أرسل غبطة البطريرك مار لويس روفائيل الأول ساكو اليوم الأحد، 19 أيار 2013، رسالةً إلى اكليروس الكنيسة الكلدانية في العالم كلّه بصفته “أب” للكنيسة وليتقاسم معهم “الهموم والطموح وتحمّل المسؤولية”. ودعا غبطته جميع الاكليروس إلى “وقفة تأملية جادة في وضعنا الحالي”، وتطرق إلى موضوع الحملة القومية وموقف البطريركية منها؛ وخطأ التقسيم بين الأغلبية والأقلية، ليؤكد على شمولية وانفتاح كنيستنا الكلدانية التي هم أمّ ومعلمة. الرسالة تحملُ أهميةً بالغة في خضمّ التحديات التي تمرّ بها الكنيسة، ولا تحتاج إلى قراءةٍ سطحية بل معمقة يرافقها الرجاء والأمل بمستقبلٍ أفضل والاستعداد للتعاون سويةً للنهوض بالواقع. إليكم أدناه نصّ الرسالة.
كنيستُنا جريحةٌ ومتألمةٌ ومُشّتتة لعدّة أسباب، منها: تدهور الوضع الأمني في العراق منذ سقوط النظام عام 2003؛ فقدان الرؤية عن الواقع والمستقبل؛ استمرار نزيف الهجرة؛ سفر العديد من الكهنة إلى الغرب وانتماءُ بعضِهم إلى كنائس أخرى؛ غياب المركزية وتغييب القوانين الكنسية التي تنظّم العلاقات والادارات. التركةُ ثقيلةٌ جدًا، لذا أرى نفسي مُضطرًا لأكتب إليكم، بصفتي أبًا للكنيسة الكلدانية جمعاء، فأتقاسم وإياكم الهموم والطموح وتحمّل المسؤولية. أدعوكم إلى وقفةٍ تأمليّة جادّة في وضعنا الحالي، من أجل لملمة ذاتنا وإنهاض كنيستنا واستعادة دورها، كما رسمه الرّب يسوع. إنها فرصة سانحة لنعمل معًا كفريقٍ واحد، وبروحيّة انجيليّة واحدة، لخدمة شعبنا من دون تفريق. فلا نبعثرنَّ الجهود ونضيعَّن الوقت في المتاهات!
الحملة القوميّة وموقف البطريركيّة
ليس عيبًا أن يُحبّ المرءُ قوميّتَه ويفتخر بها، لكن العيب أن يعتبر قوميّته أو طائفته أفضلَ الكلّ وفوق الكل، والأكثر سوءًا أن يشتمَ أو يعتدي على مَن ليسوا من قوميّته أو طائفته. حصلَ شيءٌ من هذا القبيل في الآونة الأخيرة، وترددتْ تساؤلاتٌ كثيرة حول موقف البطريركية من القوميّة أو السياسة، وحاولتْ بعضُ الأصوات تشويشَ هوية كنيستنا الكلدانية الكاثوليكية، التي نعتزّ بها، من خلال مواقع التواصل الاجتماعي بحُجة “حُرية التعبير”، ومن المؤسف أنّ موقعًا يعود إلى الكنيسة انجرّ وراء هذا التيّار. إنّهم أفرادٌ لا يرون إلا بعينٍ واحدة، ويسعون إلى إقحام الكنيسة في أهدافهم، لكن هذا لن يحصل أبدًا. نحن مؤسسة دينية، نرى الأمور بعينين مفتوحتين، وبشموليّة ومسؤوليّة كبيرة. هؤلاء الأفراد لن يزعزعونا قيد أنملة عن خطّنا ومنهجنا ومبادئنا المسيحية، في الأصالة والعودة إلى الجذور والينابيع الصافية والتجدد والتواصل.
أمّا الوحدة فهي التحدي الأكبر، لأن لا مستقبل لنا من دونها. اؤكدُ على الوحدة وأحمّلُ الجميع مسؤوليةَ تحقيقها بعيدًا عن التصلّب والجدل العقيم والتجزئة، خصوصًا أنّ البيانات المشتركة بين مختلف الكنائس تركّز على حقيقة الإيمان الواحد بالرغم من اختلاف التعابير. لنعمل جميعًا من أجل وحدة كنيسة المشرق، فكلّ انقسام هو خطيئة. لقد عشنا في زيارتنا الراعوية لأبرشية استراليا (2-16 ايار) لقاءاتٍ وحدويّة صادقة مع كنيسة المشرق، وستبقى محفورةً في ذاكرتِنا وقلبِنا، وهي حافزٌ قويٌّ للمضي قُدُمًا بثقةٍ وثبات.
في الكنيسة لا توجد غالبية وأقلية
قوّةُ الكنيسة في رسالتها وليس في أموالها، مهما كانت باهضة، ولا في عدد أبنائها. كثُر الكلام عن الأغلبية والأقلية في الكنيسة، عن الأغنياء والفقراء، عن الأقوياء والضعفاء وعن النصر المبين وكأننا في معركة. هذا عيبٌ. لو عدنا إلى الإنجيل، لرأينا أن القوّةّ هي للنخبة وللأمور الصغيرة كالملح والنور والخميرة والقطيع الصغير! بقاؤنا في العراق والمنطقة علامةُ أملٍ ورجاءٍ ومشاركةٌ بالرغم من تهديدات الموت!
كيف يسمح شماسٌ كاثوليكي لنفسه، أن يصرّح، من دون توثيق، بأن البطريرك تنكّر لهويته؟ وأن انتخابَه كان نتيجة سحبة حظ! هل ينبغي أن أقرع الناقوس كلَّ ساعة وأقول أنّي كلداني. ليعلم هو وغيره أنّه، ولأول مرة منذ أكثر من قرن، يتمّ انتخابُ بطريركٍ بهذه السرعة (يوم ونصف) وبأكثر من ثلثي الأصوات! هناك إجراءاتٌ قانونية تنظّم سلوكيات غير مسؤولة في الكنيسة (ق25 و1447 و1452) لا نتمنّى اللجوءَ إليها! النقدُ الإيجابي الموضوعي نقبله، وهو ظاهرة حضارية تساهمُ في النمّو والتطّور والرقي.
الكنيسة الكلدانية مسكونيّة ومنفتحة على الكل
الكنيسة الكلدانية الكاثوليكية كانت وستبقى منفتحةً على كلّ الأقوام واللّغات لأن المسيح أرسلها لتتلمذ جميع الأمم. واليوم يوجد فيها آثوريون وعرب وأكراد، هل علينا كلدنتهم؟ ثم ماذا عن كلدان مسلمين! نحن كنيسة كلدانية كاثوليكية نؤمن بالوحدة والتعدد، ومنفتحون على المسيحيين والمسلمين وغيرهم! ونؤمن بأن الصداقة هي في قلب الحياة الالهيّة، وانّ حياتنا المسيحيّة ينبغي أن تكون مطبوعة بها. ونحن الاكليروس، بجميع مراتبنا، لن نترك رسالتنا الإنجيلية لنتحول الى دعاة قوميّة وسياسة!
العمل القومي والسياسي مجالُ العلمانيين
إننا نؤكدُ أن مجال العمل القوميّ والسياسي هو للعلمانيين المقتدرين. ونحنُ نشجعهم على بناء مدارس لتعليم اللغة وإنشاء مراكز ثقافيّة واجتماعية تعنى بالتراث والفن والثقافة، وتشكيل أحزاب سياسيّة تدافع عن حقّ الناس وتحميهم، لكننا لا يمكن أن ننخرط فيها أو نكون داعين لها. هذا خطٌّ أحمر. نبقى نلتزمُ بدعوتنا الكهنوتية وخدمة كلِّ الناس من دون تمييز.
الكنيسة امٌّ ومعلمة
الكنيسة أمٌّ ومعلمة ولا تعارض بين الصفتين. التعليم نشاط يدخل بالعمق في الأمومة. الأُم تُدخِلُ طفلها في الجماعة البشرية بحبٍّ وصبر، وفي الكنيسة بإيمان وثقة ورجاء. الكنيسة أمٌّ في غاية الطيبة والحنان والمغفرة، تعلّم أولادها الحقيقة وتوجههم وتصحح مسارهم بقوّة، وتسلّط نورَ الإنجيل على مجمل الحياة، متحليةً بروح المحبة والحكمة والتحدي! وتؤكد مجموعة قوانين الكنائس الشرقية الكاثوليكية بوضوح على ما يأتي: “إن ما يعلنه رعاة الكنيسة، ممثّلو المسيح، بصفتهم معلمي الإيمان، أو ما يقرّرونه، بصفتهم رؤساء الكنيسة، يجب على المؤمنين أن يتلقّوه بروح الطاعة المسيحيّة، مُدركين مسؤوليتَهم الشخصيّة. وباستطاعة المؤمنين أن يُطلعوا رعاة الكنيسة على احتياجاتهم، لاسيّما الروحية منها، وعلى أمانيهم. ولهم الحق، بحسب ما يتمتعون به من علم واختصاص ومكانة، بل عليهم أحيانا الواجب، أن يبدوا رأيهم لرعاة الكنيسة في الأمور المتعلقة بخير الكنيسة، وأن يُطلعوا سائر المؤمنين على هذا [الرأي]، مع عدم الإخلال بسلامة الإيمان والاحترام [الواجب] للرعاة، ومع وضع المصلحة العامة وكرامة الإنسان في الاعتبار” (ق 15- البند 1، 2، 3).
أيها الاحبّاء
كأشخاصٍ مفروزين ومكرّسين، تبقى أولى مهامنا الرئيسية هي إعلانُ الانجيل ونقل الايمان بقوة الروح القدس والمحّبة والاخوّة بين البشر. في كل الرسامات يُسّلم الراسمُ المرتسمَ كتابَ القراءات أو الرسائل أو الإنجيل. وفي رسامة الأسقف يوضعُ الإنجيل على ظهره ليذكّره أنّ عليه حملَهُ بامانة إلى النهاية. دعوتنا لا تقبل المساومة ولا التوظيف لشيء آخر، بل هي موجهة إلى صورة المسيح لكي يتجلى جمالُه واشراقتُه فينا ومن حولنا. ومن هنا أدعو كل أعضاء الاكليروس إلى قراءة دستور “نور الامم” في الكنيسة وقرار “الدرجة الكهنوتية” في حياة الكهنة وخدمتهم الراعوية، من أعمال المجمع المسكوني الفاتيكاني الثاني قراءةً معمقة، وإلى الالتزام بدعوتهم المقدسة.
كما أدعو الرهبان إلى الالتزام بحياتهم الديرية ونذورهم الرهبانية (العفة والفقر والطاعة)، أي بعطاءٍ مطلق للذات في حياةٍ مشتركة تدعمها الصلاة والتأمل والإصغاء والحرية للإنطلاق حيث تناديهم الكنيسة، وينبغي ألا ينسوا أنهم كانوا في ريادة نهضة الكنيسة الكلدانية ونشر رسالتها.
أيها الأحبّاء،
حان الأوان لندرك أن كنيستنا الكلدانية الكاثوليكية مدعوَّة في وجدانِها وضميرها إلى أن تُحوِّل واقعَها إلى نور القيامة والحياة والتجدد، وبالتزام كاملِ الوفاء، وأن يُساهم ابناؤها، رجالاً ونساءً، مساهمةً فعالة في رسم مستقبلها بخطوط واضحة، لا بالكلام والانتقادات، بل بالافعال والاقتراحات وبمنهجيّة علميّة سلِسة تغدو قوّة تغيير فاعلة في المجتمع. وهذا يتطلب أن نتعاون ونتكاتف، وهو معنى وكُنه وقوة عمل السينودس القادم عن قريب.
هذه الملاحظات، في اعتقادي، هي إحدى الطرق التي بها نبني كنيستنا ونسندها بمحبة وسخاء، ونتخلص بواسطتها من فخ الفردانية الأنانية والتجزئة. وأختمُ دعوتي بعبارة الرسول بولس هذه: “وبعدُ، أَيُّها الإِخوَة، كونوا على رأَي واحدٍ وعيشوا بِسَلام، وإِلهُ المَحبَّةِ والسَّلامِ يَكونُ معَكُم” (2 قورنثية 13/11).
أحسنت وبارك الله فيك أخي العزيز
السيد لؤي فرنسيس المحترم، أؤيد الاخوة اعلاه واريد اضافة شيء الا وهو ان منطقة سهل نينوى التي يكثر فيها المسيحيين…
الأعزاء أودا و فرج اسمرو المحترمين نعزيكم بوفاة المرحومة المغفور لها شقيقتكم إلى الأخدار السماوية، أسكنها الله فسيح جناته الرحمة…
الراحة الابدية اعطها يا رب و نورك الدائم فليشرق عليها. الله يرحم خلتي مكو الانسانة المحبة طيبة القلب. مثواها الجنة…
Beautiful celebration Congratulations! May God bless Oscar and bless his parents and all the family and relatives