لعبة ممزقة / بقلم باسل حنا
حيرتان هما اللتان تنهشان و تخونان اردتي بأن اكتب عنك لوحتي ، حيرة الحيوان الذي يسكن جوفي ، و حيرة البرائة المتقطرة من منتهى عينان تعتصر جفنيهما قصص لاتحكى الا لثكالة يختمرون نشوة الأجساد مساءً .
الهام ذلك الذي يصارع جسدي ورأسي ليعود بي الى حيث اجهضتك الاقدار،الى كينونة ازمان معنونة بسيل فياض منبعة قلب يتستر من فضول و حشرية التقليد و العرف البائس ، الهام يعود بي الى واقت كتاباتي، فأسترجع لاتصور ، هناك حيث تواعد التاريخ مع طاحونة القمح العتيقة، طاحونة ناظرتها الاجيال بعيون حالمة ، لايعرف المارة ذلك الحي الي بأسمها ، تشعر و انت تجانبها انك على ملقى لحظارات امتهنت اسلالها التائهة اسرار القمح و الارض ، جدرانها الشاهقة بلا تقسيمات يشعرك برنين وجودها و على مفارق الطرق الاربعة تشيخ مع الزمان فيحتضنها شوق المارة من بعيد ، هدير المحركات و غبار القمح المطحون و عمق الرائحة اشياء تكفل لك بأن تسرد قصة تختزل تفصيل المكان و ساكنيه.
من جهة اخرى بيت طيني بمساحة ترابية تروي لك رائحة التراب العطش فيها و مع كل مساء وبعد جولة شمس عنيدة قصة الاجداد اللذين عبروا المكان فتحسبهم ابطال القوا السلام على كتف المكان و بهدوء رحلوا، يذكرك المكان مع صوت الجرارات البعيدة و الهدوء الريفي العذري البريئ البعيد عن مخلافات التكنولوجيا بحكاية كان الاسلاف يلقونها ليلا حول ملتقى مصباح يبعث ضوئة بهدوء و كأنهم يحكون سرا للتاريخ فتنام العيون و دمع العين يغلي .
قطار واحد هو الذي يمر بالمكان ،وخط حديدي عنيد على طول الحدود التركية ، يمر و كأنة مقاتل عاشق بصولجان حديدي مرتمي بعزله الاَخاذ ، و لانه الوحيد فأنة يأتي محملا بالحنين مشحون بالغرائز مريض العواطف ، تراه فتشعر بحملة الممتد على طول الارض ولحكاية شوق لسحر المكان ،الم لوداع حبيب يتبخر مع صوت رفرفة اجنحة الحمام من فوق سطح الجيران المطل على تلك الساحة الترابية و اقدام رائعتي تغازل حباتها ، يأتي ليبشر ساكني المكان ان الموعد قد حان لوداع احدهم ، انه وداع الشمس لمدينتهم الغافية على اطراف جبال طوروس و كأنها عروس و الشوق لها هو مهرها المسروق ، يأتي سارق الاحلام و يرحل و عتبة المحطة الاسمنتية هي وحدها من يفصل عالم الوجدان عالم مذهب يقلك اليه السعي وراء لقمة العيش، ماذا بعد و اية ابجدية تنقل سحر المكان المشحون بهالة يخلفها جسدك النحيل .
لم و لن انسى اتصالك ذات ليلة ، حرقة بلعت ذلك الوهس الذي كنت استشعرة ابدا يترددات صوتك ، اين تلك الطبقة الصوتية برنينها المخملي ، احسست حينها و لسانك العاثر يهذي وكأنة امام دينونته يتلو للعرش السماوي خطاياه ، لم ولن انسى عندما وعلى غير العادة سألتك عن هواجسك و تلبكك المفضوح .
-
مجنونتي ، اي زا مكان ذلك الذي حظك ان تتصلي و انا اكتب عن وطنك الذي نذرتي له طفولتك و رحلتي . كما انني لا اشعر بجسد صوتك الذي يغويني دائما بشراهته الانثوية ، اعرفه يأتي و كأنه امراءة بجسد غزلي ، حريري الملمس ، خرافي الوجود ، يأتي على وقع هذاياني فيعبث بعرائزي ليهمس تعال لنمارس العشق الحرام على مفارش الخطايا ، فهل هناك من مكروه .
-
لست على خير ما يرام ، لا اعرف ما الذي ينهش جوفي ، ربما لحظة من ذاكرتي المنهوبة ، فهي التي تزوني كل مساء كما اوجاع الجسد ، او ربما الم سنين مهدورة بعيدا عن وطن مهرت جسدي له.
-
اي لحظة تتحدثين عنها و اي الم يجرؤ ان يقتحم اسوارك الملكية
-
هي صورة ربما تختزل لك معنى ان يقفل المرء قلبه ليحتفظ ولو على اقل تقدير برائحة مكان تختمر في صدره ، مكان اجبرتني الاقدار ان اهجره لأعيش وطن في قلب وطن ليس بوطني .
-
انا اسمعك فأسدلي و شاحك عن ما خلفه من حكايا انتظرت طويلا للقاء من يستحق ان تحدثيه عنها ، شخص يعيد الوشاح لرأسك ويحفظ مرمى العيون من فرسان الغدر الثأرين .
-
يبدو انك واثق بشخصك .
-
لما لا و انا من يخاطبك ببساطة ، ولما لا و انا من قطع تذكرة دخول ابدية تجيز لي اقامة خلف اسوار قلاعك .
-
انت على حق .
-
و ما هو الحق .
-
لقد كنت كمن بمتلك شئ مسروق من بيت احدهم و الرجال تبحث عنه مذعورة ، شيئ ثمين و نادر اختفظت به لسنين طوال في رأس نخرته هموم الحياة و هو صامد لماع . خشيت ان ابوح به لغير السماء ، فهي وحدها من يبلع الاسرار دون ان يصلبوك الماره عقابا على طفلة تعيش داخلك فالتهمة التي علقت بحقي هي اني كبرت ، طفلة تبكي لضياع و موت لعبة تحت عجلة الزمان فمزفتها احقاد الاقدار البائسة ، شيئ ما مقدس احتفظ به لنفسي فأزوره ليلاًًًًًًًًًًً كعشيقة تفترش ضوء القمر للقاء احدهم ، سر خبئته لك وحدك اعترفت لك همساً حتى لا يسمع احدهم فتعلق نعوتي انني جننت .
-
اهدءي جميلتي و اخبريني هل استطيع ان ارى تلك الطفلة .
-
لما لا و انت من حبست لاجله خلف قضبان الزمان .
-
………………………
-
……………………………..
-
لم اتخيل للحظة ان النسبية (لأنشتاين ) قابلة للتحقق ، سرعة الالهام الذي شق جسدي لطرفين و عمق الصورة حاضر ، يصرخ فيجعلك ترتمي بالرغم من صمت المكان الذي تبكيه طفلتي المأسورة ، كاميرة تلتقط احساس المشهد و تنقلة بكل عواطفة الثائرة ، لقطة تشعرك بعمق اللحظة التي توقف عندها الزمان . صراخ فتاة ، عويل جراح ، انسان ممزق ، ملح من اثر الدموع على خدود نذرت للطفولة . لوهلة تشعر انك امام نبوءة ، تشعر و انت تناظرها انك من ابتعثته السماء لتحمل صليب ألام تلك الطفلة ، انك خلقت وسوف لن تموت حتى تقشع عينك ذلك الطفل الذي سجن خوف من قضايا معلقة بحقه ، خوف من ان يظهر فيقيد برسم التحويل للمصحات العقلية …. صورة تصرخ بصمتها ( لماذا مزقتموها ، لماذا تتهكمون ) و يأتي شحيح صوت :
-
و لماذا تبكين طفلتي
-
ابكيك عزيزي
-
لماذا ؟
-
لانك من ارى فيه يومي هذا و انا شابة .
-
كيف ؟ ولماذا ؟ و ما حاجتك للدموع ، انه (دي جا فو) لا اكثر .
-
بل هو انت ، واقعي المغروز في رأسي و كأنة رمح تحجر مع تكوين تاريخي .
-
سأعود ان امكن فأسرقك و اللعبة معنا ، سوف لن ادعك ترحلين .
-
يبدو ان الاوان قد فات .
-
و لماذا ؟
-
لان طفلتك الشقية بيعت ، وقد اتى رجلا ببزة سوداء و خطفها ،هي انتظرتك طويلا و لم تأتي .
-
لم اكن قد سلمت روحي بعد في حياتي السابقة ، ماذا افعل ؟ وهل احارب الاقدار .
-
و انا سأمت الانتظار قابعة بيتي الطيني الفقير و لعبتي المقتولة تناظرني .
-
لا ترحلي علني التقيك في حياة اخرى .
-
بل سأرحل وسأشتاق ان انظر فقط لعينيك لانهما ما سوف يبقى لي بعد الانتصار ، فهما كفيلتين بحملي الى حيث دهست لعبتي والى محطة القطار القديمة ، الى طاحونة القمح بصوت الاتها التي تنازع طلب للحياة ، للشوارع المتصالبة و التي يحكي كل منها قصة حب بدائي على طريقة الرسائل من خلف الجدران و بين الشقوق ، سوف لن يكون لي غير صوتك الذي يقاهرني ، يعذبني ، يفتك براءتي .
-
و اي مشاعر لكي علي .
-
لا تسأل : احبك ، اقتلك ، اجهضك ، دعني ……. بل لا تدعني ، ارجعني و احتظني كذاكرة مغتصبة ، خذ بيدي و ارحل حتى ارتمي بروحي على مفترش حكاية و فوق رجولة مطرزة بأحرف و طني و الوانها علمي ، دعني اشعر بك ……. بل اني اشعر بك فأنت من يحملني كافراشة بشهيق رجولته المفضوح ، اتمايل كاريشة منتهكة الحرمات تعبث بها ريح الشمال الباردة فتتكشف خطايا جسدي لك وحدك .
-
واين الطفولة التي تتحدثين عنها .
-
انها حبكة القصة فأنت وحدك من رسم رجولته و بريشة انامل سحرية على ظهري العاري ، و انت من انسلخ عن روحي و جسدي في حيواتي الغابرة .احببتك فعشقتك فأنجبت منك .
-
اهدئي صغيرتي و عودي كما عهدتك تلك الانثى التي تتحدث بصمت ، تضحك دونما صوت و تنطق دونما حروف ، لا تجعلي فوضى مشاعرك تفتك بجمال حضور راقي لي معه كل يوم مواعدة من نوع اخر .
-
حسنا ……………………. ممممممممممممممم وهل ستقفل السماعة.
-
لا لانني اكتب ما قرأتية اعلاه ………. فأكملي حتى يجف حبري و موعدنا حياة اخرى ….
بقلم باسل حنا
15/8/2014
أحسنت وبارك الله فيك أخي العزيز
السيد لؤي فرنسيس المحترم، أؤيد الاخوة اعلاه واريد اضافة شيء الا وهو ان منطقة سهل نينوى التي يكثر فيها المسيحيين…
الأعزاء أودا و فرج اسمرو المحترمين نعزيكم بوفاة المرحومة المغفور لها شقيقتكم إلى الأخدار السماوية، أسكنها الله فسيح جناته الرحمة…
الراحة الابدية اعطها يا رب و نورك الدائم فليشرق عليها. الله يرحم خلتي مكو الانسانة المحبة طيبة القلب. مثواها الجنة…
Beautiful celebration Congratulations! May God bless Oscar and bless his parents and all the family and relatives