شمعون الثامن دنحا كان مطراناً نسطورياً على جيلو وسعرد وسلامس، وبفضل وجهود المطران الكلداني ايليا اسمر مطران آمد، نبذ المذهب النسطوري واهتدى الى الإيمان الكاثوليكي وانضوى تحت سلطة البطريركية الكلدانية مع رعايا أبرشياته الثلاث. وعلى إثر وفاة البطريرك يهبلاها الرابع، اجتمع آباء الكنيسة الكلدانية في دير القديس يوحنا القريب من سلامس عام 1589م، وأجمع رأيُهم على انتخاب شمعون دنحا بطريركاً. وقد اختار اسم شمعون التاسع باعتبار أن اسم شمعون الثامن كان قد أُعطيَ للبطريرك الشهيد سولاقا. طاب للبطريرك الجديد أن يتَّخِذ من دير مار يوحنا الذي تمَّ انتخابُه فيه مقرّاً لكُرسيِّه، ولعلَّ اختياره لهذا الدير كان لتجنُّب الفِتَن والمشاكل التي قد يُثيرها ضِدَّه الكلدان النساطرة بالإستعانة بالسلطات العثمانية. وذكر الأنبا شموئيل جميل في (كتاب العلاقات ص 88-90) بأنَّ مجمع المطارنة الكلدان كَلَّفَ ايليا أسمر مطران آمد واورشليم ليُسافر الى روما نيابة عن البطريرك الجديد، ليلتمس له التأييد والتثبيت، فزوَّدوه برسالةٍ جماعية الى الحبرالأعظم غريغوريوس الثالث عشر، تحمل توقيع البطريرك الجديد شمعون التاسع دنحا وتواقيع إثنَي عشر مطراناً واسقفاً، وتضمَّنت الرسالة في جزءٍ منها إطراءً كبيراً لخصال المطران ايليا وثناءً على هِمَّتِه وغيرته حيث قام بشراء مأوى ومُصلَّى للكلدان في اورشليم. يقول بطرس نصري (ذخيرة الأذهان ج2 ص 152) بأنَّ المطران ايليا اسمر كان قد انتُدِب للعمل في ملَّبار الهندية، فمكث مدة فيها وتمكَّنَ خلالها من تنظيم شؤون الجماعة الكلدانية هناك. وعاد الى الوطن قبل وفاة البطريرك عبديشوع الرابع مارون.
وبعد وصول المطران ايليا الى روما، استقبله الكاردينال كارافا راعي مصالح الكلدان في روما، وسلَّمه ايليا رسالة المجمع الكلداني وصورة ايمان البطريرك الجديد شمعون التاسع دِنحا، مع تقرير تفصيلي عن أحوال الشعب الكلداني في أماكن تواجده، يتضمن الى جانب المطالب طلبٌ مُلحٌّ يرجو فيه المجمع من روما أن تهتمَّ بشكل خاص بالكلدان الموجودين في ملَّبار، وأن تسعى لدى السلطات الهندية والبرتغالية بعدم تعقيد أمورهم. وعقب إنهاء المطران ايليا مُهِمَّته في روما، وتلقّيه تثقيفاً بحقائق الإيمان، غادرها في عام 1582م قاصداً بلاده وحاملاً البراءات البابوية والدِرع المقدس الى جانب حُلَلٍ وأواني تقديس كنسية الى بطريركِه الجديد. ولدى وصوله الى طرابلس في سوريا، توجَّهَ الى لبنان فكان المنون في انتظاره هناك، وقبل أن يُفارق الحياة، أوصى أن تُنقل أمتعتَه وتُودَّع لدى قنصل البندقية في حلب. وبوقوع هذا الحَدَث غير المتوقَّع حُرمَ البطريرك من الحصول على التثبيت.
لقد كان البابا غريغوريوس الثالث عشر كثير الإهتمام بتثبيت كنائس الشرق المتحدة ايمانياً مع روما، ولا سيما بعد عقد المجمع التريدنتيني، ففي عام 1584م اوعز الى ليونارد هابيل اسقف صيدا ليقوم بالسفر الى الشرق بصفة مُرسل لإداء هذه المُهمة. فأقبل حاملاً قوانين المجمع التريدنتيني مع مشروع التقويم الجديد، فتحدَّث الى رؤساء الكنائس طالباً منهم قبول قوانين المجمع وتبنّي التقويم الجديد. ولم ينسَ الكاردينال كارافا راعي مصالح الكلدان لدى الفاتيكان أن يطلب من المُرسَل ليونارد هابيل ليقوم باستلام أمتعة المطران ايليا أسمر الكلداني التي طلب قبل وفاته ايداعها لدى قنصل البندقية في حلب. وفي هذه الأثناء أوفد البطريرك الكلداني شمعون التاسع دِنحا، يعقوبَ رئيسَ ديرماريعقوب الحبيس الى حلب ليلتقي المُرسَل البابوي، فاستقبل المُرسَلُ رئيسَ الدير بالترحاب، وأبلغه بأنَّه كان يتمنّى مجيءَ البطريرك نفسه الى حلب، أو ألى أيِّ موقع قريب منها ليلتقي به. فأعلمه رئيس الدير بأن ظروف المنطقة مُلتهبة بنارالحرب الناشبة بين العثمانيين التُرك والصفويين الفرس، فمن العسير على البطريرك مغادرة مقَرِّه. حيث كان حاكم المنطقة زينل بك قد حذَّرَ البطريرك بعدم مغادرته لحدود منطقته.
قام ليونارد هابيل بتسليم رئيس الدير نسخة من صورة الإيمان التي كان وكيل البطريرك المطران ايليا اسمر قد وقعها في روما، لينقلها الى البطريرك، فوقعها شمعون التاسع دِنحا وأعادها الى ليونارد بيد مطران دياربكر الجديد يوسف ايليا في شهر كانون الثاني عام 1585م، وطلب البطريرك الى إبن أخيه الكاهن عيسى أن يرافق المطران يوسف ايليا بسفره الى حلب. أمضى المطران والكاهن موفدا البطريرك فترة مكوثهما في حلب بضيافة المُرسَل البابوي، تلقّيا خلالها مزيداً من العِلم والتثقيف في الشؤون الإيمانية، وفي شهر نيسان من ذات السنة عاد موفدا البطريرك حامِلَين إليه البراءات والدِرع المقدس. ولشدة تعلُّق أهل دياربكر بالكُرسي الرسولي، أُبلِغت رغبتهم الى المُرسل البابوي بأنهم بحاجة الى إرسال بعض أشخاص لينهلوا العلوم الدينية ويكتسبوا الخبرة التثقيفية، فراق لليونارد مطلبهم وأبلغهم بأن يختاروا كاهناً وشماساً وإكليريكياً للدراسة في إحدى مدارس روما لهذا الغرض، وهو يتولّى مسألة تسفيرهم على ظهر إحدى السفن البندقية.
4 – البطريرك شمعون العاشر 1600-1638م
يبدو أنَّ شمعون العاشر كان ذا صلة قربى بالبطريرك شمعون التاسع، فاعتُمِدت الطريقة الوراثية أثناء انتخابه بطريركاً على الكنيسة الكلدانية المتحدة مع روما في ذات السنة التي توفي سلفُه 1600م. وقد برهن شمعون العاشر على صُدق نواياه منذ باكورة بطريركيته، عندما عهد الى طيمثاوس مطران دياربكر بنقل صورة ايمانه الى أعتاب السدَّة البابوية، وورد في(خلاصة تاريخية/تيسيران/ت القس سليمان الصائغ ص 122) ولكنَّ صيغتها لم تكن مقبولة لإحتوائها على ما يُخالف المُعتقد القويم. ولذلك فقد كتب البابا بولس الخامس رسالة الى البطريرك ايليا في 29 حزيران 1617م مُرفِقاً معها صورة الإيمان وطالباً إعادتها مُوَقَّعة، والرسالة منشورة لدى ستروزي بنصِّها اللاتيني ولدى الأنبا ش.جميل بنصَّيها اللاتيني والكلداني (شموئيل جميل ص 160-185م). إن الرسالة لم تكن موجهة الى ايليا التاسع كما ظنَّ ش. جميل حيث يقول بأنَّه كان يُدعى شمعون قبل انتخابه، وما يؤيد ذلك رسالة البابا الموجَّهة الى الراهب توما اوبيسيني دي نوفاري في التاريخ ذاته حول السينودس الذي عقده ايليا الثامن، يتحدَّث فيها الحبر الروماني عن البطريرك ايليا باعتباره لا زال على قيد الحياة، ويُلقِّبُه بالبطريرك البابلي، ويعني بأنَّ روما لم تكن على علم بوفاته لحد ذلك التاريخ. ومنذ قيام الحركة التصحيحية في الكنيسة الكلدانية النسطورية في منتصف القرن السادس عشر وانشطارها الى قسمَين برئاستين، التبست على روما تسمية كُلٍّ من الرئاستين لأن رسالة القائمين بالحركة الى روما، التي زُوِّدَ بها المُنتخب سولاقا عُلم منها بأن البطريرك النسطوري قد مات وإن البطريرك الجديد سيرئس الكنيسة جمعاء. فلما علمت روما بواقع الرئاستين، سَمَّت خَلَفَ سولاقا”بطريرك الآثوريين المشارقة” وخلفَ بَرماما” بطريرك بابل”.
وبناءً الى ما تقدَّمَ سَردُه، فالرسالة المعنونة “الى الأخ المحترم شمعون بطريرك الآثوريين المشارقة…” كانت بلا رَيب موجَّهة الى بطريرك الكنيسة الكلدانية المتحدة مع روما شمعون العاشر، وما يؤكِّد ذلك ما أورده الراهب توما اوبيسيني دي نوفاري في تقريره عقب أدائه للمهمة التي كُلِّف بتنفيذها في الشرق. حيث ورد في جزءٍ من التقرير ضمن المخطوط التركي الفاتيكاني رقم 102 ما يلي: بأنَّه أي توما غادر حلب في 29 نيسان 1619م ووصل عند البطريرك ايليا التاسع بدير الربان هرمزد في 22 أيار. ثمَّ غادر للإلتقاء بالبطريرك شمعون العاشر فحلَّ عليه ضيفاً من 13 الى 29 تموز لنفس السنة 1619م. ويُضيف توما، بأنَّه يصعب عليه وصف الترحيب الحماسي الذي استُقبِل به من قبل كلدان تلك المنطقة، حيث كانت روح الشهيد البطل شمعون سولاقا لا زالت حية في بيئتهم ووجدانهم. وكان البابا في نظر المؤمنين أباً لجميع المسيحيين ورئيساً للكنيسة الجامعة. ولكي يُعربَ البطريرك عن حُبِّه وتعلُّقه الشديد بالحبر الأعظم، كان يضطلع شخصياً بخدمة ممثله الذي أوفده إليهم، حيث يُعِدُّ له الفراش، يخدمه على المائدة، يُمسك له الركاب أثناء امتطائه صهوة جواده و… وكان البطريرك شمعون العاشر لا ينفك عن ترديد القول لتوما دي نوفاري: بأنَّه لَن يعتبرَ نفسَه بطريركاً بدون أن يكون قد حظيَ بتقبيل قدمَي الأب الأقدس. وأكَّدَ لتوما بقسم ثلاثي بأنَّه سيلتقيه قريباً في دياربكر أو في حلب ليُرافقه بسفره الى روما، ما لم يحول دون تحقيق رغبته الموت أو الأكراد أو الأتراك. بهذا الجَوِّ البهيج والإستعداد الطيِّب سَلَّمَ شمعون العاشر الى الموفد البابوي صورة ايمانه مُوقَّعةً من قبله في 28 تموز عام 1619م .
إنَّ الظروف الصعبة التي كانت تمرُّ بها البلاد لم تسمح للبطريرك شمعون العاشر أن يُحقِّقَ ما كان يصبو إليه من السفر الى روما لمقابلة البابا، ولكنَّه كان يسعَد بزيارة المبعوث البابوي الذي لم تستطع أن تُعيقه تلك الظروف القاسية عن الوصول الى مناطق الشرق عبرَ الجبال الوعرة المتسربلة بالثلوج حتى في شهرَي تموز وآب والمُتَّخذة مأوىً من قطّاع الطرق. فهذا المبعوث يبرهن باقتحامه الصعاب على مدى اهتمام كنيسة روما الجامعة بمسيحيي هذه المناطق! إنَّ ما يحز في نفوسنا هو عدم عِلمنا بتفاصيل علاقات كنيستنا الكلدانية بالكُرسي الرسولي بعد هذه الفترة. كنّا نأمل من مجمع انتشار الإيمان الذي بدأ بالعمل منذ عام 1622م أن يُزوِّد الباحثين والمهتمين بالشأن الكنسي بالمعلومات القابعة في سجلاته بوضعها بشكل من الأشكال في متناولهم. يقول الأنبا (شموئيل جميل ص 38-41 من المقدمة، وص 538) بأنَّ تلك السجلات لم تتيَسَّر له مراجعتها، ولكنَّه يؤيد بأنَّ صور ايمان البطاركة قد أرسِلَت الى روما.
5 – البطريرك شمعون الحادي عشر 1638-1656م
يقول تيسيران (خلاصة تاريخية للكنيسة الكلدانية ص148) بأن البطريرك شمعون الحادي عشر خلف سلفه شمعون العاشر عام 1638م، كان شديد التعلُّق بالكثلكة وبالجالس على الكرسي الرسولي في روما، يتجلّى ذلك في عنونته لصورة ايمانه التي أرسلها الى البابا أنوجنس العاشر عام 1653م كما أوردها بطرس نصري (ذخيرة الأذهان ج2 ص 188-189) حيث يقول: <الى أبي الآباء وراعي الرعاة وعاقد التيجان وراسم الأحبارالبابا القديس، رأس المسيحية كُلِّها> ويُعدِّد للبابا المناطق التابعة لبطريركيته وهي: اسناخ، اورمية، آمد، باز، بَروار، جولمرك، جيلو، تخوما، تياري، داسن، سلامس، مركا، وان. ويُردف إن عدد النفوس الساكنة فيها تُقارب الأربعين ألفاً يعتنقون ايمان السدة الرسولية. نقل مقرَّه من سلامس الى اورمية.
6 – البطريرك شمعون الثاني عشر 1656-1662م
جلس شمعون الثاني عشر على الكرسي البطريركي كما يقول تيسيران في (خلاصة تاريخية… ص 148) بعد وفاة سلفه شمعون الحادي عشر عام 1656م، ولم يُغيِّر مقرَّه بل أبقاه في اورمية. ارسل صورة ايمانه الى الكُرسي الرسولي مُوقَّعة منه ومن بعض اساقفته عام 1658م، فعاداه خصومه النساطرة بقوة واضطرّوه للهرب من مقرِّه، فكتب البابا رسالة الى الشاه عباس الثاني الملك الفارسي عام 1661م طالباً منه إعادة شمعون الى مقرِّ كُرسيِّه. وبعث شمعون الثاني عشر صورة ايمانه الكاثوليكي مجدَّداً الى الكرسي الرسولي، مع التماس للحفاظ على الطقس الكلداني بدون أيِّ تغيير.
انشقاق العائلة الأبوية “آل أبونا”
يروي قصة هذا الإنشقاق آخر مطران ينتسب لهذه العائلة هو ايليا ابونا والمتوفي في قرية القوش بمنتصف القرن العشرين وبالتحديد في عام 1956م. رواها ضمن كتابه غير المطبوع بعنوان ” تاريخ بيت أبونا” باللغة الكلدانية حيث يقول: بعد وفاة البطريرك “ايليا الثامن 1617-1660م” حدث انشقاق بين أفراد البيت الأبوي نتيجة وقوع جريمة قتل فيه! فقد كان قد نُذِر صبيان من أبناء العشيرة لولاية العهد البطريركي بحسب التقليد القديم. وكان الصبيُّ الأول ايشوعياب بن دنحا، والصبي الثاني حنانيشوع بن ابراهيم،. وكان كُلٌّ من دِنحا وابراهيم شقيقين للبطريرك ايليا الثامن الراحل، ولما كان دنحا الشقيق الأكبر لذا كانت الخلافة البطريركية من حقِّ إبنه ايشوعياب، إلا أنَّ ايشوعياب هذا لم يكن متعلِّماً بما فيه الكفاية كما كان حنانيشوع إبن عَمِّه. فاختارت جماعة آل ابونا بالإجماع تقريباً حنانيشوع بن ابراهيم لخلافة عَمِّه في المنصب البطريركي رافضةً ايشوعياب رغم أحقيته، فأخذ الغضبُ من دنحا والد ايشوعياب مأخذه بسبب خذل الجماعة لإبنه، وعزم على الإنتقام ودبَّر أمرَ هروبه وعائلته بعناية.
وفي أحد الأيام وبينما كان حنانيشوع إبنُ أخيه يُصلّي في الكنيسة هجم عليه عمُّه دِنحا وقتله، وهرب مع أفراد عائلته الى اورمية في بلاد العجم “ايران”. وهنالك إتصل بالآباء المُرسَلين الدومنيكان وتداول معهم حول أمر رسامة إبنه المنذور ايشوعياب بطريركاً، فرسموه ليسيرعلى خط يوحنان سولاقا واتخذ له اسم “البطريرك شمعون الثالث عشر 1662-1700” ولم يلبث أن غادر هو وأفراد عائلته خوسروا وتوجَّه الى منطقة هيكاري ملتجئاً الى العشائر النسطورية. إلا أنَّ حاكم المنطقة الكردي آنذاك الأمير جولميرك لم يسمح له بالإقامة بين العشائر النسطورية كي لا يؤثر على افكارهم، إذ إنَّهم لا يفهمون غير لغة السيف والمناداة باسم الأمير. فاضطرَّ للرحيل الى قرية قوجانس والإقامة فيها بعيداً عن العشائر التيارية النسطورية حاملاً لقب مارشمعون الثلث عشر. وكانت هذه العائلة الهاربة من القوش تضم ثلاثة إخوة هم بنيامين واسحق وناتان، عقدوا اتفاقاً بينهم على أن تتناوب البطريركية فيما بين أبنائهم، إلا أنَّ خلافات عميقة نشبت بينهم لاحقاً أدَّت الى حدوث اغتيالات داخل هذه العائلة.
7– البطريرك شمعون الثالث عشر 1662-1700م
شمعون الثالث عشر الهارب من القوش بمعية والده دنحا بعد ارتكاب الأخير جريمة القتل المُشار إليها أعلاه، خَلِفَ سلفَه شمعون الثاني عشر كما ذكر تيسيران في (خلاصة تاريخية… ص 148) عام 1662م. لقد كان خلفاءُ يوحنا سولاقا المذكورون اعلاه يبعثون كُلٌّ واحدٍ إبّان بطريركيته صورة ايمانه الى الكرسي الرسولي في روما، يعترفون فيها بمعتقدهم المسيحي بالمصطلح الكاثوليكي، ليُحفظ في أرشيف الفاتيكان، وكانت آخرها رسالة البطريرك شمعون الثالث عشر التي بعث بها الى البابا كليمنت العاشر عام 1670م قبل أن يرتدَّ الى الهرطقة النسطورية، وكانت بعنوان “رسالة مارشمعون بطريرك الكلدان” انظر (كتاب العلاقات/ش. جميل ص 197-200) وفي الواقع ومنذ أن تحوَّل الكرسي البطريركي الى ايران بعيداً عن دياربكرمركزالثقل الكاثوليكي، هبطت درجة حرارة العلاقات بين بطاركة الكنيسة الإتحادية الكلدانية وروما الى فتورٍ تدريجي حتى تجمَّدت على عهد البطريرك شمعون الثالث عشر، ثمَّ انقطعت بالكامل بعد عام 1670م حيث نقل مقرَّ كُرسيِّه البطريركي من خوسروا في ايران الى قوجانُس في جبال تركيا. وظلَّت هذه القرية مقرّاً للبطريركية النسطورية الإنعزالية حتى بداية القرن العشرين، والسؤال هنا: هل يُستغربُ هذا المُنقلَب على العقيدة الحقة الناصعة من قبل إبن قاتل لغريمه وابن عمِّه حنانيشوع؟
ومع كُلِّ ما بذلته روما في مساعدة الكلدان القاطنين في بلاد فارس عن طريق اسقفيتها في أصفهان، كما أشارت إليها رسائل الحبر الأعظم البابا الكسندر السابع التي وجَّهها الى الشاه عباس الثاني والى البطريرك شمعون الثاني عشر، فإنَّ الوحدة تعرَّضت للتصدُّع على عهد البطريرك شمعون الثالث عشر كما نوَّهنا أعلاه، ومن الجدير بالذكر بأنَّ البطاركة الشمعونيين هؤلاء أعادوا العمل بعادة توريث الكرسي البطريركي منذ وفاة البطريرك شمعون التاسع. وبالرغم من انقطاع العلاقات النهائي بين سلسلة بطاركة الخط السولاقي هؤلاء والكرسي الرسولي، إلا أنّ اللقب البطريركي “بطريرك الكلدان” بقي ملازما لتواقيعهم ومنقوشاً على أختامهم، كما أن التسمية الكلدانية لم تبرح مراسلاتهم كدليل مُمَيَّز لهوية شعبهم.
وهناك دلائل واضحة ودامغة لِما ذهبنا إليه هي بمثابة وثائق ثبوتية أكَّدتها المُراسلات المحفوظة كما قال سيادة المطران سرهد يوسب جمو في بحثه الموسوم “الهوية الكلدانية في الوثائق التاريخية” في ارشيف قصر لامبث مقر رئيس اساقفة كانتيربري في لندن العاصمة البريطانية. ونستأذن سيادته أن نُشير إليها بتصرُّف:
أ – بتاريخ 13/3/1879م بعث رئيس الأساقفة النسطوري يوسب الى سيدة انكليزية محترمة تُدعى”وورن” مُعرفاً نفسَه وشعبَه بقوله: <ماريوسب ميترابوليط الكلدان النساطرة المشرقيين> وذيلها بتوقيعه وختمه الذي يقرأ: “مْحيلا يوسب ميترابوليكا دْكلدايي” أي”الضعيف يوسب رئيس اساقفة الكلدان”.
ب – بتاريخ تشرين الأول 1884م بعث البطريرك النسطوري شمعون الثامن عشر روبين برسالة الى ادورد رئيس اساقفة كانتيربري يُعرِّف نفسَه بالجملة التالية: <مِن روبين “رووُّل” شمعون بنعمة الله بطريرك جاثاليق المشرق مُدَبِّركنيسة الكلدان العريقة… وأنهاها بقوله: فيكون عونُكم سبباً لإتحاد أجزاء الكنيسة الأربعة…> مذيَّلة بتوقيعه وختمه “مْحيلا شمعون بطريركا دْكلدايي”أي”الضعيف شمعون بطريرك الكلدان”.
ت – بتاريخ 28/10/1884م بعث آخرُ رهبان النساطرة “ربّان يونان” برسالة الى رئيس اساقفة كانتيربري “ادورد” باللغة الكلدانية”بالنص الآرامي هكذا” حيث يورد في السطرَين 21-22 ما يلي: <إننا نمنح هذا السلام “سلام المسيح” لكُلِّ مَن يقبل سلامَنا، نحن النساطرة الكلدان المشرقيين>.
ث – في رسالة رعوية كتبها رئيس الأساقفة النسطوري خنانيشوع في عام 1895م ووجَّهها الى مَن دعاهم أبناء كنيسة المشرق(وفي الواقع والحقيقة هي الكنيسة الكلدانية النسطورية، لأن تسمية كنيسة المشرق انتهت في القرن الخامس بفعل انشطارها الى فرعين نسطوري ومونوفيزي)في أبرشية اورمية وربوع كردستان، وذيَّلها بتوقيعه وختمه الذي يقرأ: “مْحيلا خنانيشوع ميترابوليطا دْكلدايي” وتعني:”الضعيف خنانيشوع رئيس أساقفة الكلدان”.
ج – وكذلك وثَّق رئيس الأساقفة خنانيشوع رسالته الثانية التي كتبها في 13/9/1906م بتذييلها بتوقيعه، وختمها بختمِه المعتاد ذاته بالقرب من عنوان الرسالة “مْحيلا خنانيشوع ميترابوليطا دْكلدايي” وتعني كما قلنا “الضعيف خنانيشوع رئيس اساقفة الكلدان”.
ح – لقد كان ختم آخر البطاركة الشمعونيين النساطرة “مار شمعون الواحد والعشرون ايشاي” الذي اغتيل غدراً من قبل داود بن مالك ياقو في سان فراسيسكو / أميركا عام 1975م يقرأ: “مْحيلا شمعون بطريركا دْكلدايي” ويعني “الضعيف شمعون بطريرك الكلدان” وفي رسالة كتبها هذا البطريرك من نيقوسيا في قبرص بتاريخ 20/9/1933م وثَّقها بختمه المألوف للقبه الرسمي “مْحيلا شمعون بطريركا دْكلدايي” ووقعها بالآرامية الكلدانية كما اعتاد طوال بطريركيته “ايشا شمعون بنعمة الله جاثاليق بطريرك المشرق”. وللقراء مقارنة كُلِّ ذلك بما اسبغوه عليه من لقبٍ جديد بالإنكليزية ” بنعمة الله جاثاليق بطريرك الآثوريين.
وإليكم جدولاً بأسماء البطاركة الشمعونيين المنقلبين المنحرفين عن الخط السولاقي الكاثوليكي المُرتدين الى الهرطقة النسطورية خلفاء شمعون الثالث عشر:
<شمعون الرابع عشر سليمان 1700-1740م مقر الكرسي قرية قوجانُس في جبال تركيا.
<شمعون الخامس عشر مقدسي 1740-1780م ” ” ” ” ” ” ” .
<شمعون السادس عشر يوحنان 1789-1820م ” ” ” ” ” ” ” .
<شمعون السابع عشر ابراهيم 1820-1861م ” ” ” ” ” ” ” .
<شمعون الثامن عشر روبين 1861-1902م ” ” ” ” ” ” ” .
<شمعون التاسع عشر بنيامين 1902 -1918م اغتيل من قبل الأغا الكردي سمكو
<شمعون العشرون بولس 1918 -1920م ” ” ” ” ” ” ” توفي في بعقوبة/ العراق .
<شمعون الحادي والعشرون ايشاي 1920-1975م المقر سان فرانسيسكو / أميركا. اغتاله نسطوري مُعادٍ عام 1975م
أحسنت وبارك الله فيك أخي العزيز
السيد لؤي فرنسيس المحترم، أؤيد الاخوة اعلاه واريد اضافة شيء الا وهو ان منطقة سهل نينوى التي يكثر فيها المسيحيين…
الأعزاء أودا و فرج اسمرو المحترمين نعزيكم بوفاة المرحومة المغفور لها شقيقتكم إلى الأخدار السماوية، أسكنها الله فسيح جناته الرحمة…
الراحة الابدية اعطها يا رب و نورك الدائم فليشرق عليها. الله يرحم خلتي مكو الانسانة المحبة طيبة القلب. مثواها الجنة…
Beautiful celebration Congratulations! May God bless Oscar and bless his parents and all the family and relatives