الدكتاتورية لفظة لاتينية تعني الحكم المطلق وحكم فرد مستبد لا يلتزم بموافقة المحكومين ، من الناحية اللغوية فإن اللفظة هي من الفعل (Dictate) بمعنى يملي والمصدر (Dictation) اي إملاء ، ونريد بها هنا إملاء الأوامر ،والمعنى السياسي المعاصر للكلمة تعني السلطة المطلقة للفرد ، وهنالك الدكتاتورية العسكرية وهي قيام طغمة من الضباط باحتكار السلطة او دكتاتورية الحزب الواحد .. قد يكون الحكم الدكتاتوري ضرورياً ومقبولاً في ظروف استثنائية كظروف الحرب او غيرها من الطوارئ التي ينبغي التنفيذ بسرعة دون اللجوء الى القواعد المرعية في الأنظمة الديمقراطية الدستورية .
وفي مقالنا حينما يتحدى الحزب الآشوري ويهمش إرادة الشعب الكلداني ومنظماته للمجتمع المدني وكنيسته الكلدانية وكتابه وأحزابه في إلغاء قوميته الكلدانية وتحويلها الى مسخ قطاري غير منطقي ، فإن هذا السلوك إن هو إلا نهج دكتاتوري لا يختلف عن اي حزب دكتاتوري في التاريخ .
في مقالنا اليوم امامنا صورة لهذا النهج ، وهو نهج وسلوك الحزب الآشوري المتسم بالغرابة والتساؤل ، فهو من ناحية قد طاله التنكيل والأضطهاد والتهجير ، وحينما رست مراكبه في العراق في اعقاب الحرب العالمية الأولى ، كان يستنجد ويستنكر ما طاله من مظالم ، واصبح مشرداً ليستقر في نهاية المطاف في العراق وأعداد مهمة منه تلوذ في دول المهجر . وفيما يخص موقفه من شعبنا الكلداني فلم تكن ثمة بوادر الأستعلاء والأقصاء بادية في هذا الحزب في ذلك الحين ، وإن كانت تتردد بعض الخلافات المذهبية الكنسية ، فإنها لم تكن بتلك القوة التي تعمل على تفكيك وتمزيق القبول الأجتماعي والتفاعل بين المكونين الكلداني والآشوري .
مبدئياً نحن مع الأخوة الآشوريين في ولائهم القومي ولا غبار على ذلك ، لكن نحن لسنا مع التزمت القومي ، إن كان تزمت قومي آشوري او غيره ، وفي مجال مقالنا نمضي مع الحزب الآشوري وتعامله مع شعبنا الكلداني ، فبعد التكوينات الحزبية التي كان لها طابع قومي ، حيث عكفت على الامتداد افقياً نحو المكون الكلداني ، وكان امامها استنباط تسمية الكلدو آشوري وهو شعار وضعه المرحوم آغا بطرس للقيام بحملته للعودة الى أرض الآباء ولسد الطريق امام التوجه الكنسي المذهبي للكنيسة النسطورية ، والتي ستتخلى ايضاً في اواسط القرن العشرين عن التسمية النسطورية لتنتقل الى التمسية الآشورية ، مسترشدة بصنوها الكنيسة النسطورية الكلدانية التي تخلت عن التسمية النسطورية بعد اتحادها وعودتها حضن الكنيسة الكاثوليكية الجامعة ، ومكتفية بالكلدانية كتسمية قومية والتي شكلت تسمية تاريخية لهذا الشعب قبل تنصره ثم اخذت طابعها الوطني القومي قبل حوالي 500 سنة ونيف .
لم تحقق القوات البريطانية آمال القبائل ( طيرايي ) الآثورية والتي ستصبح فيما بعد الشعب الآشوري لم تفلح في تلبية طموحاتهم بتكوين كيان لهم يتمتع بحكم ذاتي في العراق ، حينما تشكلت الدولة العراقية الحديثة في العهد الملكي ، واصبح وضعهم بتلك الدولة مساوياً ومقارباً من حقوق الشعب الكلداني والسرياني في الدولة العراقية الحديثة ، كمواطنين عراقيين ليس أكثر ، ويبدو ان هذه الحالة لم تروق للكثير منهم فآثروا الهجرة الى امريكا واستراليا وغيرها .
إن كانت بريطانيا لم تفلح في تحقيق احلامهم ، لكن امريكا حققت كثير من طموحاتهم إن لم يكن جميعها . فقد حلت عليهم النعم من السماء على يد الحاكم المدني الأمريكي السفير بول بريمر حينما اسقط حق الشعب الكلداني الأصيل من حقوقه التاريخية في وطنه العراقي وتكرم بها للحزب الآشوري تحت يافطة المكون المسيحي ، ونحن لسنا ضد منح الحقوق الكاملة للاشوريين ولحزبهم لكن نرفض رفضاً قاطعاً ان تكون هذه الحقوق على حساب حقوق شعبنا الكلداني ، ومع سيل النعم هذه كانت انتخابات 2010 ايضاً ليمنح مقعد المجلس القومي الكلداني لحزب الزوعا الذي لا يستحقه والذي يعود لحزب كلداني ، وهذه المرة بمباركة المفوضية العليا للأنتخابات .
لقد فعل الحزب الآشوري المستحيل ليزيح القوى القومية الكلدانية عن التمثيل في برلماني اقليم كوردسان والبرلمان العراقي الأتحادي ، فكان خطابهم ان القوى الكلدانية هم من الأشرار المقسمين للامة بينما القوى القومية العاملة في الحزب الآشوري هم الموحدون الصادقون وكلهم ملائكة ، وصرفوا الملايين من اجل تمرير تلك الخرافة ، وهكذا اقاموا الاحتفالات الصاخبة بهذا الفوز العظيم على مقسمي الشعب الأشرار ، لأن النصر كان حليف الحزب الآشوري الملائكي .
الى هنا المسالة طبيعية فليس ضد ان يكون واحداً من الآشوريين ممثلاً لنا كمسيحيين ، ويحضرني موقف في مطاوي التسعينات حينما كانت هنالك انتخابات لأعضاء المجلس الوطني وفي احد مراكز الأقتراع استلمت استمارة فيها اسماء وأنا لا اعرف اسماً من بينهم إنهم جميعاُ مخلصين لمبادئ ثورة تموز ، لكن واحداً من المراقبين لاحظ حيرتي وتأخري في التوصل الى الأسم الذي اريده فسألني : لماذا انت محتار ؟ قلت لاني لا اعرف احداً من هؤلاء . فقال الست مسيحي ؟ قلت نعم . قال إذن اعطي صوتك لغانم .. وهو مسيحي مثلك ايضاً ، فاقنعني الرجل ومنحت صوتي له .
في سورية واعتقد كان ذلك سنة 2005 كان هنالك لفيف من أقاربي قرب المركز الأنتخابي في دمشق ونصحتهم جميعاً بمنح اصواتهم لقائمة الرافدين التي يتزعمها يونادم كنا الآشوري ، فنحن الشعب الكلداني لا نفرق بين ابناء شعبنا المسيحي وليس لنا اي تعصب ديني او قومي او مذهبي . ونحن شعب يؤمن بالديمقراطية وبقبول الآخر كما هو بعكس الحزب الآشوري الذي يمارس دكتاتورية مفضوحة ، ويحاول إقصاء الآخر .
لكن هل رضي الحزب الآشوري بالمقسوم كما يقول العراقيون ؟
الحزب الآشوري مع الأسف بدل ان ينتهج الأسوب الديمقراطي الليبرالي الشفاف مع شعبنا الكلداني الطيب لجأ الى نظرية قومية عنصرية والى اسلوب دكتاتوري ليتعامل مع شعبنا الكلداني ، فرسم الطريق امام شعبنا بان يلغي قوميته الكلدانية ، وأن يغير تاريخه وفق رؤية الحزب الآشوري ، فيلغي تسميته التاريخية ويقبل بتسمية هجينة مشوهة ملصوقة بمادة ( السيكوتين ) ، فهو يبقي على اسمه الآشوري وعلينا بقبول التسمية المشوهة للتاريخ .
الحزب الآشوري لم يرضى بالأقتراح لآرائه ، إنما لجأ الى تطبيق نظريته المتعصبة الدكتاتورية بحق شعبنا الكلداني ، ومن يعصي اوامره فهو خائن وعميل وانقسامي ، ولم يكتفي بتوجيه التهم فحسب إنما سخروا ماكنتهم الأعلامية لفرض التسمية المشوهة غير المنطقية ، ومن لا يقبل بها فثمة المقاطعة والمحاربة ، ودأب الحزب الآشوري على أحتضان من يطيع اوامره وتقريبه و… لكن الويل كل الويل لمن لا يطيع اوامرهم ، حيث ينتظره المقاطعة وتوجيه التهم والتخوين والتعتيم الأعلامي بل وتشويه رأيه المستقل . فالماكنة الأعلامية بالمرصاد لكل من يخالف اوامر الحزب الدكتاتوري ، وبعض الأحيان يمتد الأجراء الى قطع الأرزاق .
احد شعارات البعث يقول : البعث نور لمن يهتدي ونار لمن يعتدي ، وقد كان هذا المنحى واضحاً في الحزب الآشوري باحتضان كل كلداني يرشق قوميته الكلدانية بحجارة ، ناسين او متناسين انهم بذلك يمارسون الحكم الدكتاتوري بحق شريكهم الشعب الكلداني الذي ينبغي عليهم ان يمارسوا معه لغة التفاهم والديمقراطية وليس سياسة القطيع ، إنهم يمارسون سياسة كسر العظم مع الكتاب الكلدانيين الذين يتشرفون ويفتخرون بقوميتهم الكلدانية ، وهذا السلوك المجافي للاخوّة والتعامل الديمقراطي الشفاف يمتد ليشمل جميع الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني لشعبنا الكلداني ، وهو كذلك مع الكنيسة الكاثوليكية الكلدانية وأساقفتها ورئيسها البطريرك عمانوئيبل دلي ، وليست الحملات التي شنت على الكنيسة بغائبة على اذهاننا .
السؤال هو : هل يتخلص الأحزب الآشوري من مرض نقص المناعة في تحمل النقد وينزع الى شئ من الأيجابية بحيث يتخلى عن نظرته الأستعلائية الدكتاتورية الأقصائية لشعبنا الكلداني ومنظماته وقوميته الكلدانية ؟
وهل ينزل عن برجه العاجي ويتعامل بأخوة ومودة مع شعبنا الكلداني بالتقرب من منظماته وأحزابه وكنيسته ؟ وهل يتخلى عن اسلوب شراء الذمم والكف عن تخوين الآخر ؟
إننا ننتظر ان يخرج الحزب الآشوري من ثوبه الدكتاتوري ليلامس ارض الواقع والمحبة والتعامل الديمقراطي الأخوي المبني على احترام مشاعر الآخر والأعتراف به كما هو وليس كما يريده الحزب الآشوري ،
إن الحزب الآشوري يمكن ان يستخدم قوة المال والإعلام والسلطة لاجبار الناس او إغرائهم لعمل شئ ما او ربما عدم نشر ما يعتمل في ذهنهم ، لكنه عاجز تماماً عن إجبارهم على التفكير بطريقة مختلفة .
ويبقى السؤال : هل يراجع الحزب الآشوري نفسه ويؤمن بالديمقراطية ويعامل الآخر بشفافية ومودة ، ويحترم الآخر دون وصاية منه ؟
السؤال موجه الى الحزب الآشوري والمنافحين عنه لاسيما من كتابنا الكلدان الذين اصبحوا في الآونة الأخيرة ملكيين اكثر من الملك .
مرحبا ميوقرا سلوان
تحية ومحبة
اجل نحن شعب مسيحي واحد ، ولا نقبل بأية تفرقة ، لكن هذا لا يمنع من تشخيص الأخطاء ، وإن السكوت عنها سيجعلها تتفاقم ولا يمكن علاجها بعد ذلك .
تقبل تحياتي
حبيب تومي
مرحبا ميوقرا سلوان
تحية ومحبة
اجل نحن شعب مسيحي واحد ، ولا نقبل بأية تفرقة ، لكن هذا لا يمنع من تشخيص الأخطاء ، وإن السكوت عنها سيجعلها تتفاقم ولا يمكن علاجها بعد ذلك .
تقبل تحياتي
حبيب تومي