لنكن كرماء مع غبطة البطريرك لويس روفائيل ساكو وهو يحمل هموم بحجم الوطن
إنه قبس من الضياء يلوح في آخر النفق هذا ما يمكن ملاحظته في ضوء توجهات البطريرك الكلداني مار لويس روفائيل الأول ساكو ، ومع طروحات برنامجه الواضح للعمل ” إصالة ووحدة وتجدد ” وفي كل الطروحات يكون لنا الحق في ان يكون لنا رأي مطابق او مخالف ، ومن حقنا ان يكون لنا مساحة من حرية التعبير وحرية الرأي وكما يقول كارل ياسبرز :
إن الوجود الأنساني ، يتحدد بمقدار درجة الحرية الموجودة فيه ، اي بمقدار ان يكون الوجود الإنساني حراً ، بمقدار ما يكون اكثر قدرة على تحديد جوهريته . فلا يمكن ان نفقد حريتنا ، ومن حقنا ايضاً ان نناقش كل الطروحات ونتفق ونختلف ، وغبطة البطريرك الكلداني مار لويس روفائيل ساكو يؤكد بأن :
الاختلافات ايجابية وعامل إثراء وتحريك.
ويقول ايضاً في رسالته المفتوحة والمنشورة على موقع عنكاوا حسب الرابط ادناه :
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,641074.msg5911457.html#msg5911457
أريد أن أقول للجميع:
لا تخافوا مني، فإني أؤكد لكم أن أبقى أسير على خطى المسيح، وأؤكد لكم أنه ليس لي حسابات مع أشخاص أقوم بتصفيتها، ولا صفقات، كما ليس لي طمع في حطام الدنيا. إني أب وأخ للجميع أقُرِّب ولا أقصي، أوحد ولا أقُسِّم وأعمل مع الكل وأحترم الكل ..
وهو يفتتح رسالته المفتوحة بالتوجه الى كل المكونات العراقية ، فبعد ابناء وبنات كنيسته الكلدانية ورؤساء الكنائس المسيحية الشقيقة في العراق ، يمد جسور التواصل والتفاهم مع كل المكونات الدينية العراقية : المسلمون والصابئة المندائيون والإزيدية وكل العراقيين ، ومن هنا اقول : انها هموم كبيرة بحجم الوطن .
لا ريب ان غبطة البطريرك لم ينطلق في توجهه الوطني الواسع والعسير من ارض رخوة ، إنما انطلق من ارضية صلدة تمثلت في معطيات تاريخية وحضارية وثقافية ، اولاً ، وثانياً على الزخم الأعلامي الذي رافق عملية انتخاب البطريرك ، وعلى الحفاوة البالغة الشعبية والرسمية التي استقبل بها على تراب الوطن ، إذ كان على رأس مستقبيله في كوردستان بمدينة عنكاوا الأستاذ فاضل الميراني ممثلاً للرئيس مسعود البارزاني .
وبعد ذلك الضرورة القصوى التي تتطلبها المرحلة في وجود شخصية كارزمية قوية تعمل على انتشال الكنيسة الكلدانية من مظاهر التبلبل والتفكك التي كانت تهددها منذ سقوط النظام عام 2003.
وفي الحقيقة ان دور الفرد له اهمية كبيرة في حياة الشعوب ويحدثنا ياسبرز عن دور الفرد في سير الأحداث والوقائع ويصل الى درجة للقول : ان الثورة الفرنسية لم يقررها الشعب الفرنسي ولا العوامل الخارجية والداخلية .. إنما الذي احدث تلك الثورة كانت البطولات الفردية لقادة الثورة الفرنسية تحديداً فالدراسة للتاريخ بأحداثه ، ليس اكثر من محاولة لتبيان ما هو فردي ـ بطولي ـ في هذه الأحداث .
ومهما كان رأينا إن كان يتفق مع هذه الرؤية او مخالفاً لهاً فلا يمكن ان نغض الطرف عن دور الفرد الفاعل في مختلف الأحداث التاريخية .
نحن جميعاً نقدر ثقل وتعقيدات المشاكل التي تعتري سبيل البطريرك الجديد ، فالطريق ليس مفروشاً بالورود ، وهنالك تعقيدات وتشعبات سياسية واجتماعية وثقافية واقتصادية ، كلها عوامل مؤثرة في وجود المكون المسيحي على ارضه وفي الدول العربية ايضاً .
لا يمكن للبطريرك مار لويس روفائيل ساكو إلا ان يتسم بالواقعية والموضوعية ، في شان هجرة المسيحيين التي اولاها البطريرك شديد اهتمامه وفي تصريحه المنشور في جريدة الشرق الأوسط اللندنية بتاريخ 10 فبراﯾر 2013 العدد 12493 يقول :
«سأعمل من أجل عودة المسيحيين الذين ھاجروا إلى دول الجوار من العراق من خلال الحوارات مع الحكومة ﻷنھم ثروة، فالتعددﯾة بالعراق ھي عامل قوة وتوحد ». وأضاف:
أن «تحقيق اﻷمن وتأمﯿن فرص العمل والوظائف والمدارس والخدمات والثقة والخطاب المعزز بالثقة والسلام جميعھا عوامل سنعمل عليھا ﻹعادة المسيحيين المھاجرﯾن إلى منازلھم فالغربة صعبة جدا وﻻ تطاق».
اجل انها مهمة صعبة وتتطلب تعاون وتضافر كل الجهود وبشكل خاص الجانب الحكومي ، ولا شك ان الحكومة لها مشاكلها المعقدة المتشعبة ، وما يخص اسباب الهجرة فهي كثيرة وعميقة ، ومن اهمها فقدان الأمن والأسقرار لكل مكونات الشعب العراقي بشكل عام ، واتباع الأديان غير الإسلامية بشكل خاص ومنها المكون المسيحي ، الذي يرجح ان تعداده بعد 2003 قد تقلص بسبب عوامل التهجير والهجرة الى اقل من النصف .
ولا شك ان الهجرة المسيحية من الدول العربية لها نفس الأسباب لمثيلتها في العراق ، وإن ثورات الربيع العربي قد افرزت المزيد من عوامل الهجرة بسبب هيمنة الأسلام السياسي وفرض الكثير من جوانب الشريعة الأسلامية على المسيحيين .
وفي مسألة توحيد الصف المسيحي يطالب البطريرك مار لويس في كلمته “أن يكف كتابنا عن كتابة مقالات قومية أو كنسية تفتقر إلى العلمية والمنهجية. لنحافظ على هويتنا ونفتخر بها من دون الطعن بهوية الآخر أو نبذه سوف يساعدنا البحث العلمي الرصين على الاكتشاف”، وذلك في إشارة إلى قضية تسميات شعبنا القومية التي تثير جدلاً بين في حال مناقشتها.
اجل من حقنا ان نفتخر بهويتنا لكن دون الطعن بهوية الآخر او نبذه .. وحينما نصل الى هذه المرحلة وهي عدم نبذ الآخر او الطعن به سوف نصل الى المرحلة المتسمة بالتفاهم والحوار الحضاري ، وهذه حالة مطلوبة من كل الأطراف واحسب ان هذه دعوة مباركة لوقف الحملات الأعلامية بيننا نحن الكتاب ومطلوب من فضائياتنا ان تكون اكثر حيادية في خطابها حين التحدث عن مكونات شعبنا .
وفي رسالة غبطته تتوضح ملامح منهجية العمل بشأن :
ـ تقوية وترسيخ البنيان المؤسساتي للكنيسة الكلدانية .
ــ مد يد التعاون والأنفتاح على الكنائس الشقيقة .
ــ مد جسور الحوار الأسلامي المسيحي ، لأن الجغرافيا مفروضة ، وعلينا ان نكيف نفسنا مع الواقع وذلك بمد جسور التفاهم بغية أيجاد مناخ للتعايش في الوطن الواحد وبمنطق المواطنة التي تحفظ لكل المكونات الكرامة الوطنية والإنسانية .
ــ وهو يتوجه الى القوى السياسية الفاعلة على الساحة العراقية وبمنطلق كون البطريرك مواطن ورجل دين ” روحاني” ويناشد كل الأطراف ان يبقوا كباراً ويتجاوزوا الخلافات من أجل الوطن ووحدته وسيادته ..
هذه طموحات كبيرة ولائحة متشابكة من هموم الكنيسة والوطن والمنطقة .. وهي تتطلب مثابرة الجهود والعمل والجهود المضنية هذا من جانب البطريرك ، واعتقد نحن من جانبنا ينبغي ان نتضامن مع هذا الأنسان لكي يقود السفينة الى بر الأمان ونقف الى جانبه ، فينبغي ان نكون كرماء في اتاحة الفرصة ، فغبطته ليس له حزب سياسي او سلطة زمنية تنفيذية يحقق ما يراه مناسباً عن طريق قوة السلطة والسلاح ، فغبطته رجل ديني سلاحه تربوي وإرشادي روحاني ونشر مبادئ السلام والمحبة بين المكونات .
علينا ان نمنح الفرصة لغبطته لكي يباشر العمل ويخطو الخطوة الأولى في طريق الألف ميل . نحن ابناء الشعب الكلداني متضررين اكثر من كل المكونات العراقية من الأوضاع بعد سقوط النظام في عام 2003 ونتأمل ان نأخذ دورنا في المواطنة الحقيقية في مسألة الحقوق والواجبات في العراق الأتحادي وفي اقليم كوردستان لكي يكون لنا دورنا الفاعل في التطور الحضاري وفي بناء الوطن .
د. حبيب تومي / اوسلو في 11 / 02 / 13
تحياتي الاخوية للدكتور حبيب تومي المحترم
أعجبتني مقالتك أعلاه وأرجو ألا ينسى رئيسنا الروحي الجديد أن سيادته يمثلنا أمام شعبنا العراقي ليس بإعتباره رئيسا روحانيا بل أيضا هو ممثل أبناء شعبنا الكلداني وقوميتنا الكلدانية كواقع حال جاري التعامل به مع إحترامي لكل مكونات شعبنا المسيحي من أبناء القوميات الاخرى كالارمن والسريان والاثوريين ضمن شعبنا العراقي المبارك. أسأله تعالى أن يأخذ بيد بطريركنا الكلداني مار لويس روفائيل الاول ساكو للعمل من أجل العراق والعراقيين بصورة عامة ومن أجل إعادة حقوق أبناء قوميتنا الكلدانية بصورة خاصة سواءا ضمن الحكومة المركزية في بغداد أو ضمن حكومة إقليم كردستان الموقرتين.
تقبلوا وافر تقديري و احترامي