رودان وكلوديل.. والعشق القاتل !!
قبل عدة أيام ولدى تجوالي عند حي صغير في جزيرة سان لويس بالعاصمة الفرنسية ، قرأت على احدى الابواب “في ظل هذا المبنى توجد ورشة عمل النحاتة العريقة كاميل كلوديل”، المعروفة من قبل الفرنسيين بعشيقة النحات المشهور أوغوست رودان الذي تحتضتن باريس متحفا كبيرا له يضم اكثرأعماله الفنية الرائعة وبعضا من أعمال كلوديل..الفنان رودان الذي يعرفه الجميع بسبب عمله المميز المعروف وهو تمثال ” المفكر” المتمثل برجل يتأمل ويتصارع في دخيلة نفسه مع افكارعميقة،إذ يرمزهذا العمل الى الفلسفة والتفلسف في فرنسا والعالم.
في العاشر من آذار من عام 1913 توقفت عربة تجرها الخيول في ايل سانت لويس بباريس، وصدى حدواتها يكاد يصم الاسماع، يخرج منها ممرضان عريضا المنكبين عندها تجمع الناس لمشاهدة عملية إختطاف لأعظم فنانة في العصر وهي كاميل كلوديل، فنانة النحت المشهورة التي لم تشتهر الا بعد وفاتها. دخل هذان الممرضان ورشة العمل مندهشين من شدة قذارة الورشة المظلمة والرطبة التي تفوح منها رائحة نتنة، وقطط تحوم حول قطع من التماثيل المنحوتة المتناثرة بعشوائية هنا وهناك ، أمر قادهما الى التعجب متسائلين كيف يمكن لانسان ان يعيش في وضع كهذا مزر وقذر؟! . كانت كلوديل مهملة من قبل ذويها تبلغ آنذاك “48 “عاما ولكنها تبدو اكبر من عمرها بعشرسنوات، كانت كحيوان جريح في أعماق كهفه، منعزل عن العالم الخارجي، ومليئة بالحزن والجنون، قام الممرضان بجرها الى العربة بعنف متجهين بها الى مستشفى الامراض العقلية اما هي فالشيء الوحيد التي قامت به هو البكاء والصراخ ولكن دون جدوى وكانت المرة الأخيرة التي ترى فيها ورشة عملها. السبب في ذلك ان عائلتها ادعت ان ابنتها لاتستطيع العناية بنفسها وهي بحاجة الى مساعدة، ولكن حقيقة الامرانهم كانو يرغبون التخلص منها، وخصوصا بعد وفاة والدها. اما والدتها التي كانت تبغضها وتعتبر وجودها خطأ من أخطاء الطبيعة، هي التي كانت وراء هذا الاعتقال.
قبل هذا الحدث كانت الحياة وردية لكلوديل التي أتت الى باريس من ضواحيها لدراسة فن النحت وهناك تعرفت إلى رودان الذي اعتبرته استاذها وهي انذاك لم تبلغ “20” من عمرها. فتاة جميلة وشابة وتمتلك موهبة نادرة في فن النحت، رودان الذي يكتشف براعتها وروعة أعمالها كان اكبر منها بـ “24 “عاما لكنه وقع في حبها، لتصبح ملهمة أعماله وأن بعضا منها لاسيما المشهورة تم نحتها من قبلهما معا مثل باب جهنم ، فقد كانا يعشقان النحت وبعضهما البعض، ولكن سلم المجد والشهرة كان رودان يتسلقه وحده، أما كلوديل فموهبتها ومهارتها المتميزة لم تكن ظاهرة للعيان وبقيت هى واعمالها في الظل ، الامر الذي ازعجتها لشعورها بانها تستحق الشهرة والحضور على الساحة الفنية. لذا بدأت العمل وثابرت فيه كالمجانين لتعرض على الملأ اعمالها وأخيرا بدأ نجمها يسطع واذهلت الجميع واثبتت انها فنانة لها مهارة وخبرة واصبحت موضوعا للصحافة والصحفيين. ولكن كلوديل وبعد مرور”15” عاما على غرامها لـ “رودان” أدركت انه لن يتزوجها كون الأخير لديه عشيقة رسمية معروفة للناس، وهنا قررت ان تقطع علاقتها به والى الابد.
ولكن جرح الانفصال عن رودان بقي مؤلما رغم مرور سنوات عدة على انفصالهما، وعلى الرغم من تحررها من نفوذه المهني الا انها لم تستطع ان تجاري شهرة رودان، فقد كانت بحاجة الى مساعدات مادية للقيام بشراء مستلزمات النحت وفي الوقت عينه لم يكن هناك طلب لشراء اعمالها، وفاتورات الديون أخذت تزداد يوما بعد اخر، لدرجة انها لم تفلح في الخروج من هذه المحنة . وفي هذه اللحظة فكرت برودان وأعتقدت انه وراء هذا المشكلات التي تعاني منها وانه هو الذي يمنع الناس من شراء اعمالها، وإنغلقت على نفسها ولم تعد تغادر ورشتها وترفض الدعوات التي توجه إليها وتشعر بانها مضطهدة واصيبت جراء ذلك بنوبات من الهلوسة والجنون.
خلال الحرب العالمية الأولى تم نقلها الى مصحة في جنوب فرنسا، وانقطعت الزيارات والرسائل عنها، وبعد انتهاء الحرب عاد جميع المرضى الى باريس باستثناء كلوديل التي لاتود عائلتها ان تسمع فضائحها وهلوساتها وخصوصا انها من عائلة برجوازية مشهورة في فرنسا، وعندما تحسنت صحتها رفضت والدتها التي تكرهها حتى الموت ان تسمع عنها شيئا، الامر الغريب انه بعد وفاة والدتها، بعثت برسالة الى اخيها كي يخرجها من المشفى ولكنه رفض طلبها ..
بعد “30 ” عاما من الاقامة في المشفى فارقت كاميل الحياة العام 1943 مجهولة من الجميع وبلا مبالات ، وجدير ذكره انها ماتت جوعا لعدم قدرة المشفى على تأمين الأكل لجميع المرضى كون القوات الالمانية صادرت المواد الغذائية اثناء الحرب العالمية الثانية لاطعام جنودها وحلفائها. في الوقت الذي ماتت فيه كاميل من الجوع، كان هناك بذخ بما لذ وطاب من الطعام على موائد اخيها التي كان يقيمها لضيوفه كونه هو الآخر كان كاتبا وشاعرا مشهورا ويدعى “بول كلوديل” ، كما ان اخاها لم يحضر جنازتها عند وفاتها، وتم دفنها في مقابر جماعية دون أي اهتمام يذكر.
الأمر الغريب، انني عندما أسيرفي مناطق البلاد الشاسعة، اشاهد شوارع ومحطات قطار ومدارس ومعالم اخرى تسمى باسمها.. وبسبب عمرها الفني القصير لم يتم الالتفات اليها الا عند وفاتها..في حين ان شهرة رودان وسمعته انتشرت في جميع القارات وان طوابع بريدية تحمل صورته في فرنسا وضريحه يعتبر من أجمل اضرحة الفنانين الفرنسيين .
د.تارا إبراهيم – باريس
أحسنت وبارك الله فيك أخي العزيز
السيد لؤي فرنسيس المحترم، أؤيد الاخوة اعلاه واريد اضافة شيء الا وهو ان منطقة سهل نينوى التي يكثر فيها المسيحيين…
الأعزاء أودا و فرج اسمرو المحترمين نعزيكم بوفاة المرحومة المغفور لها شقيقتكم إلى الأخدار السماوية، أسكنها الله فسيح جناته الرحمة…
الراحة الابدية اعطها يا رب و نورك الدائم فليشرق عليها. الله يرحم خلتي مكو الانسانة المحبة طيبة القلب. مثواها الجنة…
Beautiful celebration Congratulations! May God bless Oscar and bless his parents and all the family and relatives