الكلدان وبقية مسيحيي العراق ليس لهم ثقل ديموغرافي كبير في عراق اليوم ، قياساً بالمكونات الكبيرة ، خاصة بعد ان تقلصت اعدادهم بشكل مخيف بعد سقوط النظام في 2003 ومعظم التقديرات كانت تحوم حول مليون وربع قبل السقوط ، واليوم فالتقديرات المتفائلة تشير الى الرقم 600 الف ، إن هذا الهبوط الخطير في اعداد هذا المكون الأصيل ، قد حمل الكثير من الجهات الدولية ومنظمات حقوق الأنسان الى تسليط الأضواء وإنقاذ ما يمكن إنقاذه قبل ان تقلع جذورهم من وطنهم العراقي .
تراوحت البيانات والمقترحات في كيفية الحفاظ على هذا المكون من خطر التلاشي والأندثار من الوطن العراقي ، فما طال هذا المكون من المصائب والأهوال كان نتيجة الأنفلات الأمني وتفشي الفوضى بغياب الحكومة والقانون اولاً ، وبعد ذلك كان العنف الناجم من التمييز الديني العنصري بحق المكونات غير الأسلامية وفي مقدمتهم المسيحيين من الكلدان والسريان والآشوريين .
إن الوضع المزري اللاإنساني الذي تعرض له المسيحيون قد ايقظ الضمائر الحية في كل مكان إن كان في العراق او في خارجه بضرورة حماية هذا المكون الأصيل مما يتعرض له ، وكانت فكرة إقامة منطقة آمنة ، ثم طفت على السطح فكرة منح حكم ذاتي وتبنى هذه الفكرة المجلس الشعبي ، وهو حزب آشوري متزمت يقف بالضد من اي طموحات قومية كلدانية في اقليم كوردستان ، وانبثق في اقليم كوردستان وتمكن بفترة قصيرة ان يأخذ له موقعاً في الساحة السياسية الكوردستانية والعراقية بشكل عام ، منطلقاً من الدعم المادي والمعنوي الذي يتلقاه من الحزب الديمقراطي الكوردستاني .
اما الحركة الديمقراطية الآشورية ، وهو حزب آشوري متزمت آخر يقف بالضد من اي طموحات قومية كلدانية على الساحة العراقية ايضاً ، وقد سطع نجم هذا الحزب بدعم من الحاكم الأمريكي بول بريمر بعد 2003 . إن موقف هذا الحزب يتلخص في تأييد شكل من اشكال الإدارة الذاتية في محافظة تحمل ملامح إدارية فحسب ، فيصرح يونادم وهو رئيس كتلة الرافدين للشرق الأوسط يوم 22 اغسطس :
أن «مسألة استحداث محافظة جديدة إنما هي مسالة تقسيمات إدارية بحتة تمليها حاجات إدارية واقتصادية ولا تقف وراءها دوافع أخرى عرقية أو طائفية». وفي تصريح لفضائية البغداية فإن السيد كنا يتطرق الى نفس الموضوع وامور اخرى واملي ان يكون عنواناً لمقال أخر في قادم الأيام .
اما الأستاذ اسامة النجيفي رئيس البرلمان العراقي فله رأيي آخر إذ يرى في تدشين محافظة مسيحية على انه تأسيس وارتكاز لعوامل التفرقة المذهبية والدينية فيقول :
«هناك دعوات غير دستورية وغير مقبولة تصدر عن بعض الجهات السياسية وترمي إلى إنشاء محافظة للمسيحيين في منطقة سهل نينوى». وأشار إلى أن «وجود محافظة خاصة للمسيحيين سيضر بمستقبل وأمن المسيحيين واستقرارهم، ويؤثر سلبا على اندماجهم في المجتمع الموصلي الذي عاشوا في كنفه منذ قرون»، معتبرا أنه «من غير المعقول أن نقبل مثل هكذا دعوات، لأنها مرتكزة على أسس مذهبية ودينية». وأوضح النجيفي أن «أبناء نينوى من المسيحيين إنما هم مواطنون من الدرجة الأولى ولابد أن يبقوا في أرضهم التي كانوا ولا زالوا يعيشون فيها بسلام جنبا إلى جنب مع إخوانهم من المسلمين وبقية المكونات والأطياف الأخرى».
اما المكون الكبير بالنسبة للمسيحيين وهم الكلدان فنلاحظ ان مؤسسة الكنيسة الكلدانية تجعل من هذه الطروحات بمثابة حصر المسيحيين داخل اسوار المحافظة المفترضة ، علماً ان الوطن العراقي هو وطننا بجهاته الأربع ، ويؤيد هذا الطرح زملاء لي من الكتاب في الأتحاد العالمي للكتاب والأدباء الكلدان ، وعلى سبيل المثال مقال الأخ بطرس آدم : الكلدان ومشاريع التقسيم ، ومقال الأخ نزار ملاخا عنوانه : محافظة للمسيحيين مرة ثانية .
مقابل ذلك ثمة طروحات من قبل جهات آشورية ليست عراقية كالمؤتمر الآشوري العالمي ، الذي يدعم إنشاء اقليم آشوري في آشور التاريخية بين الزابين ، وكذلك نقرأ للكاتب سليمان يوسف وهو كاتب اشوري من سوريا فيكتب مقالاً تحت عنوان : ثمة فرصة تاريخية لقيام “دولة آشورية مسيحية” في العراق ، والأخ الكاتب ايضاً من المنظرين القوميين المتزمتين فيعتبر القومية الكلدانية مذهب كنسي مسيحي .
لقد قرأت مقالاً للاخ الويس إقليمس تحت عنوان : حالنا وآمالنا ، ومقال آخر للاخ صائب خليل بعنوان : المحافظة المسيحية – تلك المزحة السامة ، ويصب المقالان في محصلة الأبتعاد عن مفهوم إقامة محافظة مسيحية .
والى جانب ذلك فهناك تجمع احزابنا السياسية ، الذي فقد ملامح التمثيل والتنوع للتعددية الفكرية لشعبنا خاصة بعد انسحاب الحزب الديمقراطي الكلداني من صفوفه ، فالأحزاب التي تتخذ لها اسماً كلدانياً في هذا التجمع تفتقر الى الأستقلالية في اتخاذ القرار بعد ان اصبحت تابعة للمجلس الشعبي على خلفية شروطه في منح التمويل لها .
ولهذا فإن التجمع اصبح يمثل اللون الواحد وهو اللون الآشوري فحسب . فما يعرضه هذا التجمع الذي تنوعت اتصالاته بمختلف الكتل ، لم تتسم طروحاته بأجندة واضحة ولم تكن منسقة لتضارب التوجهات المطلوبة من هذه المحافظة لتضارب المصالح الحزبية فحسب .
ويستدل بشكل عام ( ان الكلدان والسريان ) وأقصد ، الأكثرية الصامتة غير المتأثرة بالخطاب الحزبي ، فإنها غير مقتنعة لسبب وآخر عن أنشاء محافظة مسيحية . وكما سبق فإن المكون العربي في المنطقة لا يسعده رؤية محافظة اثنية غير أسلامية وغير عربية على حدوده .
شخصياً لدي رؤية ربما تتراوح بين الاراء المطروحة منها المتسمة بالرفض الكامل والأخرى المتسمة بالقبول المتحمس . رأيي يتلخص في ان هذا المكون الذي اشتهر بهويته الدينية وهي المسيحية ، من حقه ان يعيش في الوطن العراقي كمواطن من الدرجة الأولى بجهة الحقوق والواجبات ، وأن تكون منزلته في الوطن العراقي كمنزلة المسلم الشيعي والمسلم السني والمسلم الكوردي والمسلم التركماني .
إن كان ذلك غير ممكن تحقيقه بسبب الأوضاع الأستثنائية السائدة ، وايضاً بسبب تفشي الثقافة الأجتماعية المشبعة بالتفرقة الدينية العنصرية ، ما دامت هذه الثقافة سائدة ولحد اليوم ، فأتساءل لماذا لا يكون لهذا المكون كيان خاص يدير نفسه بنفسه ؟ لماذا نضع ذلك في إطار تجزئة الوطن العراقي ، او في إطار الأصطفاف الطائفي ،؟
اليس العراق اليوم مقسماً طائفياً وقومياً ، فأين تكمن الخطورة في منح مكون اصيل امتيازات إدارة الذات بعيداً عن الإملاءات من هذا الطرف او ذاك الحزب ؟
يتضح من التحركات والتصريحات التي تنسب لتجمع احزابنا ، بأن هذا التجمع متحمس جداً لموضوع المحافظة ، لكن برأيي يبقى هذا الحماس مفتقراً على وضع النقاط على الحروف ، في مسائل جوهرية تخص هذا الطرح ، السيد يونادم كنا مثلاً يطرحها على انها مجرد ضرورة ادارية بحتة وفق تصريحه لجريدة الشرق الأوسط والمقابلة مع البغدادية ، لكن نقرأ له تصريحا آخراً مشوشاً مرتبكاً في قوله :
أن “المطالبة بإنشاء محافظة في سهل نينوى للمكون القومي (الكلداني السرياني الآشوري)، لا يعني إنشاء كانتون على أساس طائفي أو عرقي، بل أن المحافظة المقترحة ستكون لكل المكونات في المنطقة من أيزيديين وشبك وعرب وكرد، فنحن لا نريد الإنفصال عن باقي المكونات، كما أن إنشاء كانتون على أساس قومي أو ديني هو مخالف للدستور العراقي”. انتهى الأقتباس من مقال الأخ صائب خليل في موقع عنكاوا .
حينما يعين السيد يوناد كنا اسم ( المكون القومي ) فإنه يشير الى ما يرديده في خطاب قومي ، وهذا ألا يخالف طروحات الوجه الأداري للمحافظة المفترضة ؟ فإلى اي اتجاه تشير بوصلة هذا الحزب ؟
اما الخطاب الآشوري الأكثر صراحة وجرأة ، هو الذي يدعو الى إنشاء اقليم آشور في سهل نينوى . اما الأخوة في تجمع احزاب شعبنا فإنهم يتحركون بسرعة وفعالية لكن دون وضوح الطريق والخطة ومثلهم كمثل الحطاب الذي ذهب للاحتطاب ورجع دون حطب ، وبالكردية : ( جونا داري وهاتنا خواري ) . إنهم فارغين من وضوح في الطريق فيما يخص منطقة الحكم الذاتي الذي تنازلوا منه الى محافظة مسيحية ، وهل هي على اساس قومي ام ديني ام لغوي ام ماذا ؟ فالسيد يونادم كنا هو العضو الرئيسي في هذا التجمع يقول : إن انشاء كانتون على اساس قومي او ديني هو مخالف للدستور العراقي .
خلال تحليل التصريحات بهذا الخصوص نجد الجانب الكوردي يقبل الفكرة ولا شك ان الأكراد يعتبرون قوة مؤثرة في المنطقة ، والجانب الثاني الذي يعنيه الموضوع هو محافظة الموصل ومن ابدى رأيه بهذا الشان الأستاذ اسامة النجيفي رئيس البرلمان العراقي ، وإن هذا الطرف يبدي تحفظه على موضوع المحافظة منطلقاً من تراكمات فكر قومي تاريخي يعني باحتواء الأقليات في المنطقة ، ولا ارى مبرراً لأي شكل من اشكال المخاوف بشأن إفراز إداري ، وحتى لو اتخذ إطار إثني .
اقول :
بمنأى عن اي تأثيرات حزبية واحترام كل الآراء التي طرحت التي كانت مع ، ولهم اسبابهم ، او كانوا بالضد ولهم اسبابهم ومبرراتهم ايضاً . فأقول : ان دراسة حالة هذا المكون الأصيل والنظر اليها بمنظار وطني بعيداً عن المصالح الحزبية والتجاذبات السياسية والدينية والقومية ، فإن هذا المكون المسيحي من كلدان وسريان وآشوريين وأرمن ومعهم في المنطقة الإيزيدية والشبك ، ومن جانب وطني وإنساني فينبغي وضع الحلول لأيجاد منطقة لديها حصة من الميزانية العراقية بشكل مستقل وتخطط لبناء مشاريع تكافح البطالة في هذه المنطقة لاحتواء سبب رئيسي للهجرة .
لكن قبل هذا وذاك ينبغي ان يؤخذ رأيي الناس المعنيين ، فلا رأي حبيب تومي ولا رأي تجمع الأحزاب السياسية ، ولا رأي الجهات الحكومية او الكوردية في المنطقة ، إنما ينبغي ان يجري استفتاء للتصويت للمشروع ولكن بعد وضوح المسالة بتفاصيل صريحة ، لكي يصار الى استقراء رأي المواطن المعني بذلك ، إن استفتاء موقع عنكاوا كوم يمثل شريحة قراء موقع عنكاوا فحسب فلا يمكن التعول عليه واتخاذه كمقياس عام لأصدار الحكم في الموضوع .
كما ان تحديد هذه المحافظة لا يمكن ان يعني نقل جميع المسيحيين اليها ، فسوف لا يطرد المسيحي من البصرة للالتحاق بتلك المحافظة فهذا المسيحي هو عراقي قبل ان يكون مسيحياً ، فإن حصر هؤلاء في غيتو ليس صحيحاً فمنطقة الحكم الذاتي في كوردستان لم يجمع فيها جميع الأكراد من مدن العراق .
إنه رأيي الشخصي وأنا إنسان مستقل لا انتمي الى اي حزب او جهة سياسية واعرضه بصراحة إن اتفق مع طروحات هذه الأحزاب او اختلف معها ، فانا اعّبر عن رأيي الخاص ليس إلا .
أحسنت وبارك الله فيك أخي العزيز
السيد لؤي فرنسيس المحترم، أؤيد الاخوة اعلاه واريد اضافة شيء الا وهو ان منطقة سهل نينوى التي يكثر فيها المسيحيين…
الأعزاء أودا و فرج اسمرو المحترمين نعزيكم بوفاة المرحومة المغفور لها شقيقتكم إلى الأخدار السماوية، أسكنها الله فسيح جناته الرحمة…
الراحة الابدية اعطها يا رب و نورك الدائم فليشرق عليها. الله يرحم خلتي مكو الانسانة المحبة طيبة القلب. مثواها الجنة…
Beautiful celebration Congratulations! May God bless Oscar and bless his parents and all the family and relatives