اجل الشعب الكوردي بحاجة الى الرئيس (البيشمركة ) مسعود البارزاني

 

في عالم السياسة والثورات ليس المهم ان تحقق نجاحاً فحسب ، بل اهم من ذلك ان تحافظ عليه ، وتبادر للأنطلاق نحو آفاق أخرى من النجاحات، وإلا سوف تركد مظاهر ذلك النصر ويتلاشى مع مرور الزمن ، وتبقى الأهداف البعيدة الأستراتيجية دون انجاز . لنأخذ التجربة العراقية ، فقد حققت اميركا بالتعاون مع دول اخرى وبتأييد من المعارضة العراقية حققت نجاحاً باهراً في القضاء على الحكم الدكتاتوري ، ولكن حينما لم يجري الأحتفاظ بالنصر ولم تحقق نجاحات اخرى تصب في مصلحة الشعب ، كان أجهاض تلك التجربة ، والمتضرر الأول والأخير كان الشعب العراقي المغلوب على امره ، فأمست الساحة السياسية العراقية مسرحاً لعمليات ارهابية وساحة مفتوحة للانتقام والثأر ، عوظاً ان تغدو ساحة للبناء والتعمير والتعايش والتعددية .

لقد استطاع مسعود البارزاني بحكمة ودراية ان يتجنب تلك الأخطار التي احاطت بالعراق ، واستطاع ان يحافظ على لم شمل الشعب الكوردي والمكونات الكوردسانية الأخرى ، فحافظ على تلاحم الشعب من التمزق ، داعياً الى فتح صفحة جديدة لبناء اقليم كوردي يسود في مجتمعه التعددية والتعايش والتفاهم ، بمنأى عن سلوك الأنتقام والثأر التي خيمت على الساحة العراقية بعد سقوط النظام في 2003 ، ورأى ان تجربة الداحس والغبراء في أخذ الثأر والأنتقام هي تجربة فاشلة وسوف تمزق لحمة المجتمع الكوردستاني فليس من الحكمة الأقتاداء بها .

هكذا عكف الرئيس البيشمركة مسعود البارزاني على فتح ابواب الحديقة الكوردستانية لكل من يريد المحافظة على كوردستان ، بغض النظر عن ماضيه وما اقترفه من مواقف عدائية اتجاه شعبه والثورة الكوردية . وفتح صفحة جديدة تبدأ الكتابة بها اعتباراً من تاريخ سقوط النظام وليس قبله ، وبهذه السياسة الحكيمة انقذ اقليم كوردستان من مغبة الوقوع في مستنقع العنف والفوضى ، وجعل الأبواب مشرعة امام آليات التعمير والتعايش المجتمعي والأستثمار الأقتصادي ، فلو سار البارزاني على نفس النهج العراقي لكانت كوردستان اليوم متأخرة في البناء والخدمات وتمزقها الأختلاف الدموية كما يحدث في العراق .

اعتقد ان دور القائد مطلوب في هذه اللحظات الحاسمة من التاريخ ، لقد استطاع البارزاني العمل بإخلاص لكوردستان ، وينبغي على المعارضة وعلى الشعب الكوردي اخذ هذه الناحية بنظر الأعتبار ، إذ ان آثار بصمات البارزاني ظاهرة في صنع التاريخ الكوردستاني خلال الربع الأخير من القرن الماضي والى اليوم .

باعتقادي ان البارزاني لا يحتاج الى رئاسة الأقليم ، لكن الأقليم يحتاج الى الرئيس البيشمركة مسعود البارزاني ، إذ ان الحياة قد عركته ، فمدرسة الحياة ابتدأت عنده في سوح النضال والمعارك في صفوف قوات البيشمركة للثورة الكوردية ، ومن ثم بالعمل مع قوى المعارضة العراقية وبعدئذٍ الأنخراط والعمل مجال السياسة العراقية والأقليمية والدولية . كما ان لشخصية البارزاني اهمية كبيرة في السياسية العراقية ، وكانت اتفاقية اربيل وغيرها من المبادرات خير دليل على تقدير واحترام كل الأطراف السياسية لمكانة البارزاني ودوره الكبير في الموازنة السياسية العراقية .

إن مكانة البارزاني تكون اكثر اهمية خاصة بعد غياب الرئيس جلال الطالباني بسبب مرضه ، الذي كان يشكل صمام امان للعملية السياسية العراقية المتأزمة بشكل مستمر ، ولهذا يبقى تواجد البارزاني على الساحة السياسية العراقية يحمل اهمية كبيرة في اقليم كوردستان اولاً وفي عموم الوطن العراقي ثانياً .

ونقلاً عن موقع رئاسة الأقليم نشرت جريدة الشرق الأوسط اللندنية بتاريخ 6 مايو ( ايار ) الجاري رسالة البارزاني التي يقول فيها :

إن هدفه ليس موقعاً او منصباً ، بل إن هذا الموقع هو مجرد وسيلة لخدمة الشعب ، وليس المهم من الذي سيتولى هذا المنصب ، لأن المنصب لم يصنع لشخص معين بحد ذاته .

ويضيف :

وفيما يتعلق بي، أرى أن هذا الموضوع ليس محصورا بشخصي؛ لأني منذ اليوم الأول أعلنت بصراحة أني لست رئيسا للإقليم فحسب، بل أنا أحد أفراد البيشمركة وسأبقى كذلك، وليس هناك أي منصب أو موقع أهم عندي من تشرفي بحمل هذا الاسم الكبير».

أجل ان البارزاني تبدأ قصته منذ انخراطه في صفوف البيشمركة وووقف مع تحقيق الديمقراطية في العراق والأستقلال الذاتي لكوردستان ، واستمراره مع المعارضة العراقية ، الى ان سقط النظام حيث بدأت عملية بناء اقليم كوردستان ، واستطاع البارزاني من تحييد الدول الأقليمية التي كان هاجسها العمل على وضع العراقيل امام قيام اي كيان كوردي في المنطقة ، إلا ان البارزاني استطاع من تبدبد تلك المخاوف وعكف على إعادة الثقة بين الفرقاء ومد جسور المصالح بينهم ،لقد استطاع من تحييد مواقف تلك الدول وبشكل خاص تركيا التي كان لها موقف متصلب إزاء المسألة الكردية ، بحق ان الرئيس مسعود البارزاني استطاع من حلحلة كثير من المواقف المتشددة في المحيط الأقليمي ، إضافة الى الساحة السياسية العراقية التي تغلب عليها المصالح والاصطفافات الطائفية ، وتغمرها الأزمات السياسية بشكل متواصل منذ سقوط النظام في نيسان عام 2003 .

لقد تحدث الرئيس البيشمركة مسعود البارزاني عن الدستور وضرورة عرضه للاستفتاء إذ يقول :

… واليوم من حق الشعب أن يقرر ما إذا كان يقبل بهذا الدستور أم لا .

في الحقيقة نحن الكلدان نعترض على مسودة الدستور الكوردستاني وينبغي ان تؤخد مصلحة الشعب الكلداني بنظر الأعتبار فمسودة الدستور الكوردستاني تتناقض مع دستور العراق الأتحادي الذي يذكر اسم القومية الكلدانية بشكل واضح وصريح ، بينما مسودة الدستور الكوردستاني قد جرى تعديلها بتسمية سياسية ( كلداني سرياني آشوري ) وهذه التسمية الهجينة لا يمكن ان تطلق على شعب له تاريخ ويحترم نفسه ، فعلى قيادة اقليم كوردستان ان تبادر الى تعديل مسودة الدستور الكوردستاني بما يناسب ويحترم كل المكونات ، فالشعب الكوردي حينما كان مظلوماً لا يليق به ان يكون اليوم ظالماً ، فالقومية الكلدانية هي ثالث قومية عراقية على الأكراد احترام ابناء هذه القومية وتلية مطالبهم العادلة .

ونعود الى رسالة البارزاني التي يقول فيها :

«أن النظام السياسي في كردستان ليس رئاسيا، وبرغم الجوانب السلبية الإيجابية لهذا النظام السياسي، فإنه لم يؤسس لمصلحة شخص واحد، المهم هو أن يحترم هذا النظام رأي الشعب، وأن يكون مصيره بيد الشعب، وأن لا يسمح للصفقات السياسية بأن تكون بديلا عن إرادة الشعب».

اجل ان الصفقات السياسية غالباً ما تكون نتيجتها هي إرضاء الأطراف على حساب مصلحة الشعب ، فالمسألة هنا هي عدم مصادرة رغبة الشعب ، فالشعب هو الذي يقرر اولاً وأخيراً من يكون رئيسه ، وهذه هي المعادلة التي تصب في مجرى مصلحة كوردستان والعراق عموماً .

د. حبيب تومي ـ ديتوريت في 13 ـ 05 ـ 2013

 

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *