المطران فرج رحو أمير وقمر شهداء الأمة الكلدانية
الشعب الكلداني من الشعوب العريقة الذي قطنت في بلاد ما بين النهرين والكتب التاريخية تؤرخ ماضيهم الى حادث الطوفان الذي غمر تلك الأصقاع في عصور سحيقة من الزمن الماضي، ويتجلى تاريخ هذا الشعب فيما خلفه من مظاهر حضارية في العلوم والفلسفة والإعمار فقد كانوا السباقين في اختراع الكتابة، وتدوين القوانين والشرائع التي تنظم حياة البشر، وشيدوا الجنائن المعلقة، واخترعوا العجلة، وقسموا لنا الوقت الى السنين والأشهر والأسابيع والأيام والساعات والدقائق والثواني. ومن اور الكلدانيين خرج ابو الأنبياء ابراهيم الخليل (بابان اوراهام).
وحينما اشرقت شمس المسيحية على هذه الديار كانوا من الأوائل الذين تقبلوا تلك الديانة في بلاد ما بين النهرين، ونبغ منهم الفلاسفة والعلماء والمفكرين، وعمل القائد اليوناني اسكندر المقدوني على نقل علومهم وعلمائهم الى اليونان للاستفادة منهم. وكان الفرس يعبدون آلهتهم ويستفيدون من علومهم.
بعد انبثاق المسيحية وانتشارها في ارجاء المعمورة، كان الكلدانيون هم السباقون في نشر تلك الديانة السمحاء في ارجاء العالم القديم، وفي بناء الكنائس والمدارس والأديرة، وواصلت كنيستهم الأنتشار نحو الشرق لتصل الى الهند وبلاد الصين ، ومن الجانب الآخر توغلت في اعماق الجزيرة العربية.
فيما يلي من العصور كانت الرغبة في إنهاء انفصال الكنيسة الشرقية عن الكنيسة الكاثوليكية الجامعة، وهكذا اثمرت تلك الجهود في اتحاد كنيسة هذا الشعب مع الكنيسة الرومانية وكان ذلك قبل خمسة قرون ونيّف. فكانت جهود الشعب الكلداني من هذا الأتحاد ترمي الى الأحتفاظ بالهوية القومية الكلدانيـــــــــة وعدم الذوبان في بودقة الكنيسة الكاثوليكية التي تجمع مختلف الشعوب والقوميات والأمم. وتحت يدي اليوم كتاب للمرحوم الاب الدكتور بطرس حداد بعنوان “الندايي واليباسي”
ويذكر فيه كيف ان الشعب الكلدانــــي كافح مع البطريرك الكلداني يوسف السادس اودو لأبقاء التراث واللغة الكلدانيـــــــــة والهوية الكلدانيـــــــــــة بوجه محاولات صهر وإذابة هذا الشعب في بودقة اللغة اللاتينية والطقوس الغربية، وفي تلك الأزمة التي حدثت في ( 1869 ـ 1889 ) في عهد البابا بيوس التاسع يقول الأب الدكتور بطرس حداد ص31 بشأن رسالة البطريرك اودو الى متصرف لواء الموصل: (.. اما من خصوص ما تفضلت سعادتكم بأننا عازمون على إحداث شئ مخل بمذهب ملتنا فهذا قط ما فعلناه ولا نفعله ابداً لأننا محافظون كل المحافظة على حفظ وصحة مذهبنا ومعتقدنا الكاثوليكي.. وهذا التمسك المذهبي مباح لجميع الملل النصرانية المستظلين تحت افياء الدولة العلية..، ويمضي الكاتب الى القول: وبينما كان الشــــعب الكلدانـي في غليان فهذا يؤيد البطريرك ويصفق لتصرفاته الشجاعة كان آخرون يعلنون الويل والثبور… ضد هذا الشيخ العنيد.. ) ويمضي الكاتب ص 33 الى القول: لبّى البابا بيوس التاسع طلب المجمع بأن يتدخل بسلطته العليا ليقول كلمته بخصوص ما يجري في بلاد الكلــــــــــدان.
إن وضع الشعب الكلداني اليوم لم يختلف كثيراً عن يوم أمس، وإن كان الماضي غارقاً في فيض المرارات والأزمات فإن اليوم ونحن نقرأ ونسمع الكثير عن حقوق الأنسان وحقوق الأقليات في المعتقد والكرامة الأنسانية، فإن الشعب الكلداني لا زال محروماً من حقوقه في بلاد الكلــــــــــــدان، وإضافة الى ذلك امتد الى هذا الشعب (الشعب الكلدانــــــــي) وبقية مسيحيي العراق حيث طالهم جميعاً موجات من الأرهاب والقتل والتشريد ونحن في هذا الشهر تمر علينا الذكرى الرابعة لأستشهاد نجم ساطع في سماء امتنا الكلدانيـــــــــــــــــة وهو المثلث الرحمات المطران بولص فرج رحو امير وقمر شهداء امتنا الكلدانيـــــــــــــــــــة.
إن الشعب الكلداني يحيي كل شهداء العراق الأبرار الذين ضحوا بحياتهم من اجل إعلاء شأن الوطن العراقي، لقد استشهد قبل المطران فرج رحو الأب رغيد كني شهيد الشباب المسيحي ومعه كوكبة الشمامسة الشهداء.
اما المطران فرج رحو فقد اختطف وعذب وبعد ذلك قتل. لقد كان الشهيد يحمل غصن الزيتون بيد والصليب في اليد الأخرى ويسير في غابة يقطنها الكثير من الوحوش التي لا تستطيع رؤية النور الذي يشع من جبين هذا الأنسان الممتلئ بالأيمان والمحبة لكل الناس، نعم كل الناس، حتى اعدائه، لقد اختطف من قبل جماعة من المسلحين بتاريخ 29 شباط/فبراير 2008 وذلك في منطقة النور السكنية شرق مدينة الموصل، حيث جرت واقعة الخطف بعد أن أنهى المطران (65 عاماً) طقوس صلاة “درب الصليب” (التي تقام خلال صوم عيد القيامة) وكان في طريق مغادرته للكنيسة فتعرض له مجهولون وأطلقوا النار على سيارته مما تسبب في مقتل سائقه واثنين من مرافقيه واختطافه ، ويوم 13 آذار/مارس 2008 عثر على جثته الطاهرة قرب مدينة الموصل.
في مقابلة أجرتها وكالة آسيا نيوز مع المطران فرج رحو وذلك في شهر تشرين الثاني/أكتوبر عام 2007 بأن وضع المسيحيين في العراق يزداد صعوبة خصوصاً في منطقة الموصل، وأشار المطران إلى أن مسيحيي المنطقة هم عرضة لتهديدات مستمرة من قبل الجماعات الإسلامية المتطرفة، كما ان المعاناة الحالية التي يعيشها العراقيين تشملهم جميعاً على اختلاف أطيافهم إلا أنها أكثر قساوة على المسيحيين الذين يجدون أنفسهم محاصرين بين خيارات محددة، فإما: الهجرة، او اعتناق الإسلام، او دفع الجزية أو الموت. وأضاف بأن ثلث المسيحيين غادروا الموصل بسبب الجماعات الإرهابية التي تتخذ من الدين ذريعة لجمع المال.
لقد كانت هنالك ردود افعال كثيرة على جريمة خطفه وقتله وذلك داخل العراق وفي مناطق العالم.فقد هذا اثار هذا العمل استهجان واستنكار الكثير من الشخصيات الدينية والسياسية في العراق والخارج مثل:
البابا بينيدكتوس السادس عشر، ندد بعملية خطف المطران واصفاً إياها بالجريمة البشعة داعيا لإطلاق سراحه على الفور.
ومن طرفه ناشد بطريرك الكنيسة الكلدانية الكاثوليكية الكاردينال عمانوئيل دلي الخاطفين لإطلاق سراح المطران رحو متمنياً أن يعم السلام المحبة في عموم أرجاء العراق.
وصرح البطريرك مار أدى الثاني رئيس الكنيسة الشرقية القديمة في بيان أصدره عشية اختطاف المطران رحو، صرح باستنكاره لعملية الخطف متمنياً أن يتم إطلاق سراحه حالاً.
ومن الكنيسة السريانية الأرثوذكسية أعرب المطران غريغوريوس يوحنا إبراهيم راعي أبرشية حلب عن أسفه وحزنه العميق لخطف المطران بولص رحو مناشداً خاطفيه إطلاق سراحه ليعود إلى كنيسته وإلى شعبه العراقي.
وفي بيان صحفي له أدان المطران عطا الله حنا رئيس أساقفة سبسطية للروم الأرثوذكس عملية الخطف معتبراً إياها “حادثة إجرامية ومأساوية” وأضاف “أن آلامنا وجراحنا في فلسطين لم ولن تنسنا جراح وآلام الشعب العراقي الشقيق” متمنياً عودة السلام والأمن لربوع البلدين.
واستنكر مجلس كنائس الشرق الأوسط عملية اختطاف المطران رحو على لسان أمينه العام جرجس إبراهيم صالح مشيراً إلى أن مثل هذه الأعمال تسيء لقيم العيش المشترك.
وفي رسالة بعثها إلى بطريرك الكنيسة الكلدانية أعرب رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي عن أسفه الشديد لخطف المطران بولس رحو، وأعلم البطريرك بأنه أعطى توجيهاته لوزير الداخلية جواد البولاني ومسؤولي الأجهزة الأمنية في محافظة نينوى لبذل جهدهم في إطلاق سراح المطران.
كذلك طالبت هيئة علماء المسلمين الخاطفين بإطلاق سراح المطران، مشيرة إلى أن هذه العملية تخدم مشروع الاحتلال الأمريكي في زعزة الوحدة الوطنية وتفتيت وحدة المجتمع العراقي، وتابعت الهيئة في بيان لها بأن المسيحيين العراقيين هم جزء من الشعب العراقي ولهم من الحقوق مالغيرهم من أبناء هذه البلد.
ودعا المرجع الشيعي قاسم الطائي الخاطفين إلى الحفاظ على حياة المطران وإطلاق سراحه .وقامت أيضاً مؤسسة شهيد المحراب الشيعية (التي أسسها السيد باقر الحكيم) بإصدار بيان تستنكر فيه عملية خطف المطران بولس فرج رحو واصفة خاطفيه بأعداء الشعب والوطن مطلبةً إياهم بإطلاق سراحه على الفور.
وأعربت المتحدثة باسم السفارة الأمريكية في بغداد ميرمبي نانتانغو عن استنكار بلادها لعملية الخطف.
وكذلك أدان العملية ممثل الأمين العام للأمم المتحدة ستيفان دي مستورا.
ومن جهته استنكر الاتحاد الأوروبي بشدة في بيان صدر عنه خطف رحو ودعا الحكومة العراقية لبذل جهدها من أجل إطلاق سراحه.
ودعا أيضاً الأمير الحسن بن طلال الذي يتبوء رئاسة مجلس أمناء المعهد الملكي للدراسات الدينية، دعا الخاطفين لإطلاق سراح المطران مشيراً لأن عمليات الخطف والقتل لاتمت بصلة للإسلام بل إنها تسيء إليه.
واستنكر تيسير خالد عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين عملية اختطاف المطران بولص معتبراً ذلك عملاً مسيئاً لقيم المحبة والتسامح.
وأدان مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ محمد رشيد قباني خطف المطران رحو محذراً من زج المسيحيين العراقيين في آتون الصراع القائم في العراق داعياً لإطلاق سراحه.
واستهجن المرجع الشيعي اللبناني محمد حسين فضل الله اختطاف المطران الكلداني مطالباً بإطلاقه وأضاف قائلاً: “ندعو الجميع للعمل على طمأنة المسيحيين في العراق، ليبقى هذا البلد ملتقى دينيا وإنسانيا لكل الاتجاهات والتيارات الدينية أو السياسية، وموقعا حضاريا لانفتاح الإسلام على جميع المواطنين بالرحمة والمحبة والحرية، وخصوصا أن العراق لم يشهد في كل تاريخه الوطني مثل هذه العمليات غير الإنسانية في الخطف والقتل والتشريد لكل أصناف المواطنين”.
وبعد العثور على جثمان رحو صرح العميد خالد عبد الستار الناطق باسم شرطة محافظة نينوى بأن محادثات قد جرت بين الخاطفين وأشخاص مقربين من المطران المختطف طلبوا خلالها فدية قدرها مليون دولار، وأكد أندراوس أبونا مساعد البطريرك الكلداني بأنه جرت بالفعل مفاوضات بين الجماعة الخاطفة ومسؤولين رسميين من الكنيسة لإطلاق سراح المطران ولكنه نفى علمه بموضوع الفدية.
وأعلنت مطرانية الكلدان في الموصل لوكالة الأنباء الإيطالية (آكي) بأن جثمان المطران سوف يدفن في مقبرة بلدة كرمليس في ضواحي الموصل، وأكد مصدراً لها بأنه بات من المؤكد أن بولص رحو قد توفي إثر أزمة قلبية، خاصة أنه كان يعاني من هذا المرض وتمكن سابق وبصعوبة من تجاوز جلطتين قلبيتين، إلا أن الحالة النفسية الصعبة والضغط الشديد الذي تعرض له في أيامه الأخيرة ساهما بإصابته بجلطة جديدة كانت قاتلة هذه المرة. وصرح مصدر أمني من شرطة نينوى بأنه كان قد تم العثور على جثة المطران في منطقة حي الانتصار بالموصل [32].
وفي يوم الجمعة 14 آذار/مارس تم تشييع المطران بولص رحو في كرمليس بحضور الكادرينال عمانوئيل دلي وممثلين عن باقي الطوائف الدينية وشخصيات سياسية واجتماعية مختلفة، واحتشد في المكان عدد كبير من العراقيين المسيحيين من مختلف المناطق للمشاركة في الجنازة، ورافق حرس مسلحين موكب المشيعين الذين كانوا يحملون الشموع والأزهار.
وخلال مراسيم التشييع بدا التأثر الشديد على عمانوئيل دلي الذي بكى الميت ودعا أبناء رعيته لعدم الأخذ بالثأر للمطران فهم “مجبرين على السير في طريق السلام” بحسب تعبيره، تحدث بعدها البطريرك عن مناقب المطران بولص، وبعد طقس الصلاة الذي استمر مدة ساعتين دفن الجثمان في كنيسة مار أدى.
أقول:
في الوقت الذي نحيي ونقف وقاراً وإجلالاً لشهداء الأمة الكلدانيــــــــــــــــة وفي مقدمتهم شيخ الشهداء الأمة الكلدانيــــــــــــــة فنحن الكلدان نوقر ونحترم ونقف إجلالاً لشهداء شعبنا المسيحي على اختلاف مذاهبهم وكنائسهم ولا نفرق بين شهيد كلداني او شهيد آشوري او شهيد سرياني او ارمني، انهم جميعاً ضحايا الظلم والعمل الإرهابي، كما نحيي ونقف اجلالاً لكل شهداء العراق من مختلف الأديان والقوميات العراقية التي طالها الظلم والأرهاب والحروب الداخلية والخارجية وغياب الأمن والأستقرار لعقود طويلة مرت على هذا الشعب المنكوب.
أحسنت وبارك الله فيك أخي العزيز
السيد لؤي فرنسيس المحترم، أؤيد الاخوة اعلاه واريد اضافة شيء الا وهو ان منطقة سهل نينوى التي يكثر فيها المسيحيين…
الأعزاء أودا و فرج اسمرو المحترمين نعزيكم بوفاة المرحومة المغفور لها شقيقتكم إلى الأخدار السماوية، أسكنها الله فسيح جناته الرحمة…
الراحة الابدية اعطها يا رب و نورك الدائم فليشرق عليها. الله يرحم خلتي مكو الانسانة المحبة طيبة القلب. مثواها الجنة…
Beautiful celebration Congratulations! May God bless Oscar and bless his parents and all the family and relatives