الكلدان ومشاريع التقسيم !!
لعل الزلزال الذي تعرّض له العراق منذ أستهدافه، والذي راح ضحيّته الملايين من العراقيين، لم يتعرّض له شعب بمفرده في التاريخ الحديث سوى ضحايا الحربين الكونيتين الأولى والثانية، وحتى في هاتين الحربين لم تتعرض دولة بمفردها لما تعرّض له العراق وشعبه من تدمير في البنى التحتية وملايين الضحايا من الشهداء والجرحى والمعوقين والمهجّرين والأيتام والأرامل فضلا عن نشر الفساد في مفاصل الدولة والرشوة والجريمة والأرهاب. وكان للمسيحيين العراقيين حصة الأسد في كل ذلك قياسا لنسبتهم العددية حيث تضاءل وجودهم في وطنهم من (مليون ونصف تقريبا) قبل الحصار الأقتصادي الجائر والأحتلال الأمريكي، الى نصف مليون أو أقل في الوقت الحاضر وهو أيضا مُعَرَّض لنزيف الهجرة المقيتة. ونحن عندما نتكلم عن المسيحيين نقصد جميع القوميات كالآثوريين والسريان والأرمن وبالأخص الكلدان الذين هم غالبيتهم العظمى، حيث يشكلون تقريبا ( 80% ) من العدد الأجمالي للمسيحيين في العراق والذين يُعتبرون السكان الأصليين للعراق (بلاد النهرين) الذين وصفهم المؤرخ العراقي المعروف، المرحوم عبد الرزاق الحسني
((أنهم هادئون، وادعون، متفاهمون مع الأكثرية المسلمة، مخلصون للحكم الوطني، ميّالون الى الثقافة و التطور)).
ولعل الكلدان هم الوحيدون الذين ليس لهم جذور أو أمتدادات خارج العراق، وبذلك فأنهم لا ظهير لهم سوى وطنهم وشعبهم العراقي ولأن جذورهم ممتدة الى أعماق تاريخه، فالأسناد الأيراني للأحزاب والمليشيات الشيعية في العراق ليس بخافِ على أحد، وكذلك الأحزاب الأسلامية السنيّة لها ظهير قوي من الدول السنيّة المجاورة، والتركمان لا أحد يجروء المساس بهم، وتركيا حاضرة دوما، وحتى الأحزاب الآثورية فمعظمها تمتد جذورها الى أورمي (أيرا ) وهكاري (تركيا) أضافة الى دعمهم من قبل آثوريي سوريا ولبنان، فضلا من أن لهم دعم وأسناد من قبل الأحتلال الأمريكي وجهات أخرى، وحدهم الكلدان هم مكشوفي الظهر حتى من أمريكا التي لم تُبالِ بالمصائب التي حلّت بهم، لا بل كانت سببا رئيسيا في غمط حقوقهم وأستحواذ الغير عليها، فلم تعرْ أذنا صاغية للأحتجاجات التي صدرت عنهم، وهم لا يطلبون سوى حقوقهم الأساسية كمكوّن رئيسي للشعب العراقي، اللذين سُلِبَتْ منهم ومُنِحَتْ للأحزاب الآثورية.
لماذا يرفض الكلدان اقامة المحافظة المسيحية؟
العامل الرئيسي هو أن الكلدان يعتبرون العراق (بلاد النهرين) كلّه (وليس جزءا منه) هو وطنهم الأصلي الذي لا بديل لهم عنه لذلك فهم حريصون عليه (حرص الأم على وليدها) تجاه أيّة مخاطر تصيبه، وهم يعتبرون أقامة محافظة مسيحية دخولا في مشروع تقسيم العراق وألغاء هويته الوطنية تنفيذا لمخطط أعدائه المتربصين به، وعليه فأنهم ومعهم جميع العراقيون المخلصين لوطنهم يرفضون كل مشروع يؤدي الى تقسيمه، وأعلنوا ذلك بوضوح على لسان مرجعيتهم الدينية المتمثلة ببطريرك الكلدان مار عمانوئيل الثالث دلّي وأساقفته الأجلاء، وكذلك أحزابه وتنظيماته الكلدانية المتمثلة بالحزب الديمقراطي الكلداني، والمنبر الديمقراطي الكلداني الموحد والتجمع الوطني الكلداني، والمؤتمر الكلداني العام – الذي عُقِدَ في (سان دييغو – كاليفورنيا) نهاية آذار الماضي، فضلا عن ضمير الأمة الكلدانية المتمثل بالأتحاد العالمي للكتّاب والأدباء الكلدان الذي تعتبر أقلام أعضائه سيوفا فكريّة للدفاع عن العراق والكلدان. وكذلك أيّد ذلك مؤخرا رئيس أوقاف شؤون المسيحيين الأستاذ رعد الشمّاع حينما صرّح
” لا نقبل ابدا ان تطرح مشاريع من قبل فئة صغيرة لا تمثل الرأي العام للمسيحيين، لمحاولة خلق كيان سيؤدي بالنهاية الى اخراج المسيحيين من دورهم وكنائسهم في نينوى، وهذا أمر خطير وأنا على علم ان الفاتيكان يرفض وبشدة هذه الفكرة والقيادات الروحية الكبيرة للمسيحيين حسب ما رأيتهم وقابلوني في مجلس النواب، ورجالات المسيحيين يرفضون هذه الفكرة، وهي فكرة فارغة تهدف الى تشتت المسيحيين في العراق” .
وليس الكلدان فقط من يرفض الفكرة بل المكونات الأساسية من مواطني السهل المزمع أقامة المحافظة عليه، منهم ممثلوا الأخوة الأيزيديين والأخوة الشبك، حيث صرح ممثل الأيزيديين، عضو مجلس النواب عن المكون الايزيدي امين فرحان جيجو بالقول
“إن “مشروع إستحداث محافظة للأقليات، يهدد اللحمة الوطنية والتعايش السلمي في البلاد، كما أنه يشكل خطراً على المكون الايزيدي“
أما السيد حنين القدو الشخصية الشبكية البارزة وممثل الشبك في البرلمان السابق فيقول في لقائه مع وفد التنظيمات الآثورية الذي زاره طالبا تأييده في مشروع المحافظة فيقول للوفد:
” اين مقومات هذه المحافظه ورقعتها الجغرافيه هل تسمح لنا بالحركه وهل حسبتم التغيرات السياسيه المحتمله فى المستقبل القريب والبعيد، القياده تجب ان تكون واعيه وتحسب الف حساب، وسلامه شعب المنطقه مسؤولية اخلاقيه وتاريخيه، نحن هنا نعمل لصالح شعبنا ولصالح العراق وليس لصالح اقليم او لصالح مشروع هدفه تقسيم العراق نحن من واجبنا توحيد الشعب العراقى ان كان كردا او عربا او اقليات ومن صالحنا ان نعيش فى عراق موحد وكل شعوبه محترمه وموحده ويحكمهم قانون واحد وحكومة واحده، هنا تكمن مصلحة الاقليات ومصلحة شعبها“
من يقود هذه الحملة لتأسيس المحافظة؟
لا شك أن البداية كانت فيما أُطلِقَ عليه ” الحكم الذاتي في المناطق التاريخية ” الذي أطلقته الأحزاب الكردية على لسان المجلس الشعبي، وهو وليد فكر السيد سركيس آغا جان، القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني عندما كان نائب رئيس وزراء ووزير مالية الأقليم في حكومة السيد نيجيرفان البارزاني، بغرض أقتطاع أجزاء من محافظة نينوى وضمها الى منطقة الحكم الذاتي في كردستان العراق، وهللت لها كالعادة الأحزاب الآشورية التي تستغل أية فرصة ولو وهمية لتنفيذ حلمهم القديم في ما يطلقون عليه أرض آثور، موضع التنفيذ، فسارعت القوى الآثورية متمثّلة بالأحزاب التالية وهي:
1 – الحزب الوطني الآشوري 2- حزب بيت نهرين الديمقراطي 3- الحركة الديمقراطية الآشورية 4- المؤتمر الآشوري العام (وجميع هذه الأحزاب لها أمتدادات خارج العراق )، يساندهم أيضا تنظيم السيد سركيس آغا جان “المجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري، الذي يضم البعض من الأحزاب الآشورية أعلاه أضافة الى بعض التنظيمات المجهرية وشخصيات كلدانية هرولت نحو المناصب والكراسي. غير أن يقظة الشعب العراقي وحسّه الوطني ومعه الكلدان، أفشلت هذه المحاولة، ولكن هل يأسَ التقسيميون في محاولاتهم؟
لم ييأسوا وهناك قوى تشدّ أزرهم! فكان تصريح السيد جلال الطالباني بأحداث محافظة مسيحية بحجة حماية المسيحيين!! فتلقّفتها ثانية الأحزاب الآثورية ومن يقف معها من أصحاب المنافع السياسية والمادية وبدفع من أصحاب المصلحة الحقيقية في تنفيذ مخطط تقسيم العراق الذي كان من أهم مقررات مؤتمرات المعارضة الذي تم تثبيته لاحقا في الدستور العراقي (دستور بريمر & فيلدمان) تحت عبارات الفيدرالية والأقاليم وغيرها، فقامت هذه الأحزاب بحملة مُكثّفة تدعمها الجهات التي تعمل على تقسيم العراق ومن بين هذه الحملات النموذج أدناه من نص بيان الأتحاد الآشوري العالمي الذي مركزه في شيكاغو – أمريكا فيقول:
“في محاولة لجعل المحافظة الخاصة بشعبنا في منطقة سهل نينوى واقعاً حقيقياً في العراق، سيستخدم الاتحاد الآشوري العالمي – الأميريكيتين خدمات برو بونو ( Pro Bono basis)، من شركة روتان وتاكر (ٌRutan & Tucker ) إحدى الشركات الرائدة في مجال العلاقات الحكومية والقانون السياسي ومقرها كاليفورنيا. يقود هذا المشروع آشور بيرايو، شريك روتان تاكر جنباً الى جنب مع ثلاث منظمات بحثية آشورية !! (1*)
ومما يؤسف له أن يكون من بين الداعين لما يسمى المحافظة المسيحية، مجموعة من أبناء الكلدان، الذين تم أغرائهم بالمناصب والكراسي والأموال، فنذكّرهم بهذا الحوار الذي دار بين الفيلسوفَيْن اليونانيين “ديوجينوس & أريستيبوس “حينما كان الفيلسوف “ديوجينوس” يأكل عدسا مسلوقا، فمرّ به الفيلسوف” أريستيبوس” الذي كان يعيش حياة ترف بفضل تزلّفه للملك، فقال له “يا صديقي ديوجينوس، لو تتعلم الزحف أمام الملك، لما كنت تتغذّى بطعام زريّ كهذا العدس المسلوق، فأجابه ديوجينوس، وأنت لو أنك تعلّمت أن تتغذى بعدس، لما صرتَ تزحف عند أقدام الملك!! .
(1*) http://www.gazire.com/cms/news-action-show-id-6887.htm
بطرس آدم
أحسنت وبارك الله فيك أخي العزيز
السيد لؤي فرنسيس المحترم، أؤيد الاخوة اعلاه واريد اضافة شيء الا وهو ان منطقة سهل نينوى التي يكثر فيها المسيحيين…
الأعزاء أودا و فرج اسمرو المحترمين نعزيكم بوفاة المرحومة المغفور لها شقيقتكم إلى الأخدار السماوية، أسكنها الله فسيح جناته الرحمة…
الراحة الابدية اعطها يا رب و نورك الدائم فليشرق عليها. الله يرحم خلتي مكو الانسانة المحبة طيبة القلب. مثواها الجنة…
Beautiful celebration Congratulations! May God bless Oscar and bless his parents and all the family and relatives