المرأة العراقية ترتدي السواد في عيدها
يمر علينا يوم المرأة العالمي 8 أذار من كل عام والنساء العراقيات يتعرضن الى محاولات لسلب حقوقهن وتهميشهن ، ومن المؤسف ان تقوم النساء العراقيات بارتداء ملابس الحداد في عيد المرأة العالمي هذا العام الذي من المفروض ان يكون في هذه الايام احتفالات ومهرجانات وتبادل الهدايا فرحا وسعادة ، واحترام ما نص عليه ميثاق الامم المتحدة في مجال حقوق المرأة … وهي اتفاقية سيدوا التي صدرت من قبل الامم المتحدة في العام 1979 وتم العمل بها في ايلول العام 1981 وعنيت الاتفاقية بكل جوانب شؤون المرأة من اجل القضاء عل جميع اشكال التمييز ضد المرأة ، وتكون لهن كلمة مسموعة في الاوساط المختلفة ومنها السياسية والاجتماعية ، ولكن للأسف الشديد جاءت سحابة سوداء لتضع ظلاما وكآبة ، حينما يريدون سن قانون الاحوال الشخصية الجعفري لانتهاك حقوق وكرامة المرأة .
المرأة العراقية عبر التاريخ تحملت اوزار الحياة وكانت الاكثر عطاء ، والأكثر تضحية ، لها مواقف ودور فعال في حركة المجتمع ضد التخلف والظلم وضد مناهضي حقوقها المدنية والسياسية ، وخلدت في التاريخ العراقي صفحات تعتز بها كل النساء الناشدات للحق الانساني المشروع ، فقد قدمت المرأة العراقية في تاريخها الحديث كثيرا من التضحيات في سبيل ان تجد المرأة مكانتها في المجتمع ، وفتحت الطريق لان تتبوا أرفع المستويات فشهدناها دكتورة وأستاذة وقاضية ومحامية ..الخ من الوظائف الاخرى ، على سبيل المثال لا الحصر الدكتورة نزيهة الدليمي رائدة الحركة النسائية في العراق كانت اول وزيرة في تاريخ العراق الحديث ، وكان لها دور كبير في صياغة قانون الاحوال الشخصية العراقي العام 1959.
لكن بعد كل هذا النضال والكفاح الدءوب والمرير في كافة الساحات النضالية لحركة تحرير المرأة ، نجد هناك اصوات ومراوغة واضحة للتراجع الى عصور هيمن فيها الجهل والظلام ، والمضي في نهج المجتمع الذكوري وتقليل من شأن مجهود المرأة العراقية ، ويريدون وأد نصف المجتمع في الوقت الذي اتجه فيه العالم المتحضر لمناصرة وتطبيق الحقوق المدنية والإنسانية على الرجل والمرأة بفكر متحضر وتمكين الافراد من بناء مجتمع قائم على الاحترام المتبادل بين الجنسين يحفظ للمرأة كرامتها .
المصلحة العامة هي الغاية والهدف في كل مجتمع ، ومصلحة الجميع الحقيقية تكمن بمعاملة المرأة على قدم المساواة مع الرجل ، ولكن اغلبهن لازلن يمثلن الفئة الاجتماعية الاكثر استغلالا واضطهادا داخل المجتمع العراقي بالرغم من الخطابات التضليلية للنظام القائم وللقوى المتنفذة ، فالمنطق البسيط يدلل بشكل واضح بأن المجتمع الذي يهمش ويقصي فيه نصف المجتمع وكلاهما مكملا للأخر لا يمكن ان يتوقع نتائج ايجابية ، فمن يهمش ويلغي نصف مجتمعه لا يمكن له ان يستطيع الارتقاء والتقدم ولن يستطيع اللحاق بركب الحضارة البشرية المعاصرة.
اذن على المرأة العراقية التي يراد لها ان تسقط مكتسباتها في ظل انصراف الدولة والمجتمع عن قضيتها ، وتكون عرضة لكثير من الممارسات الظالمة ، وتختفي بالعودة للعمل المنزلي تكون حيطان منزلها حيطان لسجنها ، يجب أن تقوم بتفعيل نشاطها الذاتي ، لتظهر لمثل هؤلاء ان عجلة التاريخ تسير الى الامام ولن ترجع للوراء ، ويجب عليها ان تعيد نشاطات اتحاداتها التي تكاد ان تغط بنوم عميق ، وعليها ايضا ان تشهد المجتمع ان النساء ضد العنف بجميع اشكاله والذي يسري في المجتمع العراقي كسريان السرطان في الجسد المعلول ، كما على إمرأة العراق الجديد ان تكسر حواجز التقاليد والعادات البالية التي تعيق تقدمها وتفض الغبار عن قضيتها حتى يحس بها المجتمع.
وديع زورا
wadizora@yahoo.com
08 03 2014
كل الاحترام للاستاذ وديع زورا..وانا من المتابعين لمقالاته.