتوشِكُ أن تُلعَنَ وتكونَ عاقبتُها الحريق ” (عِب6: 7 – 8). إنَّ كلمة الله هي حياة المسيح “الكلمة” حيث يقول مار بولس ” فإن صالَحنا اللهَ بموتِ ابنِه ونحن أعداؤه، فما أحرانا أن نَنجوَ بحياتِه ونحنُ مُصالَحون ” (روما5: 10) ويقول ايضاً ” فما أنا أحيا بعد ذلك، بل المسيح يحيا فِيَّ … ” (غلاطية2: 20) ويقول ” فالحياةُ عندي هي المسيحُ والموتُ رِبحٌ. ولكن … ” (فيلبي1: 21 – 23) .إنَّ حياة المسيح زُرعتْ فينا يوم عماذِنا ” بل دعوا الروح يَملأُكم … ” (أفسس5: 18 – 21).
أحسنت وبارك الله فيك أخي العزيز
السيد لؤي فرنسيس المحترم، أؤيد الاخوة اعلاه واريد اضافة شيء الا وهو ان منطقة سهل نينوى التي يكثر فيها المسيحيين…
الأعزاء أودا و فرج اسمرو المحترمين نعزيكم بوفاة المرحومة المغفور لها شقيقتكم إلى الأخدار السماوية، أسكنها الله فسيح جناته الرحمة…
الراحة الابدية اعطها يا رب و نورك الدائم فليشرق عليها. الله يرحم خلتي مكو الانسانة المحبة طيبة القلب. مثواها الجنة…
Beautiful celebration Congratulations! May God bless Oscar and bless his parents and all the family and relatives