ثمة نكتة سوفيتية قديمة عن تداول السلطة تصف على نحو دقيق سلوك الرؤساء الفاشلين فى الحكم و بخاصة سلوك المالكى خلال السنوات الخمس الماضية .
تقول النكتة أن ستالين ترك لمن يخلفه فى الحكم ثلاثة مغلفات و أوصاه ان يفتح كل مغلف اذا وصلت الأمور فى البلاد الى حافة الأزمة . و بعد عدة سنوات حلت الأزمة الأولى و فتح خروشوف المغلف الأول و قرأ : ( ألق علىَّ مسؤولية فشلك) و بعد فترة حدثت الأزمة الثانية و فتح المظروف الثانى وقرأ النص السابق نفسه . و عندما حلت أزمة جديدة فتح المظروف الثالث و كم كانت دهشته عظيمة عندما قرأ: (جهز ثلاثة مغلفات لمن يخلفك فى الحكم ) .
دأب الحكام الجدد فى الأنظمة الأستبدادية ، بعد مضى فترة على وصولهم الى السلطة و أخفاقهم فى تحقيق وعودهم المعسولة – بتوجيه اللوم واصابع الأتهام الى أسلافهم فى الحكم و تحميلهم المسؤولية عن كل ما يحدث فى البلاد من أزمات و أخطاء فى مجالات الحياة المختلفة .
وهو تقليد ممل و مضلل فى آن معا، الهدف منه التنصل من المسؤولية و التستر على الأخطاء و خداع الرأى العام فى سبيل البقاء فى السلطة لأطول فترة ممكنة .
كل عراقى (خبر النظام الصدامى) يعرف ان هذا النظام كان سيئا بكل المقاييس حيث تفنن فى قتل العراقيين و زج البلاد فى حروب عبثية و نهب و بدد ثروات العراق . و خلف وراءه تركة ثقيلة .
و كان من المؤمل قيام العهد الجديد بمعالجة المشاكل المزمنة التى تسبب بها النظام السابق و الأخطاء الجسيمة التى أرتكبها و لكن ها نحن اليوم بعد مرور حوالى تسع سنوات على التغيير نرى ان ” القائد الضرورة الجديد ” ليس بأفضل من الدكتاتور السابق فى أنتهاك حقوق الأسان و أعتقال المعارضين و زجهم فى سجون سرية وتعذيبهم لأنتزاع الأعترافات الكاذبة منهم او حتى التستر على أغتيالهم بالكواتم أو فى مساكنهم ، كما حدث مع الشهيد هادى المهدى . أضافة الى تسخير أمكانات الدولة من اجل أحكام قبضته على الحكم .و أستغلال السلطة من أجل مصالحه الشخصية و الحزبية الضيقة .
ماذا فعل المالكى منذ توليه رئاسة الوزارة قبل حوالى خمس سنوات ؟
ليس لدى المالكى و مستشاريه السبعين و أبواقه الناعقة ليل نهار عن أنجازات موهومة ، جواب واضح على هذا السؤال ، لأن كل ما فعله المالكى هو أستغلال عشرات المغلفات الموروثة من أسلافه أبشع أستغلال . و ألقاء مسؤولية فشل حكومته فى أداء مهامها و عن كل ما يعانيه البلاد من مشاكل ، على النظام المباد أو على الآخرين .
المالكى لا يمتلك الشجاعة الكافية و لا الجرأة المطلوبة من رجل دولة للأعتراف بأخطاءه ، ويفضل التهرب من المسؤولية بأستمرار و التنصل من وعوده – نعم وعوده و ليس برنامجه ، لأنه ليس لدي المالكى و حزبه برنامج علمى مدروس وواضح و آليات محددة لتنفيذه من أجل أعادة بناء الدولة العراقية المدمرة ، بل شعارات ديماغوجية أكبر من قدراته بكثير و أخطر من أن يتولى تنفيذها – أذا كانت لديه النية أصلا لتطبيقها على ارض الواقع – شخص لا يمتلك الحد الأدنى من المؤهلات و الخبرة المطلوبة لأدارة دفة الحكم فى مرحلة عصيبة ، كالتى يمر بها العراق اليوم ، حيث تتفاقم المشاكل يوما بعد آخر فى كافة ميادين الحياة .
أن الهم الأكبر للمالكى هو البقاء فى السلطة أطول فترة ممكنة عن طريق الهيمنة التامة على القوات الأمنية و خضوعها المباشر لأوامر القائد العام للقوات المسلحة و أتباع سياسة الترغيب و التهديد فى قمع و أسكات أصوات الأحرار الذين ، لا يؤمنون بعبقرية ” القائد الضرورة ” حتى داخل حزبه ، ناهيك عن الأحزاب الأخرى و التشهير بالخصوم السياسيين تمهيدا لتصفيتهم و أزاحتهم عن طريقه للبقاء فى السلطة لولاية ثالثة و رابعة ! .، كما أعترف بنفسه مؤخرا حين قال ان لا احد يستطيع أن يزيحه عن السلطة ، حتى بعد ست سنوات . قد يكون ذلك زلة لسان ، و لكنها كشفت دواخل المالكى و عدم أيمانه بالديمقراطية و بمبدأ التداول السلمى للسلطة .
فى بداية حكمه ( الزاهر ) وعند نشوب أى مشكلة كان المالكى ، يبحث عن ذريعة لتبريرها ، أما اليوم فقد أكتشف ” القائد الضرورة ” الجديد ، أن المغلفات القديمة التى ورثها عن أسلافه ، لم تعد تجدى نفعا و لن تضمن له البقاء فى السلطة ، بعد ان فشل فى تحقيق أى أنجاز يذكر رغم أنفاق حوالى خمسمائة مليار دولار خلال السنوات الخمس الماضية – ذهب الجزء الأكبر منها الى جيوب ( العراقيين الجدد ) الذين صعدوا ( من الطهارة الى المنارة ) كما يقول المثل الشعبى العراقى !
سلاح المالكى الجديد للبقاء فى السلطة ، هو خلق الأزمات ، أزمـة وراء أزمـة و قد تتداخل أكثر من أزمـة فى آن واحد و ذلك بهدف صرف أنظار خصومه السياسيين و ألهاء الرأى العام العراقى عما يجرى فى الخفاء و يسخر من أجله كل أمكانات الدولة بهدف بسط هيمنته على كافة مفاصل السلطة و تهميش البرلمان و نقض القوانين التى يسنها و تجاهل القرارات التى يتخذها و تسيس القضاء لمصلحته عن طريق شراء ذمم كبار القضاة ( كما أشارت الى ذلك مؤخرا و كالة أسوشيتد برس للأنباء ) و أستغلال شبكة الأعلام العراقى و الأعلام الحزبى و غير الحزبى الممول من خزينة الدولة ، لأطلاق غبار كثيف من الأكاذيب للتغطية على العمل الجارى وراء الكواليس .
حكومة المالكى هى حكومة الأزمات المفتعلة أبتداءا من أزمة ( المساءلة و العدالة ) قبيل الأنتخابات التشريعية الأخيرة و أزمة التنصل من تنفيذ أتفاقية أربيل لتقاسم السلطة عند تشكيل الحكومة الحالية و تداعياتها و مرورا بأزمة الأنقلاب المزعوم قبيل الأنسحاب الأميركى من العراق و أنتهاءا بأزمة نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمى . و ما دام المالكى فى السلطة سيشهد العراق المزيد من الأزمات المفتعلة و المسرحيات المفبركة التى جند لها أعوانه المقربين لصب الزيت على النيران المشتعلة و أبواقه الأعلامية الصاخبة التى تقوم ليل نهار بتلميع صورته الكالحة و تبرر أخطاءه و خطاياه و عجزه الكامل عن القيام بأى عمل أيجابى و تشهر بزعماء المعارضة على نحوسمج يتصف بمنتهى الأبتذال فى تجاوز كل المعايير الأخلاقية و الأعلامية .
المالكى – الذى فقد ، ثقة العراقيين ، كل العراقيين و بضمنهم حلفائه السياسيين ، بأستثناء زمرة من الوصوليين الملتفين حوله و المنتفعين من فتات موائده – لن يستطيع الأستمرار فى أختلاق الأزمات و أحتكار الحكم طويلا ،لأن لعبة الأزمات المفتعلة قد أنكشفت و لن تنطلى على أحد بعد اليوم .
جودت هوشيار
jawhoshyar@yahoo.com
أحسنت وبارك الله فيك أخي العزيز
السيد لؤي فرنسيس المحترم، أؤيد الاخوة اعلاه واريد اضافة شيء الا وهو ان منطقة سهل نينوى التي يكثر فيها المسيحيين…
الأعزاء أودا و فرج اسمرو المحترمين نعزيكم بوفاة المرحومة المغفور لها شقيقتكم إلى الأخدار السماوية، أسكنها الله فسيح جناته الرحمة…
الراحة الابدية اعطها يا رب و نورك الدائم فليشرق عليها. الله يرحم خلتي مكو الانسانة المحبة طيبة القلب. مثواها الجنة…
Beautiful celebration Congratulations! May God bless Oscar and bless his parents and all the family and relatives