من الوقائع الحقيقية الراسخة والتي لا يرتقي اليها الشك ان الكلدانيين قوم عراقي وديع وأصيل ، وهو يشكل جزء اساسي من الفسيفساء الجميل الذي يتكون منه المجتمع العراقي ، والكلدانيون قطنوا هذه الديار منذ ازمنة موغلة وساهموا في بناء الحضارات البينهرينية ، تلك الحضارات التي اعتبرت لآلئ ساطعة على صفحات تقدم البشرية .
وحينما نشد الرحال الى الأزمنة الحديثة ، نألف الشعب الكلداني يستمر في سيرورته على خطى البناء والتعمير والتطور ، وهكذا كانت مكافئة هذا الشعب بما يستحقه من حقوق إنسانية وسياسية ودينية ، وفي العهد العثماني عومل الشعب الكلداني بنظام الملل الذي كان سائداً ، وكان له شبه حكم ذاتي في إدارة نفسه الى جانب الملل الأخرى في تلك الدولة ، والملة في اللغة الفارسية تعني القومية ، إي ان الشعب الكلداني كان معترف بحقوقه القومية الى جانب القوميات الأخرى في تلك الدولة .
إن هذا الواقع قد افرز بعد ان وضعت الحرب الكونية الأولى اوزارها الى تقسيم ممتكلات الأمبراطورية العثمانية والتي وصفت بالرجل المريض ، وعلى خلفية الأعتراف بحقوق الأقليات القومية في تلك الدولة المندثرة بعد تلك الحرب ، كان هنالك اعترافاً كاملاً بضرورة الحفاظ على الحقوق القومية لتلك الأقليات بما فيها حقوق الأقلية القومية الكلدانية . ويمكنني الجزم بأن الأحوال استمرت على ذلك المنوال بل تحسنت في العهد الملكي إذ كانت ثمة حقوق مصانة للكلدانيين وبقية المسيحيين إن كان بالتمثيل في مجلس الأعيان او في مجلس البرلمان .
وحينما نحاول قراءة المشهد بعد سقوط النظام في نيسان 2003 سنلاحظ ان الصورة قد آلت الى قتامة وعتمة بإدخال شعبنا الكلداني وكل الأقليات الدينية في نفق مظلم . واليوم هذا القوم مشتت جغرافياً في أرجاء المعمورة وهو ايضاً مشتت الرؤيا في الهوية والألتزام بها، فشعبنا الكلـــــــــــــــداني يتعرض اليوم الى التهجير القسري من اماكن تواجده تحت وطأة الأرهاب وعمليات الأبتزاز والتهديد والترويع ، وبعد ذلك يؤول مصير هذا الشعب ، الذي هو بمثابة هنود حمر العراق ، ليقترب من حافة الأندثار من وطنه ليكون مصيره الانتشار والتشتت في شتى ارجاء المعمورة.
إزاء هذا الواقع المؤلم يصبح من الضرورة القصوى في هذا الزمن انعقاد مؤتمر كلـــــداني ، فالمؤتمرات واللقاءات عموماً تعتبر وسيلة ديمقراطية متطورة لتبادل الأفكار والخبرات، وهي وسيلة فعالة لحماية الهوية القومية من التهميش والنسيان.
بالتمعن في قراءة المشهد سنلاحظ ان شعبنا الكلداني لم يطاله التهجير القسري وعمليات العنف فحسب إنما كان الى جانب ذلك عمليات التهميش والأهمال من لدن الحكومة العراقية الأتحادية التي ضمنت تمثيل كل الأطياف العراقية القومية والدينية والمذهبية باستثناء تمثيل شعبنا الكلداني الذي يمثل ، هنود حمر العراق ، بشهادة كل المنصفين ، فهو المكون العراقي الأصيل الوحيد الذي ابعد عن التمثيل في هذه الحكومة ، ويبدو ان الحكومة ليس في قاموسها التمثيل العادل للمكونات العراقية المبني على المساواة بشكل منصف ، إنما هي تعتمد على تمثيل من لهم القوة والسطوة فحسب .
كما ان الأخوة الأكراد برغم موقفهم المسؤول الشريف من المكون المسيحي ، لكن فيما يخص الحقوق القومية للشعب الكلداني ، فإنهم بصراحة قد أداروا ظهورهم للمكون الكلداني برغم ان هذا الشعب ( الكلداني ) وقف الى جانبهم اثناء نضالهم المسلح لنيل حقوقهم من الحكومات العراقية السابقة .
هنالك ناحية أخرى وهي ان أشقائنا المقربين يحاولون إذابة هذا المكون في كؤوسهم ، كما يذوب السكر في قدح الشاي ، وهذا منافي للوائح حقوق الأنسان وحقوق الأقليات ، وحرية الفكر والأنتماء والمعتقد ، إننا في القرن الواحد والعشرين وإي نوع من الوصاية مرفوضة ، وكل إنسان له الحق في ان يفكر كما يريد وعلى الآخر ان يقبل ويحترم هذه الحدود ، دون وضع عراقيل او محاولة كيل التهم لمن يخالفهم في الأنتماء والهوية والتفكير .
من هذه المنطلقات اصبح عقد مؤتمر كلداني عام ضرورة حتمية لا مناص منها ، وكان التوجه العام يخلص الى ضرورة عقد مؤتمر كلداني في الوطن ، في بلد الكلدان ، لكن لم يكن ثمة اي تعضيد من قبل الحكومة العراقية او من قبل القيادة الكردية ، وهكذا كان مقترح الأخوة في سانتياغو بأمريكا ، من باب الأخلاص والشعور بالمسؤولية بمبادرتهم الطيبة وتحملهم اعباء انعقاد المؤتمر في مدينتهم .
إن هذه المبادرة المخلصة الكريمة جاءت في محلها وفي وقتها المناسب ، فهي كضرورة مرحلية في هذه الظروف العسيرة التي يمر بها شعبنا ، إن كان في مسألة التهميش واللامبالاة او محاولات التذويب او في اوضاع التهجير القسري وقلع الجذور من الوطن ، ومن هنا سوف يشكل المؤتمر وسيلة حضارية فعالة ومنهج عملي لتبادل الخبرة والأفكار ومن ثم وضع مقترحات وأفكار لتحقيق الأهداف المناطة بهذا المؤتمر من مسالة توحيد الكلمة ورسم خارطة الطريق للعمل القومي لشعبنا الكلداني ، لكي يتبوأ منزلته الرفيعة إن كان على الساحة العراقية عموماً او في اقليم كوردستان او في بلاد الشتات .
إن مؤتمر ” نهضة الكلدان ” المزمع عقده يوم 30 آذار القادم ولمدة ثلاثة ايام ، يضع على عاتقنا مسؤوليات كبيرة ينبغي النهوض بها ، فاليد الواحدة لا تصفق كما يقال ، إنما تضافر الجهود وتحشيد الأمكانيات والعمل الجماعي المشترك بقلب واحد وإرادة واحدة ، حتماً ستكلل تلك الجهود بالنجاح والتوفيق ، إن ان كلداني يفتخر بقوميته الكلدانية عليه ان يساهم بهذا المؤتمر ، إن كان عن طريق الحضور والمساهمة في اعماله او بتقديم دراسات ومقترحات وبحوث تثري اعمال المؤتمر .
أقول مخلصاً :
إن الكلدانيين بحاجة قصوى الى مراجعة الذات لتقييم التجارب والأستفادة من الأخطاء ، إذ ليس من المعقول ان يبقى هذا الشعب الذي يشهد التاريخ على علومه وفنونه وديناميكيته عبر سيرورة الزمن ، إذ ليس معقولاً ان يبقى بحالة الخمول والسبات ، فلا بد ان ينهض وينفض عنه غبار الأهمال والتهميش ، لكي يتبوأ مكانته اللائقة بين المكونات الأخرى .
أجل نحن بأمس الحاجة الى مراجعة النفس ، وبهذا الصدد اقول مخلصاً :
ليس بالضرورة ان نبقى نلعن الظلام لكن بدلاً من ذلك علينا إشعال شمعة تضئ الطريق لنا وللاخرين .
أحسنت وبارك الله فيك أخي العزيز
السيد لؤي فرنسيس المحترم، أؤيد الاخوة اعلاه واريد اضافة شيء الا وهو ان منطقة سهل نينوى التي يكثر فيها المسيحيين…
الأعزاء أودا و فرج اسمرو المحترمين نعزيكم بوفاة المرحومة المغفور لها شقيقتكم إلى الأخدار السماوية، أسكنها الله فسيح جناته الرحمة…
الراحة الابدية اعطها يا رب و نورك الدائم فليشرق عليها. الله يرحم خلتي مكو الانسانة المحبة طيبة القلب. مثواها الجنة…
Beautiful celebration Congratulations! May God bless Oscar and bless his parents and all the family and relatives