تشكلت الدولة العراقية الحديثة في سنة 1921 من قبل بريطانيا وعلى خلفية تفكك الأمبراطورية العثمانية ، وتتويج الملك فيصل الأول ملكاً على العراق ، يمكن الزعم ان هذا الملك ، الذي لم يكن عراقياً لكنه عمل من اجل وحدة العراق ومن اجل إرساء دعائم دولة عراقية حديثة ، وبعد 38 سنة سقط النظام الملكي بيد مجموعة من الضباط المغامرين لمعظمهم افكار قومية عروبية ، عازفين على وتيرة الوطن العربي الواحد دون الألتفات الى مصلحة الوطن العراقي اولاً ومن ثم الوطن العربي ، وكانت الأفكار الناصرية العروبية لاهبة لمشاعر الملايين في العالم العربي ، وبعد ذلك كانت سلسلة من الأنقلابات ، الى ان استقر البعث في الحكم ، لكن فترة البعث كانت ايضاً زاخرة بالحروب والصراعات الداخلية ، فكان العنف في معظم المراحل عناوناً رئيسياً للمشهد العراقي بدل الأستقرار والبناء .
بعد 2003 لم يختلف المشهد ، بل اخذ منحاً خطيراً حينما رتبت الأمور بجهة الأستقطابات المذهبية وان المناصب والسلطة يجري توزيعها وفق المحاصصة الطائفية .
لم تنتهي يوماً العمليات الإرهابية بشتى اشكالها الدموية لكن يمكن الزعم ان وتيرتها قد خفت مقارنة مع السنين 2005 و 2006 ، وفي كل الأحوال بقيت مظاهر تقسيم مدينة بغداد مثلاً فلا زالت الحواجز الكونكريتية تتاخم المعالم البارزة في بغداد منذ 2003 م .
الأنتخابات وصناديق الأقتراع لم تكن حاسمة في إنهاء النزاعات على السلطة ، ففوز العراقية بالأكثرية لم يؤهلها لتحكم لتكن على رأس الحكومة ، بل كانت الأجتهادات والتحالفات على هامش النتائج هي التي قررت من يكون على رأس السلطة ، ومن هنا احتدم الصراع وزادت وتيرته ، لكن تدخل الجهات التي يهمها الأستقرار في العراق ، ومبادرة البارزاني ، كانت الكفيلة بإخراج العراق بعد تعلقه في عنق الزجاجة ، وانشرحنا لحلحة الأزمة السياسية وشكلت الوزارة بعد توافقات مارثونية صعبة .
لكن التوافقات الهشة كانت في كثير من مفاصلها مبنية على نظرية ( السكوت) على فضائح او فساد الآخر ، فالمصلحة الوطنية كانت آخر المراهنات بل يمكن الزعم انها مفقودة . إن اي خلاف او تلكؤ في العملية السياسية تكون مصاحبة لسلسة من التفجيرات الدموية إن كانت بأحزمة او عبوات ناسفة او لاصقة او بالسيارات المفخخة .
ليس بعيداً إن اخذنا اقليم كوردستان مثلاً ، فإن الخلافات مع الأحزاب الحاكمة تحل في داخل البرلمان او باجتماعات واتصالات جانبية او بمقاطعة اجتماعات البرلمان او الوزارة ، ولم نسمع ان اي طرف يستخدم العنف الدموي لحل معضلاته السياسية .
إن لغة العنف هي المفهومة بالعراق ، ومع الأسف ان المواطنين الأبرياء هم الضحايا ، اما الساسة فلهم سياراتهم الواقية ضد الرصاص ولهم حراسهم ، فيكون الضحية المواطن المسكين .
إن لغة العراق في تفضيل العنف هي السائدة ، وإن تقسيم العراقيين الى مجموعات كل منها يريد فقط ان ( يحود النار لكرصتة ) ومن بعدي فلا نزل قطرٌ . هكذه كانت ثقافة العراق في العصر الحديث فها هو المرحوم الملك فيصل الأول يكتب في مذكراته السرية (حنا بطاطو ، العراق ج1 ص44 ) :
(( أقول وقلبي ملآن أسى أنه في اعتقادي لا يوجد في العراق شعب عراقي بعد ، بل توجد كتلات بشرية خيالية خالية من اي فكرة وطنية متشبعة بأباطيل دينية ، لا تجمع بينهم جامعة ، سماعون للسوء ، ميالون للفوضى ، مستعدون دائماً للانقضاض على اي حكومة كانت ، نحن نريد والحالة هذه ان نشكل من هذه الكتل شعباً نهذبه وندربه ونعلمه ، ومن يعلم صعوبة تشكيل وتكوين شعب في مثل هذه الظروف ، يجب ان يعلم ايضاً عظم الجهود التي يجب صرفها لأتمام هذا التكوين وهذا التشكيل )) .
اجل لم يتبدل شئ جذرياً فالوطن مقسم بين ولاءات دينية ومذهبية طائفية ، وهي مرشحة للاستخدام بيد اي فريق لا يعجبه الوضع ولم تصله قطعة من الكعكة التي يريديها . وفي المرحلة العصيبة الراهنة نلاحظ تخبط العملية السياسية وكأن الساسة المتربعين على قمة هرم السلطة يسترخصون دماء الناس ويحلو لهم مشاهد برك الدماء ولأشلاء المتطايرة ، حقاً انه توحش ودموية لا مثيل لها دون ان نلاحظ اي عقاب صارم لمرتكبي هذه الجرائم .
العراق اليوم تحوم في اجوائه السياسية مشاكل كبيرة ، انسحاب القوات الأمريكية والشكوك في قدرة وجاهزية القوات الأمنية العراقية ، الخلافات الحادة بين كتلتي العراقية ودولة القانون ، كتبت صحيفة تلغراف البريطانية تناولت الأحداث المتسارعة في العراق، منذ انسحاب القوات الأمريكية ، تحت عنوان: “تفجيرات العراق.. نوري المالكي يعلب بالنار عبر إضرام العنف المذهبي.” وبدورنا نتساءل من يتحمل مسؤولية دماء الأبرياء .
هل من اجل المناصب يمكن ان نحطم الوطن ؟
إن كل المسؤولين ينطقون على الدوام بكلام فلسفي منسق وجميل في مواعظ ونصائح للوطنية والإخلاص للوطن وللشعب ، لكن كل ذلك ممكن بشرط ان لا يمس الكرسي الذي يجلس عليه فهنا الخطوط الحمراء حيث يذوب الوطن والشعب في بودقة المصلحة الشخصية او المذهبية هذا هو الواقع ، وفي العراق على مستوى المسؤولين توظيف كبير لمسألة الطائفية المذهبية هذا هو الواقع ، وما يقال عن مصلحة الوطن العراقي فإنه كلام الليل يمسحه واقع اللهاث وراء المصالح الخاصة .
الأخلاص للوطن مفقود بين الساسة الذين يقفون على رأس السلطة .
ولو كان هناك إخلاص ووفاء للوطن لما كان العراق لحد اليوم بعد تسع سنوات غارقاً في الظلام وغارقاً في الفاساد الإداري والمالي .
ولما كانت السدود الكونكريتية حاجزة بين ابناء الشعب الواحد في المدينة الواحدة وفي المحلة الواحدة .
ولما كانت بغداد تقبع في المركز 220 في اخر المدن التعيسة في العالم .
العراق بلد ممزق بكل معنى الكلمة ويتحمل وزر ذلك الحكومة العراقية والبرلمان العراقي والرئاسة العراقية . إنهم جميعاً شركاء في تمزيق الوطن وليس في إرساء دعائم بنائه .
أحسنت وبارك الله فيك أخي العزيز
السيد لؤي فرنسيس المحترم، أؤيد الاخوة اعلاه واريد اضافة شيء الا وهو ان منطقة سهل نينوى التي يكثر فيها المسيحيين…
الأعزاء أودا و فرج اسمرو المحترمين نعزيكم بوفاة المرحومة المغفور لها شقيقتكم إلى الأخدار السماوية، أسكنها الله فسيح جناته الرحمة…
الراحة الابدية اعطها يا رب و نورك الدائم فليشرق عليها. الله يرحم خلتي مكو الانسانة المحبة طيبة القلب. مثواها الجنة…
Beautiful celebration Congratulations! May God bless Oscar and bless his parents and all the family and relatives