نافذة على عبق التاريخ : اكيتو عيد بابلي كلداني
نقرأ التاريخ ونعيد الماضي بفهم الحاضر، ومعرفة الماضي لا يمكن إن تكون إلا إذا ترك لنا من كانوا
يعيشون في الماضي ما يحكى أو نقش على الحجارة أو ألواح من الطين. والاطلاع على الماضي
ضرورة علمية مفيدة في استجلاء الحقائق وسماتها التاريخية، وكشف الأنماط الفكرية المتحاورة
في ضوء الصراع الحضاري سواء في مستواه الكلي بين حضارات أو في مستواه الجزئي بين ممالك
ومدن مختلفة بكل مقتنياته الحسية والمادية والمعطيات الآنية للمجتمعات المتواجدة في دورة الحياة،
ويفيد ذلك في أن يتعرف البعض على حركية الفكر وعلاقته بالآخرين والتطورات والمحاور التي بنيت
عليها المجتمعات تاريخيا، وكيف أنها استطاعت تجاوز العوائق ومواجهة الصعوبات والاستمرار
والعبور عبر بوابة الأزمان المختلفة واحتوت كل أشكال التنوع الثقافي والعلمي والديني.
توصل مفكرون ومؤرخون وعلماء اثأر إلى إن حضارة الدولة الكلدانية – البابلية الحديثة (626 ق م – 539 ق م )
كانت الأوسع انتشارا والأغنى ثراء والأعرق أصالة، إذ تبرهن المخطوطات والألواح الأثرية القديمة والعديد من
البحوث الحديثة في مجال الآثار مبلغ نفوذها السياسي والثقافي والعسكري على امتداد بلاد ما بين النهرين
وعيلام وسوريا وفلسطين، وأظهرت بحوث ودراسات تاريخية إن حضارة الكلدان قد كانت ندا للعديد من
الحضارات القديمة مثل حضارة بلاد فارس والصين ومصر الفرعونية وغيرها من الحضارات.
الكلدان شعب تواجد في وادي بلاد الرافدين منذ الأزمنة الغابرة. هم العمق التاريخي في تناول المواضيع
والأحداث التاريخية في ( بابل العظيمة، أريدو، لكش، كيش، أوروك، أور ، نيبور)… الخ منذ بدء
النشاط البشري في وادي الرافدين، حيث أسسوا ممالك عظيمة تعرف عليهم العالم من خلالها، ومن
رحم هذه الأرض الطيبة انطلقت الحضارة الأولى في البشرية، وولدت فكرا ثقافيا ساعد على بناء
الأسس العلمية والثقافية والدينية للعديد من الحضارات.
نحتفل غدا الأول من نيسان بعيد راس السنة البابلية الكلدانية والتي تمثل أول تقسيم زمني في
التقويم القديم في بلاد الكلدان المعروفة بلاد ما بين النهرين ( نهري دجلة والفرات) ويعتبر
هذا العيد من أهم أعياد العراقيين القدماء في التاريخ.
أن الاحتفال بعيد اكيتو هو تقليد رافديني قديم، كان لوحظ لأول مرة لنتائج أعمال التنقيبات الأثرية
المكتشفة في اوروك” بيت اكيتو” ومعابد بابل على ألواح من الحجر وألواح من الطين وبالكتابة
المسمارية تحوي نصوصا حول هذه الاحتفالات.
يعود الاحتفال براس السنة الرافدية في الاول من نيسان الى السلالة البابلية الاولى، أي الى مطلع الالف الثاني
قبل الميلاد، أما قبل ذلك التاريخ فكان الاحتفال باكيتو او كما يسمى بالسومرية اكيتي يمثل احد مناسبتين
رئيستين( اكيتو وزاكموك). تمثل بابل العظيمة الوجه المشرق لتاريخ بلاد الرافدين حيث كانت تقام طقوس
عيد اكيتو في مدينة بابل سنويا بمراسيم خاصة، وكذلك كان يحتفي به في مدن أخرى خارج بابل
في- حران ، اربائيلو ، نينوى.. الخ، وكان الملك يرسل من ينوب عنه لحضور وإجراء مراسيم
الاحتفالات التي تقام في مدن أخرى في تواريخ لاحقة. ظل الاله مردوخ هو محور الاحتفالات بعيد
اكيتو سواء كان ذلك في بابل التي كانت المدينة الاولى التي يحتفى بها بهذه المناسبة المهمة او
في المدن الاخرى، وحسب ما ورد فقد كانت هناك ثلاثة معابد للاكيتو في بابل خلال العصر البابلي
الحديث عصر المملكة الكلدانية، لقد حافظ الكلدان على القيام باحتفالات اكيتو في عهد الاحتلال الفارسي
، وهذا العيد يحتفل به لمدة احد عشر يوما، ويبدءا المهرجان في الأول من شهر نيسان حيث يحل فصل
الربيع الذي يمثل نهاية الشتاء البارد وبدء موسم الاعتدال الربيعي والدفء والنمو الذي يرمز إلى الحياة
والخير، وهو عيد جز الصوف الذي كان يحتفل به منذ القديم في الفترة ما بين شهري اذار ونيسان،
ومغزى الاحتفال هو مشاركة الأرض في أفراحها. وكانت الاحتفالات تقام في معابد المدن، وكان الملك
يشارك فيها وتقام في المعبد الرئيسي الذي يسمى معبد اكيتو.
بمناسبة عيد اكيتو أقدم أزكى التهاني والتبريكات إلى أبناء امتنا الكلدانية ومسيحيي العراق
راجيا من الله تعالى أن يعيده على جميع العراقيين بالخير والامان وان ينعم على وطننا السلام والاستقرار.
المصادر
1 – عامر حنا فتوحي – كتاب – الكلدان.. منذ بدء الزمان
2 – حضارة العراق – نخبة من الأساتذة
31 03 2011
هنيئاً للمسيحيين بالعيد الوثني اكيتو، هنيئاً لقسم من المسيحيين لا يتجاوز عددهم سكان قرية من قرى الصين او الهند والذين تركوا تقاويمهم القديمة واعتمدوا على تقويم السيد المسيح