علم الكلدان القومي… ثلاثون عاماً من البهاء
حيّا عمّا كلدايا
في منتصف شهر أيلول، قبل ثلاثون عاماً بالتمام كنت جالساً في مرسمي الواسع المكتظ باللوحات والألون ومنضدة التصميم في زاوية الغرفة ورفوف كتب الفن والتاريخ الرافدي الممتدة على طول الجدار الطويل، وحامل اللوحات الكبير الذي أنجزه لي والد زوجتي (لاحقاً) عادل إلياس ككا عيسى، الذي كان نجاراً لامعاً أمتهن حرفة النجارة على يد أسطة من قرية الجبابرة (ألقوش).
أعلمتني الوالدة بمجيء صديقي الراحل الفنان الكبير زياد مجيد حيدر، الذي دخل المرسم على عادته هاشاً باشاً وفي يده زجاجة عرق وبضعة سكيتجات (رسوم) وكتاباً صغير الحجم عن حياة الشهيد (فهد) يحمل غلافه صورة شخصية له، كنت أريد أن أضمنها في واحدة من أعمالي المنفذة بطريقة الحبر الصيني والكولاج التي أستخدمتها في معرضي الشخصي الأول الزمن الصعب عام 1981م.
كانت فترة مطلع الشباب تلك حبلى بالأحلام والمشاريع. كنا وقتها نعمل منفردين على أنجاز تصاميم لمسابقة شعارات المحافظات العراقية، التي فازت أربع من تصاميمي المشاركة (من أصل خمسة تصاميم) بالجائزة الأولى عن أربع محافظات عراقية، كما كنت أعد العدة وقتذاك لتحضير معرضي الشخصي الثاني (بيت الجنون) في قاعة (الرواق) قاعة الرسم الأولى في العراق آنذاك.
كانت رسومنا الورقية وقتذاك تنفذ إما بأقلام الرصاص من نوع بي أو بالأقلام الملونة والحبر الهندي / الصيني، فيما يتم تنفيذ التصاميم النهائية بألوان الأكوريل واﻟﮔواش إذا ما كانت على الورق أو بالإكريلك والتمبرا والألوان الزيتية إذا ما نفذت على القماش، وقد كنت متمكناً في التنفيذ بمادة اﻟﮔواش التي أستخدمتها لتنفيذ تصاميمي الورقية إلى درجة أن الفنان اﻟﮔرافيكي الكبير برهان كركوكلي المقيم في هولندا حالياً، كان مستعداً لأن يقسم أغلظ الإيمان بأنني أنفذها بآلة الإيروبرش (الفرشاة الهوائية) المحدودة الإستخدام في العراق بسبب عدم توفرها وغلاء سعرها، وكان ذلك يسعدني ويدعوني إلى الضحك
تفحص زياد تصاميمي وقال بمحبة وصدق وهو المعروف عنه دقة الملاحظة وعدم المجاملة: عامر أن مجموعة التصاميم هذه مدهشة حقاً، وأعتقد بأنك ستفوز لا محالة، ما عدا محافظة بغداد فأن التصميم يحتاج لأفكار جديدة، وقد صدق ظنه.
نظر زياد جانباً وراح يصفر بفمه (معبراً عن دهشته) وهو يقول: ألله ما هذا التصميم؟ … فقلت له: أنه مشروع (علم الكلدان)، ولما كان زياد فناناً تعبيرياً وشيوعياً ملتزماً بالفكر الأممي، فقد كان جُل إهتمامه منصباً على الإلمام بالتفاصيل التقنية للعملية الفنية وليس بالتفاصيل القومية، فما كان مني إلا أن بينت له أهمية إعتزازنا بأصلنا الكلداني كوننا (سكان العراق الأصليين) وأريته كراسة المرحوم الشماس يوسف ميري (اللغة الكلدانية للمبتدئين) التي أعدت نشرها بتصميمم جديد ورسوم خاصة بها مع المغفور له الأب الفاضل يعقوب يسو عام 2003م، وقد أعجب زياد بمعلوماتي الواسعة عن الكلدان ومآثرهم، فأستعار مني يومها كتابين حول التاريخ الرافدي، كنت قد أشتريت أحدهما قبل بضعة أيام بعشرة دنانير وهو مبلغ خيالي وقتذاك، لكن كتاب د. ثروة عكاشة (الفن في العراق القديم) كان يساوي في نظري ضعف ذلك المبلغ الخيالي، لا سيما لشاب في مطلع العشرينات من عمره.
أن لزياد (أخي الروحي) دور في تبني علم الكلدان القومي، إذ لم يكن كما يعرفه المقربون منه ذلك الرسام الكبير والمصمم الكرافيكي من الطراز الأول حسب، وإنما كان أيضاً أخ وصديق وفي وثروة عراقية شاركني في محبة العراق المزروعة فينا حد النخاع، مثلما شاركني معاناة المطاردة والإعتقال والتعذيب وأحكام الإعدام، ذلك الرائع زياد مجيد حيدر قد عرضت أعماله الفنية في كل من بغداد – عمان – قبرص – كان سورمير فرنسا- طوكيو- سويسرا- أمريكا- فنلنده- ﭘولنده- بلجيكا- السويد- وفي محترفه في هولنده حيث توفي عام 2006م.
لقد فاز زياد بالعديد من الجوائز العالمية والمحلية ومنها جائزة التصميم في المعرض العالمي (الفنان ضد التمييز العنصري) عام 1974، وأيضاً بجائزة مهرجان كان سورمير عام 1985 وغيرها.
زياد أبن مدينة العمارة وباللغة الكلدانية (ميشن)، أعجب بتصميم العلم الكلداني وأحب ما عرفه عن الكلدان فلم يتردد عندما كان يشغل منصب المدير الفني في جمعية بابل للفنانين والكتاب في هولندا عن إدانة سرقة تصميمي المقترح لعلم العراق عام 2004م من قبل أحد المعماريين العراقيين، مثلما لم يتوان عن تزويدي بكتاب (أصالة) بين فيه (فرادة وأصالة العلم الكلداني) الذي شهد شخصياً، أولى تصاميمه عام 1985م مثلما أشار في كتابه ذاك، إلى فوزي بمسابقة تصاميم شعارات وأعلام المحافظات العراقية.
كلدان من عدة أجيال مبتهجين بالعلم القومي الكلداني
اليوم، وعندما أتذكر بعض من الفنانين العراقيين الكبار الذين أعجبوا بتصميم العلم القومي الكلداني الفريد، سواء كانوا من غير الكلدان، كالفنان التركماني برهان كركوكلي، أو من رواد الفن الحديث في العراق مثل شيخ الرسامين العراقيين الكلداني وأبن قرية (تلكيف) العريقة الأستاذ عيسى حنا دابش، مؤسس أول حركة فنية عراقية حديثة عام 1941م، وأستاذ مادة الفوتوغراف والسلك سكرين اللتين درسهما في الولايات المتحدة عام 1951م، وأحد المساهمين في تصميم وتنفيذ (شعار الجمهورية العراقية) و(علم العراق) مع أخيه الروحي الفنان الخالد جواد سليم عام 1959م.
العلم القومي الكلداني في ألقوش وسان دييكو/ كاليفورنيا
أحسنت وبارك الله فيك أخي العزيز
السيد لؤي فرنسيس المحترم، أؤيد الاخوة اعلاه واريد اضافة شيء الا وهو ان منطقة سهل نينوى التي يكثر فيها المسيحيين…
الأعزاء أودا و فرج اسمرو المحترمين نعزيكم بوفاة المرحومة المغفور لها شقيقتكم إلى الأخدار السماوية، أسكنها الله فسيح جناته الرحمة…
الراحة الابدية اعطها يا رب و نورك الدائم فليشرق عليها. الله يرحم خلتي مكو الانسانة المحبة طيبة القلب. مثواها الجنة…
Beautiful celebration Congratulations! May God bless Oscar and bless his parents and all the family and relatives