شكراً للزعيمين مقتدى الصدر وعمار الحكيم .. ولكن
by
حبيب تومي
·
عام 1498 انطلق كرستوف كولومبوس باتجاه الغرب في بحر الظلمات ( المحيط الأطلسي )
وفي نيته بلوغ شبه القارة الهندية وآسيا وذلك لكي يثبت كروية الأرض ، وبأنه يمكن
الوصول الى شبه القارة الهندية ليس بالتوجه نحو الشرق فحسب إنما يمكن بلوغها بالتوجه
نحو الغرب ايضاً ، وحينما وصل في اكتوبر عام 1498 الى جزر بهاما وكوبا ، اعتقد ان
وصل الى الهند عن هذا الطريق ، وهكذا اطلق على السكان ذوي البشرة السمراء المائلة نحو
الأحمرار اطلق عليهم الهنود الحمر ، باعتبارهم هنود ولتمييزهم عن الهنود السمر المائلة
بشرتهم نحو الأصفرار . ونبقى مع كولومبو والقارة التي اكتشفها وهو لا يدري بنفسه ،
وسوف يغدو شمال هذه القارة في القرن العشرين دولة عظيمة يطلق عليها الولايات المتحدة
الأمريكية ، وما يهمنا في هذه المقدمة الطويلة هو الهنود الحمر ( السكان الأصليين ) والذين
اقرت الدولة الحديثة حقوقهم كسكان اصليين ، لهم حقوق اكثر من المواطن الأبيض الذي
هاجر اليها فيما بعد ، فالسكان الأصليين ( الهنود الحمر ) هم الوحيدون الذين لا يترتب عليهم
دفع ضريبة الأرض ، المترتبة على جميع المواطنين باستثناء السكان الأصليين .
بعجالة ننتقل الى أرض النهرين العظيمين دجلة وفرات اي بلاد الرافدين ، ولكن الى حقبة
زمنية تعود الى اواسط القرن السابع الميلادي ، حيث كانت القوات الأسلامية منطلقة من
جزيرة العرب وهي في طريقها الى الفتوحات في ارجاء الدنيا ، ومنها ارض بلاد الرافدين
( عراق اليوم ) ، وفي مدن هذه الديار ، الحيرة والمدائن والأنبار والبصرة والموصل وتكريت
وكركوك … وغيرها من المدن شاهدت القوات الأسلامية مدن يسكنها الكلدان المسيحيون
يتكلمون اللغة الكلدانيــة ، وتنتشر في تلك الأصقاع الكناس والأديرة والمدارس ، وفي اماكن
دخول تلك القوات بالذات المدائن والحيرة والبصرة والأنبار وهي اليوم مدن العراق منها
كربلاء والنجف والكوفة ، حيث كانت تنتشر في هذه الأصقاع الكنائس والأديرة التي كانت
تقدم المساعدات الأنسانية للمسافرين على الطرق الصحراوية .
إن واحداً من المساجد التاريخية اليوم وهو جامع براثا بجانب الكرخ ببغداد كان واحداً من
الأديرة . وبعد 1400 سنة من دخول تلك القوات لبلاد ما بين النهرين ، فإن المحصلة
النهائية كان اندثار المكونات الأصيلة ومحو ثقافتها ولغتها الكلدانيــة ودينها المسيحي ،
واليوم شتان ما بين وضع السكان الأصليين في اميركا وما آل اليه مصير السكان الأصليين
في العراق وفي البلاد العربية الأسلامية عموماً .
من الحماقة ان نطالب بعودة الدولة المسيحية الى العراق كسابق عهدها قبل دخول الأسلام ،
لكن من حقنا التمتع بحقوق المواطنة في وطننا العراقي وأن يكون لنا حقوق كاملة متساوية
مع حقوق المسلمين الفاتحين لبلادنا ، ولا نطالب بزيادة الحقوق كما هي حقوق الهنود الحمر
في اميركا والسكان الأصليين في استرالياً ، لكن من حقنا ان يكون لنا حقوق دستورية في
الدولة العراقية الحديثة ، تضمن بأن يكون للمسيحي الحق في تسنم اي منصب في الدولة بما
فيها وظيفة رئيس الجمهورية او رئيس الوزراء او اية مسؤولية سيادية أخرى ، وهذا
سيكون شرفاً للعراق ان يكون لسكانه الأصليين مثل هذا الحق .
السيدان الجليلان مقتدى الصدر وعمار الحكيم ( عذراً لاني لا اجيد استخدام الألقاب الدينية )،
ولكن اعرب عن شكري وامتناني كمواطن عراقي مسيحي الدين ، كلداني القومية ، لموقفكما
الأنساني والعراقي الأصيل حيال ما تعرض له اخوانكم في كنيسة سيدة النجاة في منطقة
الكرادة بقلب بغداد . وهذا الموقف الأنساني عكسه ايضاً الأستاذ مسعود البارزاني حينما فتح
ابواب اقليم كوردستان امام المهاجرين المسيحيين من الكلدان والسريان والآثوريين وكذلك
موقف مام جلال وكثير من المسؤولين العراقيين .
السيدان الجليلان مقتدى الصدر وعمار الحكيم
إن المقدمة التي كتبتها في هذا المقال المتواضع هي مدخل للمطالبة بحقوق الأنسان بأبسط
وأوضح صورها بعيداً عن التفسيرات الدينية ، فمن بديهيات حقوق الأنسان مفهوم ( حق
الحياة )، فمن حقوق الأنسان الذي خلقه الله ان يعيش حياته ولا يحق لشخص آخر أن ينهي
تلك الحياة وفق مزاجه ومتى ما يشاء .
لكن ماذا شاهدنا على الساحة السياسية العراقية ؟
في الشهر الماضي شق مسلحون ( مسلمون ) طريقهم الى مذبح كنيسة سيدة النجاة وقتلوا
بدم بارد 58 من المصلين الأبرياء وأصابوا عشرات آخرين بجروح مختلفة ، وبذلك تمكنوا
من ايصال رسالة بأن المسيحيين في هذه الديار حياتهم مهددة إن هم استمروا بمزاولة حياتهم
الأعتيادية في بلدهم العراق .
ان اكثر من 46 دير وكنيسة قد تعرض للاعتداء منذ نيسان 2003 م . صحيح ان المسيحيين
ليسوا الضحايا الوحيدين للأرهاب وعمليات العنف ، لكن تبقى الهجمات التي تستهدفهم اشد
إيلاماً ، فهذه الهجمات ليست متناسبة مع حجمهم الديموغرافي ، فحينما يتضاءل تعدادهم الى
النصف في العراق ، فإن المكون السني او الشيعي لم يتضاءل الى تلك النسبة الخطرة ، وثمة
مسألة أخرى وهي ان المسيحيين ليس بينهم رابطة القبيلة او العشيرة كما هي الحالة عند
العرب والأكراد ، كما انهم يفتقرون الى ميليشيات مسلحة تدافع عنهم ، وفوق ذلك فإن
الحكومة لحد اليوم لم تثبت جدارتها وقدرتها على الحفاظ وحماية المكونات غير الأسلامية بما
فيها المكون المسيحي الأصيل .
لقد عكست كلمة الأستاذ عمار الحكيم في كنيسة مار يوسف ببغداد ، في حفل تأبين شهداء
كنيسة سيدة النجاة ، عكست مشاعر إنسان عراقي وطني مخلص ، إن مثل تلك الكلمات
النابعة من القلب والضمير ، تغرس الأمل في النفس ، وتعكس الوجه الناصح للاسلام بعكس
المسلم الذي يدخل الى الكنيسة بغية القتل والأرهاب ، إن هذه الصفحة الناصعة عكسها ايضاً
الأستاذ مقتدى الصدر حينما اعلن عن استعدادهم لتشكيل فرق مسلحة لحماية الكنائس .
إن مساعدة الأقليات الدينية من الأيزيدية والصابئة المندائيين والمسيحيين بتكويناتهم القومية
من كلدان وسريان وأرمن وآشوريين ، إن مساعدة هذه المكونات للبقاء في الوطن العراقي
سيعكس الوجه التاريخي الناصح للعراق ؛ حيث بقيت هذه المكونات تساهم في بناء حضارات
العراق على مدى التاريخ ، واليوم يجب المحافظة وحماية هذه المكونات في وطنها العراقي ،
وهو واجب وطني امام كل مسؤول عراقي رفيع او مثقف اوشخصية عراقية او حزب سياسي
عراقي ، إنها مسؤولية وطنية يتحملها رئيس الجمهورية مام جلال والأستاذ مسعود البارزاني
رئيس اقليم كوردستان والأستاذ نوري المالكي والدكتور اياد علاوي والأستاذ اسامة النجيفي
، والسيدان الجليلان مقتدى الصدر وعمار الحكيم لما يملكان من مكانة رفيعة بين جماهير
الشيعة في مدن العراق .
إن كل الأطراف حريصة على إبقاء المكون المسيحي في الوطن العراقي ، لكن نزيف الهجرة
ما زال مستمراً ، والسبب برأيي المتواضع لا يقتصر على العمليات الأرهابية فحسب فأقليم
كوردستان بعيد عن تلك العمليات لكن نلاحظ مع ذلك استمرارية الهجرة ، والسبب هو عدم
توفر وظائف ملائمة ، وعدم الألمام باللغة الكردية ، فإن شاء المسؤولون ايقاف الهجرة
ينبغي فتح جامعة للطلبة في منطقة بعيدة عن سطوة الأرهاب ، وتوفير اعمال ملائمة ،
ومعاملة هذا المكون معاملة انسانية كما هي في اقليم كوردستان .
حينما يهاجر المسيحي او غيره من المكونات غير المسلمة الى بلد اوروبي ويصادف امامه
تلك المعاملة الأنسانية ، سيحث اهله وذويه واصدقائه على اللحاق به ، إننا نفتقر في بلدنا
الى معاملة انسانية تضمن للأنسان كرامته الأنسانية .
نحن نتطلع جميعاً الى بناء وطن عراقي مزدهر يلعب دوره التاريخي في التقدم والتطور
الحضاري ، وهذا يتطلب من الجميع تظافر الجهود والتعامل الديمقراطي ، إن جزءاً كبيراً
المسؤولية يقع على عاتق المجتمع المسلم ، ويتجلى امامنا في المشهد العراقي عنف وظلم
اجتماعي ، فالمسيحي او المندائي يصله العنف من جاره المسلم ، وهذه الحالة لا يمكن
تعميمها ، فهنالك جار مسلم وفي وأمين يحترم بل ويحمي جاره المسيحي او المندائي .
إن رجل الدين المسلم يستطيع ان يلعب دوراً كبيراً في هذا المضمار ، فله كلمة مسموعة لدى
الأنسان المسلم البسيط ، ولهذا على رجل الدين المسلم ان لا يزرع الضغينة والحقد وروح
الأنتقام ، إنما يترتب عليه ان يغرس بذور المحبة والوئام والتسامح بين ابناء الوطن الواحد
إن كان مسلماً او مسيحياً او يزيدياً او مندائياً .
إن الأستاذين الجليلين مقتدى الصدر وعمار الحكيم وكل الخيرين يستطيعون ان يلعبوا دوراً
هاماً في غرس الوعي وتسييد ثقافة التسامح والمحبة بين المكونات العراقية كافة .
نحن نتطلع الى وطن عراقي ديمقراطي يكون واحة خضراء تزدهر فيها كل المكونات
والأطياف العراقية الدينية والمذهبية والسياسية والعرقية والأثنية والقومية .
حبيب تومي / القوش في 20 / 11 / 2010
أحسنت وبارك الله فيك أخي العزيز
السيد لؤي فرنسيس المحترم، أؤيد الاخوة اعلاه واريد اضافة شيء الا وهو ان منطقة سهل نينوى التي يكثر فيها المسيحيين…
الأعزاء أودا و فرج اسمرو المحترمين نعزيكم بوفاة المرحومة المغفور لها شقيقتكم إلى الأخدار السماوية، أسكنها الله فسيح جناته الرحمة…
الراحة الابدية اعطها يا رب و نورك الدائم فليشرق عليها. الله يرحم خلتي مكو الانسانة المحبة طيبة القلب. مثواها الجنة…
Beautiful celebration Congratulations! May God bless Oscar and bless his parents and all the family and relatives