شمعون الصفا .. مدرسة عمرها 156 عام
عنكاوا كوم – الموصل – سامر الياس سعيد
ما أجمل عبق الزمان وهو يداعبنا حينما وطأت أقدامنا عتبة
مدرسة شمعون الصفا، هذه المدرسة التاريخية التي تستند
على عمر طويل. كانت رائحة الزمان ترافقنا ونحن نخطو
خطواتنا لنزور اعرق مدارس مدينة الموصل وأقدمها على
الإطلاق وخلال هذه الخطوات أدركنا كم من قامة ثقافية
وعلمية سارت على نفس الطريق لتدرك مدرستها وتنهل من
ينابيعها أصول العلم والمعرفة.
زيارتنا خصصت للاطلاع على التاريخ الذي تستند عليه
مدرسة شمعون الصفا او بابل، التسمية الثانية التي تحظى
بها هذه المدرسة الموصلية العريقة. في الوقت الحاضر
يتناوب على الدوام بالمدرسة من خلال الدوامين الصباحي
والمسائي 900 تلميذ وتلميذة، وقد أدركت المدرسة خلال
أعوامها الكثيرة العديد من مراحل التعمير والتأهيل لعل أخرها
ما شهدته في العام السابق، حيث شمل التأهيل الاهتمام
بالصفوف وصبغها وتأهيل مرافق المدرسة الأخرى.
تعاقب على ادارة المدرسة أسماء لنخب إدارية من ابناء شعبنا
لعل منهم ، شكري عبد الاحد الذي تولى إدارة المدرسة عام
1927 أعقبه سعيد ججاوي في عام 1940 وتلا ججاوي
في إدارة المدرسة الاستاذ اسحق حنا عيسكو وذلك في العام
1959 وفي العام 66 تولى إدارة المدرسة التربوي الفاضل
بهنام سليم حبابة حتى عام 1972 حيث تولى إدارة
المدرسة الاستاذ باسم سليم عجاج وفي عام 1975 تولى
الإدارة الأستاذ مؤيد داود توما وبعده بعامين تولى مقاليد
إدارة المدرسة فخري جبرائيل عجاج وفي عام 1982 تولى
إدارة المدرسة جورج حنا الساعور وبعده بعامين أصبح
عزيز حنا مروكي مديرا للمدرسة وفي عام 1991 تولت
جليلة يوسف بهنام إدارة المدرسة وأعقبتها في عام 2006
التربوية الفاضلة سهام نعمان لتحال على التقاعد في العام
السابق وليشغل مقعد الإدارة في الوقت الراهن ..
يمتلك معلومات غزيرة عن المدرسة وتاريخها العريق
التربوي الفاضل بهنام سليم حبابة، حيث نشر موضوعا عنها
في مجلة بين النهرين التي كانت تصدرها مطرانية الكلدان
وذلك في عددها المرقم (13) والمؤرخ في عام 1976.
حبابة يتحدث للموقع عن المدرسة…
يقول حبابة عن المدرسة في حديث مفصل لموقع “عنكاوا
كوم” ان ما كانت تعانيه مدينة الموصل أبان الاحتلال
العثماني من ويلات الجهل والتخلف فضلا عن الفقر والأمية
المتفشية بين الأهالي فشعر آباء الكنيسة بالحاجة الى
حاضرة تعليمية تنتشل الناس من بحر الجهل وتنقذهم من
استشراء الأمية فشرع الأب جرجس (عبد يشوع ) خياط
والذي ينتسب لعائلة بزوعي العريقة بالمهمة بعد عودته من
روما وذلك في عام 1853 حيث انتهى من دراسته الجامعية
ووصل الموصل في عهد البطريرك مار يوسف اودو
السادس وخطط الاب المذكور لمهمة افتتاح المدرسة وكان
ذلك في عام 1855 حيث تم افتتاح المدرسة في كنيسة
شمعون الصفا الاثرية والتي لاتبتعد عن كاتدرائية مسكنتة
وأطلق عليها اسم مدرسة شمعون الصفا وباشر ابناء
المنطقة بتلقي العلم من حاضرتها كما تأسست في المدرسة
ذاتها مطبعة وذلك في عام 1865 أسهمت بطبع كتب لمنفعة
المدرسة والكنيسة وباللغتين العربية والكلدانية.
وواصل حبابة استذكارته بالإشارة الى ان الاب خياط رسم
مطرانا وحمل اسم المطران ما عبد يشوع خياط فزاد اهتمامه
بالمدرسة من خلال اختياره للمعلمين واسهامه بتشجيع
الأهالي على تسجيل أولادهم بالمدرسة وكان من جملة من
أداروا المدرسة في تلك الحقبة الاب سليمان موسى الصباغ
والأب هرمز جبري، واوضح انه خلال الأعوام التالية انتقلت
المدرسة من موقعها السابق الى عدة مواقع منها الى بيت
يقع مقابل موقعها القديم وأصبحت فيما بعد تعرف بمدرسة
الكلدان للبنات كما انتقلت ثانية الى بيت انطوان الصراف
الذي يقع قرب جامع الصفار الحالي.
بناء موقع المدرسة الحالي…
واسترسل الشماس حبابة في استعراض شريط الذكريات
ليتوقف عن حدود العام 1927 حيث باشر البطريرك مار
عمانوئيل الثاني ببناء الموقع الحالي للمدرسة والذي يقع في
منطقة حوش الجمال على الأرض التي كان يملكها داود
يوسفاني عضو مجلس المبعوثان في استانبول وأصبحت
المدرسة فيما بعد مختلطة بعد ان الغيت مدرسة البنات لقلة
عدد التلميذات.
وقال ان المدرسة نالت صيغتها الرسمية وأصبحت عائديتها
لطائفة الكلدان حسب اشارة الشماس بهنام حبابة بعد ان
كانت تسمى في عهد العثمانيين بمكتب اعدادي وكان رجال
الدولة بالعهد العثماني يحضرون حفلة توزيع الشهادات
وهنالك وثائق تشير لتلك الاحتفالات التي كانت تجري لكن في
عام 1927 تعين الاستاذ شكري عبد الاحد خضر من قبل
دائرة المعارف ليتولى إدارة المدرسة حتى عام 1941 ليعقبه
سعيد ججاوي الذي بقي مديرا للمدرسة حتى عام 1959
حيث تولى في هذا العام الاستاذ اسحق عيسكو ادارة
المدرسة وللعام 66 حيث توليت شخصيا ادارة المدرسة
واستمريت الى عام1972 (بحسب قول الشماس حبابة ).
وقال كانت المدرسة ابتدائية بـ12 صف ولكل صف شعبتان
وكان عدد التلاميذ فيها أكثر من 500 تلميذ ويستذكر
حبابة العديد من المعلمين الذين تعاقبوا على المدرسة
وكان في مقدمتهم عدد من الاباء الكهنة فيما كان من ابرز
المعلمين الذين درسوا فيها كوركيس عواد واسحق عيسكو
والاب عمانوئيل ددي ويعقوب رسام وعبد الكريم بني
والياس زينا وبطرس نعامة وسفر المختار ومحمود
إسماعيل الذي قضى كل سنوات خدمته البالغة 27 عاما في
هذه المدرسة.
وقال ان من الذين قضوا اغلب سنوات خدمتهم بالمدرسة هم،
أيام زمان أحلى الذكريات ..