على من يراقب الأحداث بصدق وأمانة أن يستخلص بأن كلدان جيلنا يتحمّلون مسؤولية واقع التقهقر والتمزُّق؛ والسبب الرئيسي وعلّة ذلك هو بصورة عامة موقفهم الذاتي حيال أنفسهم والمنعكس بصورة خاصة على زعمائهم وعلى رئاساتهم الدينية في توجيه رعاياهم. ومن الناحية الإنسانية أنه لمن الأسهل لعموم الناس إتِّباع التيارات السائدة، والخضوع إلى المُستبدّين، والسقوط في الكسل، ليصبحوا أتباع الأقوياء ومُتسَوِّلي الأغنياء ومُرتزقي الحُكّام. وبعباراتٍ قاسية: نحن أنفسنا قد أهملنا حضارة أسلافنا وكنوز كنيستنا والكرامة الناتجة من إدّعائنا أننا أصحاب أعظم تراث مدني وديني، إذ نلتجيء إلى إقتباس الأفكار والممارسات من الأُمَم والكنائس الأخرى وننتهي بأن نُضحْي فريسة للدخلاء.
هوذا حيث نقف اليوم:
أ- كنسياً:
معهدنا البطريركي الكهنوتي، رهبناتنا وأديرتنا، أكليروسنا وخورناتنا، طقوسنا وتراثنا الديني، كلها أصبحت واقعة إلى حد بعيد تحت التأثير اللاتيني والعربي والسرياني والكردي أو أي ثقافة أخرى عوضاً أن تكون كلدانية أصيلة يُفتَخَر بها.
ب- مدنياً:
إنّ شعبنا ومؤسَّساتنا العِلمانية لضعفها ولتغاظي رؤساء الكنيسة والمؤسسات الدينية لا سيما في العقود الأخيرة قد تبنَّوا وبنطاق واسع إهمال وتجاهل هويتهم القومية ولغتهم وحقوقهم بل وكرامتهم. وما أكثر الكلدان لا سيما في العقود الاخيرة الذين يتطوَّعون ويخدمون أحزاباً ومنظماتٍ عربية، أو كردية، أو شيوعية بدون أية خصوصية ذاتية أو تمثيل لقومهم… إلخ… هكذا كان مسعاهم المُمارَس لعقودٍ عديدة ولا زال.
ج- المكوّن الآثوري:
آثور منطقة مهمة في ما بين النهرين وخلال أجيال تمكَّنت من أن تغدو إمبراطورية عظيمة عاصمتها نينوى. لذا فإنها جزء مهم من بلاد النهرين ومن التراث الكلداني الذي تبعها في التاريخ. إن الإعتراف بهذا الواقع التاريخي وتثمينه يجب أن يكون الموقف الواضح لكل كلداني مثقّف. على أن دوائر الإستعمار في بريطانيا العُظمى بالتعاون مع مُبشِّري رئيس أساقفة متعمِّدين أساؤا إستعمال هذا الترابط التاريخي وفصلوه عن المفهوم التكاملي كما جاء في التاريخ وإستخدموه متعمدين لكي يُعزِّزوا الإنقسام داخل الكنيسة الكلدانية وشعبها بترويج هويّة آثورية متميّزة ومنفصلة عن الهوية الكلدانية وذلك لتحقيق مآربهم الإمبريالية الخاصة.
في العقود الثلاثة الأخيرة عندما كان الكلدان يقدّمون خدماتهم للأحزاب الحاكمة في العراق كانت الأحزاب والمؤسسات الآثورية السياسية تقدِّم بحماس ولاءهما لمختلف القوى الإقليمية غالباً لكردستان. فإنتهت هذه الأحزاب إلى تبنّي صيغة (كلدان سريان آشوريين) كصيغة يميع فيها جوهرياً أي معنى للقومية وحقوقها ولا يبقى لها إلّا تقديم الخضوع للقوى المتسلطة مقابل الحماية والمكاسب الشخصية.
2)– معاملة العرب المسلمين:
إنهم ينظرون إلى الكلدان رسمياً بكل إحترام وتقدير لكن هناك أقلية ذات مذهب العنف والتعصُّب تصرّ على إضطهاد الكلدان وبقية المسيحيين لاسيما في العقود المنصرمة ضاغطين عليهم للهرب من أرض الأجداد بموجات الهجرة مما أدّى إلى أغلبية الكلدان إلى الإستيطان في الدول الغربية منهم 200,000 فقط في الولايات المتحدة الأمريكية.
3)– معاملة الأكراد الأقلية الكبرى في العراق:
في الوقت الذي يقدّمون الحماية الأمنية للكلدان وبقية المسيحيين في إقليم كوردستان أنهم ينكرون الحقوق القومية الأساسية للكلدان ويخضعونهم لخدمة البرنامج القومي الكردي. لقد سبق ونجحوا في جعل كثير من الأحزاب الكلدانية والآثورية والناشطين منهم مرتزقة.
2- من هم الكلدان المعاصرون؟
الكلدان المعاصرون هم:
أ- أسلاف سكان ما بين النهرين القُدامى وأولئك هم: السومريون، الأكديون، الآثوريون ولاسيما الكلدان.
ب- لغتهم هي الكلدانية، أي لغة السواد، وهي آرامية بلاد الرافدين، والتي إستُعمِلَت بإستمرار منذ 3000 سنة حتى اليوم.
ج- أنهم ورثة حضارات ما بين النهرين المُتعاقبة خاصة في تراثها الروحي المُتمَثِّل في شخصية أب الآباء إبراهيم من أور الكلدان وكما يشير إلى ذلك مراراً وتكراراً الكتاب المقدس في العهدين القديم والجديد، والمتجسِّدة لاحقاً في التراث المسيحي لكنيسة المشرق الكلدانية الكاثوليكية.
إن شرعيّة وأصالة التسمية الكلدانية وجوهرها مبنية على الثوابت التاريخية التالية:
أ- اللغة الآرامية بصيغتها الكلدانية:
هي اللغة المستعملة عموماً من قِبَل الكلدان حتى اليوم ومن قبلهم فقط وكانت حتى عصرنا الحاضر لغة دارجة محكيّة. أي أنها مع ثبوتها على قواعد نحوية لم تكن إرثاً مُسجَّلاً بالكتابة إنّما تعلمها الأبناء من الآباء جيلاً بعد جيل. بينما اللغة الآثورية القديمة هي لهجة نينوى الأكدية التي بَطُلَ إستعمالها. علماً بأن اللغة الكلدانية، القديمة والحديثة، ليست لغة بابل الأكدية التي إنقرضت، وإنما آرامية سواد شعب بلاد النهرين والتي تشكل الإستمرار الحضاري والجوهر الأساسي لهويته القومية حتى يومنا هذا. وأمّا ما دُعيَ باللغة السريانية فهي لهجة الرها الآرامية، وقد تبنّتها الكنائس والمدارس لفترةٍ حتى تخلّت عنها عموماً، وهي في كل الأحوال لم تكن قط لغة سواد العراق وسكّانه عبر الأجيال حتى يومنا، إذ أن تلك اللغة هي الكلدانية بالذات، لغة العراق الأصيلة.
ب- الإمبراطورية الكلدانية:
هي آخر وأعظم دولة لسكان الرافدين وأكثر عهودهم مجداً (612 ق.م. إلى 538 ق.م.) وذلك قبل أن تسقط هذه البلاد تحت حكم الغزاة من الدُخلاء. وفي غضون حكمها الذي دام 74 سنة أصبحت نينوى تدريجياً خرائب مهجورة وأمست آثور إقليماً أو منطقة ضمن الإمبراطورية الكلدانية. هذه حقائق تاريخية ثابتة، وهي تعني أن الحقبة الاخيرة من عهود بلاد الرافدين أضحت فيها آثور وتراثها العظيم إرثاً ضمن التراث الكلداني الذي تبعها وورثها.
ج- مدينة بابل:
عاصمة الكلدان الشهيرة كانت قلب بلاد الرافدين في تاريخها العريق ومركزها الدولي خلال آلاف السنين حيث بعد حكم الكلدان إحتلها قورش الفارسي، وفيها توفي إسكندر الكبير، وفي جوارها كان بلاط الفرثيين الملوكي. حتى إنتهى الأمر ببغداد عاصمة العباسيين المجيدة والتي إستمرت لأجيالٍ كمدينة مركزية لبلاد الرافدين إلى عهد عراق اليوم، حتى أن الإدارة الكنسية المركزية لكنيسة المشرق إختارت لقب بطريرك بابل كنية لرئاستها.
د- قبل المسيحية وبعدها:
عموماً ومع الغالب خلال أجيال قبل المسيحية وبعدها كان المؤرخون يستخدمون إسم الكلدان بمعنى أثنية قوم البلاد الأصليين والتعبير عنهم ثقافياً وبذلك يشيرون إلى الهوية القومية الذاتية لسكان ما بين النهرين؛ هذا ما جاء في “الحُضرا” أي الصلاة الطقسية على مدار السنة وعند الكتّاب اليونان وكتّاب سِيَر القدّيسين والبُلدانيين العرب ورحّالة أوروبا وكذلك لدى الرئاسة المسيحية لكنيسة المشرق بكل فروعها من ضمنهم البطاركة الشمعونيون في قوجانس حتى آخر بطريرك وهو مار شمعون 23. كلهم عبّروا عن ذاتهم في أختامهم بلقب بطريرك الكلدان.
3- ما هي خصوصية الكلدان بين الأُمَم؟
إن تاريخ البشرية الشامل يمكن إرجاعه إلى مئات الألوف من السنين وفي مناطق مختلفة من الأرض. مع ذلك فإن الولادة الفلسفية واللاهوتية ومطلع صياغة ذلك التاريخ يجب إرجاعها تخصيصاً إلى ما بين النهرين مهد الحضارة. كما ورد في سفر التكوين وفي ملحمة گلگامش، وفي البيانات الأثرية لمدن أور وأوروك وبابل الكائنة في وسط وجنوب ما بين النهرين. إن تباشير الحضارة البشرية تمَّت على نحوٍ رائع في تلك المنطقة من ضمنها وصف الفردوس الأول والمحاولة الجريئة للوصول إلى السماء بواسطة برج بابل والإنتباه إلى معنى الشر في حياة الإنسان والشوق للخلود وصياغة الضمير الأخلاقي، ولا سيما الإيمان بإلهٍ واحد خالق الكون وربّ التاريخ، كما نستنتج من دعوة إبراهيم الذي أصبح واسطة للبركة الإلهية الشاملة والخلاص العام.
كل هذا التحقيق قد تمّ بواسطة سكّان جنوب ما بين النهرين الذين ورثهم الكلدان، وهم ذاتهم قد سكنوا وسادوا على تلك المنطقة عينها. إن يسوع المسيح إبن داود إبن إبراهيم هو قمة تحقيق ذاك مخطط الـله في سبيل خلاص الإنسان. فعلى الكلدان المعاصرين أن يدركوا ذاك التواصل الدائم مع تلك الدعوة الإلهية ومضامينها. من الواضح إن أي أمير نبيل إذا تهرّب من إلتزامات منصبه ينتهي بفقدانه. ولذا فإن في مقدور الكلدان المعاصرين، إذا إلتهبت مشاعرهم، أن يتعرّفوا على الدعوة الإلهية التي وُجِّهَت إلى آبائهم ومن ثمّة إلى أمّتهم والمُطالبة بها وقبولها والإغتناء بها جاعلين منها بركة لكثيرين.
4- المحيط الجغرافي لمآثر الكلدان التاريخية ومرجعها الدائم هو وسط وجنوب ما بين النهرين:
هناك ضرورة من وجهة نظر الكلدان لتوضيح معنى مصطلح بلاد ما بين النهرين. من الواضح أن المعنى العام هو بلاد النهرين دجلة والفرات. مع ذلك فإنه فقط وسط وجنوب هذه البلاد، وهي واقعة اليوم في حدود دولة العراق عموماً، هي التي تحتوي على الغنى التاريخي والثقافي والإداري لبلاد الرافدين، على أنها وحدة متتابعة وتعبيرٌ عن هوية بارزة المعالم. فإن أعالى ما بين النهرين، ومنها الرها ونصيبين، تعود منذ العصور القديمة وحتى العهود الحديثة لليونان والرومان والبيزنطيين والعرب والمغول والأتراك. أما شرق وشمال شرق ما بين النهرين فكان موطن الماديين والفرس حيث ساد فيها منذ العصور القديمة مختلف الإمبراطوريات القويّة ومن مختلف اللغات والحضارات. وعليه فإن وسط وجنوب بلاد النهرين مع مدنها الرئيسية بابل ونينوى هي المدارات التاريخية للإبداع، والمصادر الراسخة للهوية القومية لبين النهرين، لاسيما مدينة بابل الزاهية، فهي تمكث للكلدان الرمز الخالد لعظمة تراثهم وأجدادهم.
هناك أيضاً توضيح ضروري فيما يخصّ اللغة الآرامية التي إنتشرت في مناطق عديدة في الشرق الأدنى والأوسط بين القرن العاشر ق.م. والقرن السابع ب.م. من ضمنها أعالي بلاد النهرين في تركيا الحديثة وغرب فارس في إيران اليوم. إن الآرامية لغة سواد بلاد النهرين (في الوسط والجنوب) مختلفة بوضوح حتى اليوم عن بقية لهجات اللغة الآرامية المستعملة في منطقة طور عابدين (تركيا) أو في أورمية (إيران). عليه يجب أن يؤخذ جديّاً هذا الإختلاف اللغوي بنظر الإعتبار، علاوة على بقية العوامل التاريخية والجغرافية والسياسية، كلما درسنا موضوع هوية أبناء الرافدين وإرتباطهم ببعضهم، أي كلما طبقنا موضوع الإنتماء إلى هذه المناطق ووحدة سكانها، مع أداء الإحترام الكامل لكل خصوصية منها.
5- ما هو هدف الكلدان وكيف الوصول إليه:
هدف الكلدان هو الإستمرار في البقاء والإزدهار مع المحافظة على الهوية الذاتية والنمو فيها مدنياً وحضارياً وروحياً.
أ- مدنياً:
بالمُطالبة بالإعتراف بحقوقهم القومية في موطنهم الأصلي العراق وفي كل أنحاء العالم ومن ثمة النمو في تلك الهوية الخاصة.
ب- حضارياً:
بنشر لغتهم الكلدانية والفنون المتعلقة بها وتطويرها مع مُتطلبات العصور القائمة بحيث تكون واسطة تعبير وإتصالات دولية بين مختلف المُجتمعات الكلدانية وتنظيماتها.
ج- روحياً:
بقبول الدعوة الإلهية وتمثيل دور حيوي في تاريخ الخلاص الإلهي كما طُلِبَ من إبراهيم بطل الكلدان القومي ورمز دعوتهم ومن ثمّة إستملاك الإرث الكتابي والرسولي التي تحتويه كنيسة المشرق فيكون للكلدان خزانة يستثمرونها في رسالتهم الروحية.
كيف نصل إلى ذلك الهدف في الوضع الحالي:
بتحقيق النهضة الكلدانية، وذلك بالإستجابة الحية إلى ندائها التاريخي القائم وعنوانه: لِنَبْنِ بابل جديدة:-
أ- بالإعتماد جوهرياً على قناعتهم الداخلية بكونهم كلداناً أحراراً ونبلاء أينما إنتشروا في العالم، على أن يشعروا ويطالبوا بهويتهم القومية الكلدانية مع جميع ما يترتب على ذلك من حقوق وواجبات. هذه المُلكية هي حق الكلدان التاريخي وهو يحق لهم بحكم الولادة.
ب- بإنماء شعور الإنتماء إلى الثقافة الكلدانية ومقوّماتها لاسيما وجوب الإستجابة للدعوة الإلهية والمشاركة في تدبير الـله الخلاصي كما أوحي به في الكتب المقدسة وكما تبعه الأب الأكبر إبراهيم.
ج- بالإعتزاز بلغتنا لغة ما بين النهرين الكلدانية في صيغتها المدرسية والسوادية لاسيما بتنظيم قواعدها المتوارثة وتصفية حروفها وكلماتها من التشويه الذي علق بها بإتباع قواعد دخيلة، ولابد من تدريس هذه اللغة على أوسع نطاق وإستخدامها في كافة مناحي الحياة.
د- تأسيس تنظيم دولي لجمع مُمَثّلي جماعاتنا الكلدانية المنتشرة في العالم وتوحيدها بالإنتماء إلى عين الأهداف، والدعوة لعمل خطة عمل عام سوية.
هـ- إقامة وسائل إعلام حرّة تنشر الهوية والثقافة الكلدانية الأصيلة.
و- أن نكون مستعدين لكي نشترك مع بقية أبناء الرافدين الشرفاء والنبلاء ومع أولئك الراغبين من الآثوريين وسريان العراق لتشكيل جبهة قومية عامة مبنية على الإعتراف والإحترام المتبادل في سبيل مستقبل موحَّد.
ز- علينا أن نكون مُنفتحين على كل العراقيين الأصيلين للمشاركة معهم بإرث بلاد الرافدين المدني والثقافي والروحي.
أحسنت وبارك الله فيك أخي العزيز
السيد لؤي فرنسيس المحترم، أؤيد الاخوة اعلاه واريد اضافة شيء الا وهو ان منطقة سهل نينوى التي يكثر فيها المسيحيين…
الأعزاء أودا و فرج اسمرو المحترمين نعزيكم بوفاة المرحومة المغفور لها شقيقتكم إلى الأخدار السماوية، أسكنها الله فسيح جناته الرحمة…
الراحة الابدية اعطها يا رب و نورك الدائم فليشرق عليها. الله يرحم خلتي مكو الانسانة المحبة طيبة القلب. مثواها الجنة…
Beautiful celebration Congratulations! May God bless Oscar and bless his parents and all the family and relatives