ايها القراء الاعزاء هنالك معلومة سوف ادرجها في هذه المقالة لاهميتها وهي:
لقد دأب المدافعون عن اخطاء وآثام العائلة الشمعونية الى استخدام كل الوسائل المشروعة وغير المشروعة لتبرير هذه الاخطاء وألآثام ومنها سرقة مارشمعون لما يقارب اربعمائة وخمسين الف دولار من الاموال التي تبرع بها الشعبُ الامريكي لمحتاجي الآثوريين في الخابور ووردت هذه المعلومة على لسان المرحوم يوسف مالك التلكيفي سكرتير مارشمعون آنذاك في كتابه (الله والحق ) كما وردت على لسان المرحوم مالك لوكو في كتابه (الكفاح الاثوري من اجل البقاء) ولكن حجة المدافعين عن العائلة المارشمعونية كانت بان هذه العائلة كان موردُها لا يتجاوز الخمسين باوند (اي خمسون دينار عراقي آنذاك) وقال احد المطارنة بانها كانت تقبض خمسة وستين باونداً، وان الخونة الذين بقوا في العراق كانت الحكومة العراقية تعطيهم آلاف الدنانير …. ايها الاخوة الاعزاء ان آباء واجداد هؤلاء كانوا من الذين بقوا في العراق اي انهم كانوا مشاركين او مؤيدين لقبض ألآلاف التي يدعونها (اي كانوا مشاركين في الخيانة )ولكنني هنا ساقارن لكم بين ما كانت تقبض هذه العائلة من الاموال وبين رواتب العائلة المالكة العراقية وفق وثيقة المركز الوطني لحفظ الوثائق في الاضبارة التي تضمنت الاسرة المالكة:
اولا : كان راتب الملكة :476 روبية ويساوي 28 دينار اي 28 باوند
ثانيا : راتب الامير غازي يعادل 9 دنانير
ثالثا : راتب كل من الاميرتان خمسة دنانير
رابعا : رفضت وزارة المالية الصرف على الامير غازي عندما كان يدرس في لندن وقالت انها مسؤولة فقط عن مصاريف تدريسه وان الملك فيصل الاول كان يطلب سلفة عندما يسافر ويسددها باقساط شهرية من راتبه …..
اضافة الى ما كان يستقطع من رواتب ضباط ومراتب الليفي للعائلة الشمعونية فاين اصبح العوز الذي يبررُ السرقة؟ لا بل ينكرها بالرغم من انها ذكرت على لسان اقرب المقربين الى العائلة والتي كانت السبب المباشر للابتعاد عنها بعد كشفهم لها ……
ايها القراء الاعزاء سوف ابدا بتكملة المسرحية الانكليزية الشمعونية للايقاع بقادة الامة المخلصين:
كما وكان الانكليز يخشون ايضا من قيام الاثوريين بالتعاون مع العناصر العراقية الوطنية ضدهم لان بعض الشخصيات العراقية كانت تحاول الاتصال بزعماء الاثوريين غير الموالين للانكليز بهذا الصدد.
3 / مطالبة جميع الاثوريين الموجودين في مخيمات بعقوبة والساكنين في مناطق اخرى باعادتهم الى مناطق سكناهم الاصلية .
4 / وجود اتفاق سري بين مارشمعون بعدم اشتراك الموالين له في تلك الحملة لابقائهم بعيدين عن الاخطار استعداداً للجولة الثانية ….
بعد ان نجحت القوات الاثورية بسحق كل المقاومات التي جابهتها في تقدمها نحو اهدافها واصبح الطريق مفتوحا امامها للعودة الى موطنها في هيكاري واورميا بالرغم من كل العراقيل اللوجستية التي زرعها البريطانيون امامها لجا الانكليزُ وبالتعاون مع سرمة خانم بتنفيذ مخططهم الثاني بافشال الحملة وذلك ما قاله اغا بطرس في مذكراته والذي كان : اقتباس
بينما كنا في غمرة انتصاراتنا عندما اصبح طريق اورميا مفتوحا امامنا بعد ان عبرنا نهر الزاب الى ضفته الاخرى بجهود المقاتلين الممتازة وصلت سرمة خانم الى الموصل عائدة من لندن وفجاة بدأت ظاهرة سياسية غير متوقعة اذ الصقت اعلانات على مساكن عوائل المقاتلين توعزُ اليها بترك مخيم مندان في 1 كانون الثاني سنة 1921 للالتحاق بازواجها وكانت تلك الاعلانات موقعة من قبل المستر جارج الانكليزي الذي جاء مع سرمة خانم من لندن ولما كان ذلك في فصل الشتاء القارص حيث كانت الجبال مغطات بالثلوج كان من المستحيل على تلك العوائل السيرَ عبرها في تلك الظروف الجوية دون توفر البغال لها ولعدم تواجد الرجال معها لمساعدتها .. فلذا اسرعت تلك العوائلُ باخبار رجالها المقاتلين عن طريق رسائل ارسلتها بواسطة احدى السيدات المحترمات المسماة توريز خاتون زرجة السيد اوراهم البرواري ومن اقرباء المطران مار يوآلاها، وعند وصول هذه الرسائل الى الجناح الايسر من قطعاتنا اخذت هذه القطعات العودة من الجبهة لمساعدة عوائلهم وفجاة علمنا انا وسيادة ملك خوشابا بعودة الجناح الايسر من قطعاتنا لنجدة عوائلهم تاركيننا لوحدنا مع مالك خمو من عشيرة جيلو والقس داؤود من عشيرة تخوما والاستاذ شاهين من عشيرة باز وفوج آثوري من اورميا مع ستة رشاشات والمدفعية وان القوة التي رجعت تركت المدافع والرشاشات في تلك الوديان الضيقة . ومع ما فيه تمكن اغا مرزا ووحدة آثوريي اورميا بصعوبة كبيرة من سحب اسلحتها الثقيلة واما السلاح الباقي فنحن جنرالات القوات الاثورية كنا ننقله على اكتافنا وهكذا بعد ان هزمنا الاكراد نهائيا، ومهدنا طريقنا من الموصل الى اورميا عدنا الى مخيم مندان فرحين فخورين معتقدين بانه بعد استراحة قصيرة سوف نواصل تقدمنا الى اورميا عن طريق راوندوز .. وبينما نحن في المخيم شاهدنا سيارة قادمة من الموصل وخرج منها كل من سرمة خانم والكولونيل (اون) والمستر (جارج) الذين طلبوا حضور رؤساء الملة الاثورية عندهم للاستماع الى كلمة تلقيها عليهم سرمة خانم وبناءً الى ذلك حضرنا بكل سرور وقبلنا اياديها الطاهرة ثم طلب منا الكولونيل اون ان نصغي الى كلمة الليدي (خاتون) سرمة !!!!!ّ فاصغينا الى كلمة سرمة خانم القادمة من لندن بكل شوق آملين منها انها قد حملت لنا معها بشرى التحرير. الا انه يا لسوء حظ امتنا فهذه هي الكلمات التي سمعناها منها:
1/ لا يوجد بعد الان ريبارتيشن (العودة الى الاوطان)
2 / ينزع سلاحكم من قبل الحكومة البريطانية
3 / يجب ان يسكن جميع الاثوريين في لواء الموصل
4 / المخالف سوف يعاقب
ومنذ ذلك اليوم اصبح كل من سيادة الجنرال ملك خوشابا وانا معزولا عن الاثوريين واعتُبرنا خائنين حيث تم سجن الرؤساء التابعين لنا، وتعرَّضَ قساوستنا للضرب بالعصي، وجُردنا من سلاحنا وبيعت بغالنا. وكان كل من المستر ويكرام والمطران مارطيماثيوس يخطب في الحشود المجتمعة محاولين ترغيب الاثوريين في السكن بلواء الموصل. وعليه فسكن قسم صغير جدا منهم اي ما تحويه ثلاثة مخيمات غير كاملة من مجموع سبعة عشر مخيما وكلهم كانوا من اتباع مارشمعون من اهالي ماربيشو وقوجانس ومعهم كل من مالك اسماعيل ومالك شمزدين الذين انضما اليهم مع اتباعهما في لواء الموصل دون سلاح موزعين بين عقرة ومدينة الموصل وضمن العشائر الكردية المسلحة… ويؤسفني ان اقول بان عددا كثيرا منهم مات بسبب مياه الشرب غير الصالحة للشرب والمناخ الغير صحي… واما القسم الاخر والاكبر من العشائر مع آثوريي برواري بالا والبوطانيين رفضوا السكن في لواء الموصل وطلبوا العودة الى اوطانهم مع آثوريي اورميا… وبعد تحمل مصائب كثيرة عادت هذه العشائر الى اوطانها الاصلية حسب خطتنا الاولى المبنية على رغبة غالبية الاثوريين، ثم اعلن بعد ذلك مالك شمزدين واتباعه الذين سكنوا في ولاية الموصل بانهم سيلتحقون ايضا باخوانهم الذين سافروا الى اوطانهم الاصلية. وحيث أن الطريق كان مفتوحا فصَعُب منعهم من الالتحاق باخوانهم لذا لم يرَ الانكليز بدا من الموافقة فورا على عودة مالك شمزدين وجماعته الى وطنهم… وكذلك شرع آثوريو اورميا بالهروب الى ايران تحت ظلروف صعبة جدا، الا انه سرعان ما اغلق طريق هروبهم، ومع ذلك فقد قام البعض منهم بالعودة الى الموصل امثال القس موشي وبنيامين ارسانس والاستاذ اندراوس من قرية ديكلة. ويؤسفني ان اقول بانه وقعت في حوزتي رسائلُ لبعض المسؤولين الانكليز التي لا ازال محتفظا بها حتى الان بخصوص البعض من رؤسائنا (العائلة الشمعونية) الذين كانوا يعملون ضد مصلحتنا القومية! فقد ورد في احدى تلك الرسائل بان مارشمعون لا يرغب ان يكون الاثوريون احرارا بل يريدُهم ان يكونوا تحت السلطة البريطانية للاسباب التالية:
1 / اذا تمكنت الامة من الحصول على حريتها ستكون المراكز القياادية لذوي الكفاءة من المثقفين، بينما هم لا يستطيعون حل مسالة حسابية بسيطة.
2 / يعتقدون ان بقاء الاثوريين تحت سيطرة الانكليز سيضمن لهم دائما المراكز القيادية العليا ذات الرواتب الضخمة التي يحتلونها الان، فضلاً عن ميلهم الى حياة اللهو والترف.
3 / يعتقدون بان بوجودهم تحت سيطرة الانكليز وببقاء الاثوريين معهم ظاهرياً سيكسبون الجنسية الانكليزية ناسين او متناسين ما كان نصيب الامير فيصل والعرب من هذا الإعتقاد..
4 / يعتقدون ان عاقبة قيامهم باعمال الغدر والخيانة وقتل الكثير من المسيحيين الابرياء فيما مضى، ستكون قاسية في حالة نيل الأمة استقلالها، لأنَّ اقارب هؤلاء القتلى سيُقدمون على الانتقام منهم، الا انهم سيكونون في مأمن ما داموا تحت السيطرة الانكليزية…
5 / لا يريدون ان يجعلوا انفسهم غير مرغوب بهم لدى الانكليز بتحركهم خطوة الى الامام من اجل مصلحة الاثوريين لكي لا يخسروا الرواتب العالية التي يدفعها لهم الانكليز في هذه الظروف الاقتصادية الصعبة…
6 / يعلمون جيدا اذا عاد آثوريو اورميا الى وطنهم سوف يخرجون عن سيطرتهم. ولقد قال احدهم في احدى المناسبات (انني اريد ان يبقى آثوريان فقط تحت سيطرتنا افضل من ان يكون الملايين منهم احرارا) فبالله عليك ايها الفاريء الكريم هل يتفق هذا المنطق وروح العصر؟ فاذا قلنا الحقائق للناس يتهموننا بالخروج على رئاسة مارشمعون .. وها انا اقولها لكم بصراحة ايها الاخوان فاذا كنت اكره مارشمعون فليكرهني الله، وإن لم اكن صديقهم الصدوق دوماً، فالله لا يكون في عوني، وجل ما اقصده هو انني لا اريد الهلاك لهم ولا لابناء امتي … انتهى الاقتباس من مذكرات اغا بطرس.
كانت نهاية الجزء الاول بارسال ملك خوشابا اثنين من رفاقه للحصول على المعلومات عن مصير الاثوريين في اورميا من اكراد المنطقة الذين رافقوا القوات التركية في اورميا وعادوا الى بيوتهم والتي استغرقت رحلتهما اثني عشر يوما وعند وصولهما الى برواري بالا وجال علما بان جميع العشائر في اورميا كانت قد رحلت الى جهة مجهولة ولم يبقَ فيها الا بعض الاسرى من اثوريي اورميا فقط . وبعد الإطلاع على هذه المعلومات قرر ملك خوشابا العودة مع رفاقه الى اورميا ليقفوا على المعلومات الحقيقية عن مصير الاثوريين بانفسهم وكان ذلك في شهر ايلول. وعند وصولهم قرب الحدود الايرانية شاهدوا قوافل كردية كثيرة فاختفوا في احد الكهوف ثم قرروا الذهاب الى قرية تازة التي كانت قريبة من مدينة اورميا والتي كان الاستاذ شموئيل يلدا وبعض العوائل الاثورية من عشيرة ملك خوشابا يسكنون فيها قبل سفرتهم هذه . كان اغا القرية صديقا لهم لانهم كانوا قد قاموا بانقاذه من الموت والمحافظة على امواله عدة مرات فكانت ثقتهم به عالية جدا . ولما وصلوا الى القرية المذكورة التقوا بزوجة الاغا في دارها وسالوها عن مصير الاثوريين فاخبرتهم بوجود شخص امريكي وبعض الاسرى من الاثوريين في دور الامريكان التي كانت تحتوي على بناية الكلية ومستشفى ومدرسة متوسطة واخرى ابتدائية مع المرافق الاخرى . ولما كانت هذه المباني قد وضعت تحت حراسة القوات التركية المشددة قرر ملك خوشابا ارسال بعض رفاقه الى هذه المباني التي كانت تسمى بالقلعة لتزويده بالمعلومات المتوفرة عن مصير الاثوريين . فذهب كل من الاستاذ شموئيل يلدا الذي كان تلميذا في هذه القلعة في صغره ويعرف جميع مسالكها وابوابها ومعه لازار اوشانا بكوكا (البطل الذي احرق جسر جيماني في احدى المعارك لمنع الاكراد من العبور الى الجهة الاخرى وجرح في تلك المعركة حيث وقفت والدته على راسه وقالت له مباركة جروحك يا ولدي) والاخر بُرجم خوشابا وساروا ليلا حتى وصلوا قرب القلعة حيث شاهدوا حراساً من جنود الاتراك واقفين على ابوابها وكذلك كانت معسكرات الاتراك منتشرة في كل مكان الا انهم تمكنوا من الدخول عبر ثغرة في سياج بستان القلعة حتى وصلوا الى سياج القلعة الرئيسي . كانت كافة الثغرات مسدودة في هذا السياج حتى السواقي المارة تحته لِذا اضطر السيد شموئيل يلدا على تسلقه من على اكتاف برجم خوشابا ولازار اوشانا ثم عبروا السياج الثاني الذي كان اقل من الاول ارتفاعا حتى وصلوا باب القلعة فوجدوه موصَداً. وبينما كانوا يعبرون السياج الاخير شاهدوا الجنود الاتراك منتشرين في ساحة القلعة لذا اضطروا الى المبيت تلك الليلة في البستان المحيط بالقلعة. وفي اليوم التالي شاهدوا بابَ القلعة مفتوحا وامامه حارس تركي حاملا سيفه. فتقدم السيد شموئيل يلدا نحو الباب بعد ان ترك رفاقه في وضع المراقبة ودخل القلعة بسرعة خاطفة ملقيا نفسه في احدى السواقي القريبة من الباب وزاحفا على بطنه حتى وصل امام باب دار المعلمين فيها. وراى امراة عجوزاً تخرج من الدار وتطلب ماءً من احد الاشخاص فمسك بطرف ثوبها مما جعلها تصرخ وتركض من فرط خوفها. الا انه بادرها قائلا باللغة الاثورية (لا تخافي ايتها العجوز لانني آثوري مثلك) وردت عليه بقولها بانه من رجال اسماعيل اغا الشيكاكي الذين قتلوا قبل بضعة ايام الاستاذ يوخنا مدير المدرسة. نفى ذلك الاستاذ شموئيل واخذ يصلي لها الصلات الربانية حتى هدات وصارت تعرفه. ولما علم منها بوجود كل من الدكتور باكرات وزوجته السيدة جيني داخل تلك الدار سلم لها رسالة ملك خوشابا راجيا تسليمها الى الدكتور باكرات الامريكي الذي كان موجودا معهم في الاسر. فسلمتها بدورها الى السيدة جيني التي حملتها حالا الى الدكتور باكرات. كان ملك خوشابا قد ذكر في رسالته بانه ارسل الاستاذ شموئيل ورفاقه اليه كفدائيين لاستقصاءِ المعلومات المتوفرة لديه عن مصير الاثوريين .
فاستغربَ الدكتور باكرات من تمكنهم من دخول القلعة ثم اخبرهم بعد قراءة الرسالة بانه سيزودهم بالمعلومات المطلوبة بعد اربعة ايام. وبعد ان تم تزويدهم ببعض الملابس والمواد الغذائية التي كانوا بامس الحاجة اليها عاد الاستاذ شموئيل يلدا وحملها حتى الباب حيث كا رفيقاه في انتظاره فحملوها ودخلوا البستان مسرعين حيث بقوا هناك حتى حلول الظلام ثم تحركوا ليلا متسللين بين الاتراك والاكراد حتى وصلوا مخبا ملك خوشابا في قرية قوانة . وبعد انتهاء مدة الاربعة ايام التي طلبها الدكتور باكرات عاد كل من الاستاذ شموئيل يلدا والشماس طليا يونادم واسخريا شمعون وتوما كوركيس لاستلام جواب رسالة ملك خوشابا. وعند وصولهم قرب القلعة دخل شخصان منهم الى بستانها وبقي الاخران خارج البستان ثم تسلق الشماس طليا حائط القلعة المقابل للمنطقة التي يسكنها الاسرى الاثوريين فنزل من باب السطح. وعلم من الاسرى بانه قد تم تسفير الدكتور باكرات وجميع الاجانب من قبل القوات التركية الى تبريز كاسرى حربٍ. عاد حاملا معه قليلا من الخبز والزبيب واخبرَ رفاقه بذلك فعادوا جميعا الى مخبئهم في سياوش. ولما وصل ملك خوشابا وحمايته الى ذلك المخبا ارسل الشماس كندلو بثيون لدخول القلعة والتي دخلها بسهولة لان جنود الاتراك كانوا قد غادروها ولم يبقَ فيها الا بعض الحرس من الايرانيين فقط وتاخر كثيرا داخل القلعة منتظرا تجهيزهم بثلاثة اكياس من الخبز وبعض علب الحليب. وهرب معه ثلاثة من الاسرى كما وارادت عدة نساء الهرب معهم الا ان ملك خوشابا رفض ذلك لاعتقاده بعدم تمكنهم من تحمل السفر في فصل الشتاء القارص والسير ليلا في تلك الجبال الوعرة. وغادروا المخبا ليلا الى جبل سيري ومنه الى قلعة دمدمة حيث مكثوا يومين في تلك الوديان ثم تابعوا سفرَهم الى ميناء خان تخت على بحيرة اورميا التي كانت القوات التركية لا تزال موجودة فيها. وهنالك التقوا بشخص يدعى احمد ومعه اربعة نساء واطفالِهن الذين كانوا في حالة يرثى لها من الجوع الشديد فقدموا لهم ما عندهم من الخبز والزبيب واعطوهم بعض النقود ولما راى احمد نُبلَهم وشهامتهم واحسانهم له ولعائلته بالرغم من انهم كانوا من اعدائه تبرع ان يقوم بدور الدليل لهم في تلك المناطق والطرق غير المعروفة لهم ايفاءً منه لمعروفهم له. وكان يقوم بشراء الخبز لهم وهم بعيدون عن انظار الايرانيين فتحمل المشقات والمتاعب من اجلهم بكل اخلاص وامانة. ولما وصلوا قمة الجبل الواقع بالقرب من مدينة (مراغا) التي كانت تسكنها جالية ارمنية ارسل ملك خوشابا رسالة مع احمد مبينا فيها بعض المعلومات عن مصير الاثوريين فسلمها احمد الى شخص ارمني والذي سلمها بدوره الى الدكتور يوئيل البازي( شقيق القس دانيال ومن عمومة اغا بطرس) والذي كان يسكن مع عائلته في هذه المدينة حيث يمارس الطب فيها. ولما قرأ الدكتور يوئيل رسالة ملك خوشابا دعاه ورفاقه الى داره حالا وقبلوا دعوته ودخلوا الدار من البستان.
رحب بهم كثيرا فانشرحوا وارتاحوا جدا لانهم لاول مرة يدخلون دارا مريحة وياكلون طعاما مطبوخا منذ اشهر. وزودهم الدكتور يوئيل بمعلوماتٍ وافية عن الاثوريين وقال لهم انه من الصعب عليهم السيرُ في المناطق الجبلية في فصل الشتاء من جراء البرد والثلوج لذا يتوجب عليهم السير في الطرق الاعتيادية في السهول وبدون سلاح على ان يرسل معهم شخصا ارمنيا كدليل لهم حتى زنكان حيث ان مقدمة القوات الانكليزية قد وصلتها. فتحركوا على طريق زنكان/ قزوين بعد تركهم لسلاحهم في مراغا لدى الدكتور يوئيل وابقوا معهم بعض المسدسات والخناجر مخفية تحت ملابسهم . وعند وصولهم الى زنكان اتصل ملك خوشابا بقائد القوات الانكليزية معرفا نفسه به فاستقبله بترحاب كبير وامرَ بتقديم كل ما يحتاجونه من الطعام والملابس ثم اتصل بالقنصل الانكليزي مبينا له وضعهم بالتفصيل .
اعطى ملك خوشابا لاحمد بعد ان انتهت مهمته معهم مبلغا من المال وكتاب توصية الى الاثوريين والمبشرين وتم تكريمه من قبلهم اكراما للمساعدة التي قدمها لملك خوشابا ورفاقه. وعندما عرف احمد بان الشخص الذي كانوا يسمونه الشماس اوديشو كان ملك خوشابا نفسه قال ( انني كنت اشعر بان هذه الشخصية لم تكن شخصية عادية لِما كنتُ المسُه من تصرفاته الراقية واطاعة رفاقه لاوامره في اصعب الظروف) وبعد مكوثهم يومين في زنكان. وردت برقية من القائد العام للقوات البريطانية في قزوين يطلب فيها حضور ملك خوشابا الى قزوين. وعليه سافر اليها مستصحبا معه ابنه داؤود وابن خاله باكوس عوديشو ثم تبعه بقية رفاقهم فالتحقوا بهم في همدان. وكان في همدان عدد كبيرٌ من اثوريي اورميا الذين اجتمعوا في احدى الكنائس فالقى عليهم ملك خوشابا كلمة مبينا فيها تفاصيل سفرته. ثم اقيم احتفال كبير لملك خوشابا ورفاقه من قبل قائد القوات الانكليزية والارساليات الامريكية والاثوريين الموجودين في همدان احتفاء بهم ثم سافروا الى كرمنشاه ومنها ىالى بايتخت فخانقين واخيراً الى بعقوبة في العراق حيث وصلوا اليها في 1 كانون الاول سنة 1918. وكتب الجنرال اوستن المسؤول عن المخيمات التي كان يسكنها الاثوريون في بعقوبة في كتابه (المدينة البيضاء) عن سفرة ملك خوشابا ورفاقه بانها من اخطر المجازفات في ذلك العصر لِما انطوت عليه من المخاطر وتميزت به الشجاعة الخارقة وتحمل الصعاب والفطنة المذهلة والدراية الفائقة …….
لقد بدات رحلة ملك خوشابا المكلفُ بها في 14 حزيران 1918 اي قبل وصول الطائرة البريطانية الى اورميا بعدة ايام ولو كان وصول الطائرة قد تم قبل سفر ملك خوشابا لكان الموقف قد تغير ولكان ملك خوشابا يقود القوات الاثورية في حالة غياب اغا بطرس بذهابه الى ساين قلعة ولكن مشيئة الرب ارادت ان تكون الامور هكذا فليس لنا سوى الرضوخ لمشيئته الرحمة للشهداء الذين ذبحوا في اورميا والذين يقدر عددهم باكثر من خمسة عشر الف شهيد…
المصادر :
مذكرات الاستاذ شموئيل يلدا الذي كان مشاركا في هذه المهمة
من كتاب القس يوئيل وردة / الامة الاثورية لن تموت
مذكرات الشماس داود الاشوتي
تاريخ اشور كلدو / للقس شموئيل داود
أحسنت وبارك الله فيك أخي العزيز
السيد لؤي فرنسيس المحترم، أؤيد الاخوة اعلاه واريد اضافة شيء الا وهو ان منطقة سهل نينوى التي يكثر فيها المسيحيين…
الأعزاء أودا و فرج اسمرو المحترمين نعزيكم بوفاة المرحومة المغفور لها شقيقتكم إلى الأخدار السماوية، أسكنها الله فسيح جناته الرحمة…
الراحة الابدية اعطها يا رب و نورك الدائم فليشرق عليها. الله يرحم خلتي مكو الانسانة المحبة طيبة القلب. مثواها الجنة…
Beautiful celebration Congratulations! May God bless Oscar and bless his parents and all the family and relatives