نودع اليوم صديقاً عزيزاً هو يونس اودو الذي استطاع ان يكسب احترام ومحبة من تعامل معه وعرفه ، لقد كانت قلوب اصدقائه تهتدي ببوصلة وجدانهم ، فيرون فيه الشفافية في دوخله ولتبدو جلية واضحة تلك الأعماق على ما فيها من النقاء والجمال والصدقية والمحبة .
أكتب عنك صديقي يونس اودو والكلمات جامحة تستبق قلمي لتتحدث عن ورعك وعن نبلك وعن خصالك في ان تكون قنوعاً ومتفائلاً ، إنك كنت دائماً ترى الجزء المملوء من القدح ، وهذه الخصال كانت مناراً لشخصيتك امام تجملك بالصبر الجميل في نهر الحياة .
نعم كانت الأبتسامة مرافقة لشخصيتك ،والتي لا تفارق ثغرك حتى في اصعب المحن . كما كان حرصك ووفائك لأبقاء اواصر المحبة والصداقة مع الجميع ، مع البقاء دائماً وفياً مثابراً للوقوف مع عائلتك الكريمة ، إذ كنت تسهر وتعمل وتكد من اجل ان يسمو اولادك كامران وغسان ومروان وابنتك كارولين بين اقرانهم وأن يتفوقوا في دراستهم لنيل الشهادات الجامعية ، وليتسموا بأسمى الأخلاق في المجتمع .
إن ما يثير الدهشة والإعجاب هو رحيل يونس اودو المفاجئ ، إنه يرحل وكأنه يقول : لا اريد ان اكلفكم معاناة مرضي او تحمل ثقل مطالبي ، فلم يتمرض ولم يحمّل غيره ، ومن اعز الناس اليه ، ان يطلب العون ، إنه رحل من بيننا كالطائر الحزين يغادر ويترك احبائه وأصدقائه وعشه الدافئ ليسمو بعيداً محلقاً في الأعالي . في اشد لحظات مرضه كانت المسافة الزمنية بين طلب شريكة حياته ، الزوجة الوفية جميلة عيسى وبين تسليمه الروح والأمانه الى ربه لا تتعدى سوى دقائق معدودات ، إنك يا يونس اودو حتى في تلك اللحظة قنوعاً وكريماً ومضحياً ، فرحلت بهدوء .
إنه شئ جميل ان نتعلم من يونس اودو ، لقد علم طلابه التربية الأخلاقية قبل التربية االرياضية وهكذا كان محل احترامهم وصداقتهم فكانت الوشائج معه كإنسان محب للحياة وكصديق اكثر من علاقاته الدراسية ، وإضافة الى طلابه كان صديقاً لمجايليه من المدرسين والأدياريين .
إن الراحل يونس اودو رغم انه لم يكتب شيئاً نقرأوه ، لكنه لم يغادرنا دون ان يترك بصمات واضحة فضرب امثلة في سلوكه وعلاقاته ومن خلال احاديثه ومناقشاته وحججه .
قد يكون من الواقعية بمكان لاصف يونس اودو بالتصوف والتزهد ، ومن سماته التي يؤيد هذه الرؤية هي مصداقيته مهما كانت النتائج فهو لا يخالف القوانين ، وهو راض بما يمنح له دون ان يطلب المزيد ، ودون ان يأخذ شيئاً ليس من استحقاقه ، وهو يحاول ان يكيف حياته ويتأقلم مع محيطه ومع إمكانياته مهما كانت متواضعة .
في بغداد عمل في شتى المهن وهو مدرس ثانوي ، فالعمل هو شرف ، وإن القيام بمهمة معيشة العائلة هي من صلب واجبات الوالد ، وكان يونس اودو يطبق الليل مع النهار في ظروف الحصار حينما كان راتب الموظف يعادل اربعة او خمسة دولارات ، ولهذا كافح وعمل الساعات بعد دوامه لكي يضمن استمرارية اولاده في دراستهم فمستقبل اولاده لا يمكن التهاون بشأنه ، فراحته لا تساوي شيئاً امام المسؤولية الأبوية التي كان يقدسها .
حينما هاجر وشد الرحال في النرويج ، أسكن في مدينة صغيرة نائية يلفها الصقيع معظم فصول السنة ، ومع ذلك لم يتذمر او يتشكى كغيره ، فكان قانعاً بمصيره فكيّف نفسه وتأقلم مع جوها واستطاع ان يقيم جسور الصداقة مع مختلف الشرائح من النرويجيين والأجانب في هذه المدينة ، وهو لا يتقاعس في تقديم اية خدمة لاي اجنبي لاسيما من ابناء وطنه العراق وهكذا برع كصديقاً حميماً للجميع ، وحينما كنا نحثة الى ترك المدينة والأنتقال الى اوسلو ، يجاملنا ويقنعنا بأن الحياة في هذا الصقيع ليست موحشة ما دامت هنالك علاقات صداقة دافئة .
إن نظرة التفاؤل التي تميز بها هذا الأنسان هي قمينة بأن تعلمنا درساً بليغاً ، إن كان محل إقامته بعيداً وبارداً ، فيورد مثال العوائل الذين نقلوا الى مناطق ابعد وأبرد من مدينته . ، وإن كان سكنه بنظر البعض بأنه متواضعاً ، لكن بنظره بأن هذا المسكن هو افضل من العيش في معسكرات اللاجئين ، وهو يحمد الله ان اولاده قد اتيحت لهم سبل الدراسة وفرص العمل . نعم اقول دون تردد : إن يونس اودو كان الأنسان الممتلئ بخصال القناعة والتصوف والتزهد .
كان الوطن العراقي المرفأ الذي تستقر عليه احلامه ، وفي نقطة صغيرة من هذا الوطن كانت مدينته القوش تدغدغ وجدانه ، وهو يحدث زوجته وشريكة حياته جميلة ، وبعد ان اطمأن على مستقبل اولاده ، ان تكون القوش المرفأ الأخير لمركبه ، وأن يعود الى عشه كالطير المهاجر الذي يقطع البحار والبراري ومن ثم يعود الى عشه وموطن اجداده .
الراحل يونس اودو أراد ان يكحل عيونه بمنظر مدينته وأن يشتم من عبق التاريخ في دروبها وجبلها ووديانها وبيادرها وأهلها .. كيف لا وفي ترابها رفات اجداده ، الذين كان لهم تاريخ مشرق في هذه المدينة التاريخية ولعل البطريرك يوسف اودو الذي كان نجماً مشرقاً في إرساء دعائم الكنيسة الكلدانيـــة وفي إبقاء واستمرارية اللغة الكلدانية ، والطقس الكلداني والتراث الكلداني ، ولعل تسمية احدى محلات القوش باسم محلة اودو يدل على عراقة هذه العائلة وفي حبها وإخلاصها لألقوش الكلدانيــة .
أحسنت وبارك الله فيك أخي العزيز
السيد لؤي فرنسيس المحترم، أؤيد الاخوة اعلاه واريد اضافة شيء الا وهو ان منطقة سهل نينوى التي يكثر فيها المسيحيين…
الأعزاء أودا و فرج اسمرو المحترمين نعزيكم بوفاة المرحومة المغفور لها شقيقتكم إلى الأخدار السماوية، أسكنها الله فسيح جناته الرحمة…
الراحة الابدية اعطها يا رب و نورك الدائم فليشرق عليها. الله يرحم خلتي مكو الانسانة المحبة طيبة القلب. مثواها الجنة…
Beautiful celebration Congratulations! May God bless Oscar and bless his parents and all the family and relatives