” في ذلك الوقت مَرَّ يسوعُ في السبت من بين الزروع، فجاعَ تلاميذُه، فأخذوا يقلعون السُّنبُلَ ويأكلون. فرآهم الفريسيون فقالوا له: ها إنَّ تلاميذك يفعَلونَ ما لا يَحِلُّ فعلُه في السبت. فقال لهم: أما قرأتم ما فعل داودُ حين جاعَ هو والذين معه؟ كيف دخل بيتَ الله، وكيف أكلوا الخبز المقدَّسن وأكلُه لا يَحِلُّ له ولا للذين معه، بل للكهنة وحدهم؟ أوَما قرأتم في الشريعة أنَّ الكهنة في السبت يستبيحون حرمة السبت في الهيكل ولا ذَنْبَ عليهم؟ فأقول لكم إنَّ هَهُنا أعظمَ من الهيكل. ولو فَهِمتم معنى هذه الآية: إنما أريدُ الرحمة لا الذبيحة، لَما حكمتم على مَن لا ذَنْبَ لهم. فابن الإنسان سيِّدُ السبت ” (متَّى12: 1 – 8). يُقابلها في (مرقس2: 23-28 وفي لوقا6: 1-5).
لو قارنا بين ما ورد في متَّى بالذي ورد في لوقا، نرى أنَّ الفريسيين في متَّى وجَّهوا شكواهم الى يسوع مباشرة، بينما في لوقا وجَّهوا اعتراضهم الى التلاميذ ثمَّ شكوهم للمسيح. وهذه الحادثة تجعلنا نتساءَل لماذا اضطرَّ التلاميذ لقلع السُّبُل؟ وإليكمالدواعي لهذا العمل:
1 – حالة الفقر للتلاميذ : إن أكل السنابل كانت عادة يهودية حيث يقومون بفرك الطرية والناضجة منها فينفخون القشرة ويأكلون الحبَّة. والشريعة تسمح بقلع سنابل الغير وقطف عنب الغيرفي حالة الجوع. ” إذا دخلتَ كرمَ قريبك، فكُل من العنب على قدر شهوتِكَ حتى تشبع، ولا تجعل شيئاً منه في سلَّتِك، وإذا دخلتَ السُّنبُل القائم الذي لقريبك،فاقطف بيدك فريكاً، ولا تُلقي منجلاً على سُنبل قريبكَ. ” (تث23: 25-26) .
2 – مُلازمة التلاميذ لمُعلِمهم المتواصلة تجعلهم دائمي الإلتفاف حوله، فلا وقت لهم للبحث عن الطعام، فأكلوا سنابل طرية، ومن المؤكَّد كان للربِّ يسوع حاجة بالخلوة بتلاميذه، فانعزلوا بعيداً ولما انتهوا من مُهمَّتهم، عادوا سائرين في الحقول وإذ شعروا بالجوع قلعوا السُّنبُل وأكلوا.
3 – لكنَّ الذي اغتاظ منه الفريسيون ليس أكل التلاميذ للسنبل من حقول الغير، بل قلع السنابل وفركها وطرح القشرة يوم السبت، فاعتبروا ذلك حصاداً وتذرية، وهذا غير مسموح فعله في السبت. ولكن هل إنَّ قطف بعض السنابل من قبل أفرادٍ جائعين يدخل في مفهوم الحصاد؟ أليس هذا تحرُّشاً غير مُبَرَّر؟
4 – إنَّ المسيح الربَّ فنَّدَ كيدهم التحرُّشي، متعجباً مِمَّن يقرأون ولا يفهمون! وبَرَّرَ ما قام به تلاميذه، مذكِّراً الفريسيين بما فعله داود حين جاع هو ورجالُه، فأكلوا الخبز المقدَّس الذي لا يحِلُّ أكلُه إلا للكهنة، فأيهما يُعدُّ اكثر مخالفةً للشريعة، فرك السنابل وأكلها من أشخاص جائعين يوم السبت أم أكل الخبز المقدَّس من قبل الذين لا يحِلُّ لهم أكلُه؟ وكان خبز التقدمة يوضع على مائدة خبز الوجوه كُلّ سبت لمدة اسبوع، ثم يتناوله الكاهن وأفراد اسرته فقط (1 صم21: 1-6).
أليس الكهنة في السبت يُدنِّسون السبت؟ أقيام الكهنة بتنفيذ الطقوس يوم السبت من ذبحٍ وسلخٍ وشيِّ الذبائح وختان الأطفال إذا صادف السبت يوم الثامن لميلادهم، هو واجب يَحِلُّ لهم الإنهماك بالعمل ولا يُخالف حِفظ السبت؟ ويُعتبرون غير خاطئين بعملهم يوم السبت وداخل الهيكل. ولما جاء المسيح الى الأرض لإتمام بشارة خلاص البشرية من عبودية الخطية، وهو يعمل دون ملل وتلاميذه يخدمونه ويُرافقونه، فما الخطأ في أكلهم السنبل يوم السبت وهم جائعين ومُرهقين لكي يواصلوا مشوار خَدمتهم لرب الهيكل يسوع المسيح المتجسِّد، وشتّان بينه وبين الهيكل.
لقد شكا الفريسيون التلاميذ للمسيح بسبب حُريتهم الممنوحة لهم من المسيح نفسه، لكنَّ دفاع المسيح عن تلاميذه كان مصدر فرح كبير لهم، وكذلك هو دفاعُه عنّا نحن المؤمنين به ربَّاً ومُخلصاً ” فمَن يتهم الذين اختارهم الله؟ الله هو الذي يُبَرِّر ” (روما8: 33) .
ما ألطفها مُقارنة يسوع الربّ بين أكل تلاميذه للسنابل وبين أكل داود ومُرافقيه للخبز المُقدَّس، فكلتا الحادثتين ترمزان الى أكل المؤمنين لجسد المسيح في سِرِّ الإفخارستيا. ألم يشبِّه المسيح الرب نفسه بحبَّة الحِنطة (يوحنا12: 24) إنّ خبز الوجوه في العهد القديم يرمز الى جسد المسيح في العهد الجديد. أكله داود وهو من سِبط يهوذا الذي منه جاء المسيح. كان ذلك الخبز حكراً لكهنة سبط لاوي في العهد القديم، وفي العهد الجديد صار لسبط يهوذا الذي وُلد منه جسدياً المسيح الرب الذي رسم سِرَّ الإفخارستيا وأتاح تناوله لجميع المؤمنين به.
2 – الشفاء في السبت
” وذهب مِن هناك فدخل مجمعَهم، فإذا رَجُلٌ يَدُه يابسة، فسألوه: أيحِلُّ الشفاءُ يوم السبت؟ ومُرادُهم أن يشكوه. فقال لهم: مَن مِنكم ، إذا لم يكن له إلاَّ خروف واحدٌ ووقع في حفرةٍ يوم السبت، لا يُمسكُه فيُخرجُه؟ وكم الإنسانُ أفضلُ من الخروف! لذلك يَحِلُّ فعلُ الخير في السبت. ثمَّ قال للرجُل: أُمدُد يَدَكَ. فمدَّها فعادت صحيحة كالأخرى. فخرج الفريسيون يتآمرون عليه ليُهلكوه ” (متَّى12: 9-14). يقابلها في (مر3: 1-6 ولوقا6: 6-11).
في هذا الموقف يؤكِّد يسوع المبدأ الذي مَرَّ ذِكرُه سابقاً “اريد الرحمة لا الذبيحة “(هو6: 6) فقد سأله الفريسيون: هل يَحِلُّ الشفاءُ في السبت؟ السؤال لم يطرحوه من أجل المعرفة، بل لعلَّهم يُمسكوا عليه تصرُّفاً يُمكِّنهم من الإيقاع به. ولكنَّ يسوع أفحمهم بجوابٍ جعلهم يصمتون، إذ كان يعلم مدى حُبِّهم للمال الذي يهتمون بجمعِه أكثر من أيِّ اهتمام بإلإنسان المتألِّم، فقال لهم: مَن منكم له خروف إذا وقع في حفرةٍ يوم السبت، لا يُمسكُه ويُخرجُه؟ فنظر إليهم بحنقٍ لقساوة قلوبهم، فقال للرَجُل أمدُد يدَكَ فمَدَّها فعادت صحيحة كالأخرى. وليس مستغرباً إن كان الفريسيون قد أتوا بذلك المشلول اليد الى المجمع ليروا إن كان يسوع يشفيه في السبت، فكان ذلك غباءً منهم، لأنَّ يسوع كان ينتهز كُلَّ فرصةٍ ليُجريَ المُعجزات في يوم السبت، فقد جاء لتصحيح المفاهيم الخاطئة. إنَّ الكبرياء تجعل من صاحبها غبياً فلا يُدرك الأمورعلى حقيقتها، فوصية احترام السبت تمنع ليس الإنسان عن العمل فقط بل الحيوان ايضاً لكي يرتاح، فهل الربُّ يهتم براحة الحيوان يوم السبت، ولا يهتم بشفاء الإنسان من الشلل اوالعمى وغيرهما من الأمراض؟ تُرى، لماذا عَدَّ يسوع دفاع الفريسيين عن عدم احترام وصية السبت قساوة قلبية في حين أنَّه هو واضع الوصية؟ لأنَّ اعتراضهم كان تافها بوقوفهم ضِدَّ عمل الخيرفي يوم السبت، وقيام يسوع بأعمال الشفاء لا يُخالف كُنهَ الوصية، بيدأنَّ القلوب المُفعمة بالشر تتشبَّث بالظواهر لِتتستَّرَعلى الفساد المخزون في الدواخل. فما يطلبه واضع الوصية هو الرحمة لا الذبيحة. وهذا ما دفع المسيح ليُعَدِّد نواقص الكتبة والفريسيين وأعمالهم الشريرة حيث نعتهم بالمُرائين وإنَّ الويلات ستلاحقهم في النهاية (متَّى23: 16 – 34).
أحسنت وبارك الله فيك أخي العزيز
السيد لؤي فرنسيس المحترم، أؤيد الاخوة اعلاه واريد اضافة شيء الا وهو ان منطقة سهل نينوى التي يكثر فيها المسيحيين…
الأعزاء أودا و فرج اسمرو المحترمين نعزيكم بوفاة المرحومة المغفور لها شقيقتكم إلى الأخدار السماوية، أسكنها الله فسيح جناته الرحمة…
الراحة الابدية اعطها يا رب و نورك الدائم فليشرق عليها. الله يرحم خلتي مكو الانسانة المحبة طيبة القلب. مثواها الجنة…
Beautiful celebration Congratulations! May God bless Oscar and bless his parents and all the family and relatives