يقول السيوطي (تاريخ الخلفاء ص 363) والمسعودي (التنبيه والاشراف ص 318 ــ مروج الذهب4 ص 198) إنَّه أبو جعفر أو أبو العباس أحمد بن المتوكل. أُمُّه رومية – كوفية تُدعى “فتيان”. تمَّ إخراجُه مِن السجن بعد مقتل الخليفة المُهتدي بالله وبويع خليفة واتَّخذ لقب “المُعتمد على الله”. وتُضيف هذه المصادر بأن المُعتمد على الله كان مولعاً بالطرب والغناء والشرب منهمكاً في اللهو والملذات. وتولّى أخوه أحمد المُوفق طلحة بن جعفر المتوكل المُسمّى “الناصر لدين الله” زمام الامور وتدبير المُلك سياسياً وإدارياً.
أما عن حال الكنيسة المشرقية الكلدانية النسطورية في عهد “المُعتمد على الله” الذي امتدَّ أكثر مِن عهود سابقيه نسبياً. فقد تعاقب البطاركة على الكرسي الرئاسي، إذ بعد سنتين مِن بداية عهد الخليفة الجديد أي في عام 872م توفي البطريرك سرجيس الأول. وبسبب تبايُن الآراء في الإتفاق على الشخص الواجب انتخابُه، إمتدَّت فترة شغور الكُرسي الرئاسي ما يقرب مِن خمس سنوات. وظهر مُرشحان ولكُلٍّ مِنهما مُناصرون أقوياء مِن المسيحيين المتنفذين، ويقول المؤرخان (صليبا / المجدل ص 74 ــ ماري / المجدل ص 81) بأنَّ اسرائيل اسقف كُشكُر أُتِّفق على أهليته للمنصب نظرا لتمتعه بالعلم والفضيلة، إلا أن ظهور مُنافس ٍ قوي له هو انوش مطران الموصل، جعل مِن انتخابه أمراً عسيراً بسبب انقسام الآباء الناخبين والعِلمانيين بين المُرشَّحين، وعمَّت الفوضى المسيحيين، زادت في تفاقم الإضطراب الذي أحدثه العلوي البصري. فاستقدم أميرُ بغداد اسرائيل مِن سامراء الى بغداد، ومنعه مِن السعي الى البطريركية. وفيما كان اسرائيل يوماً يهم بالنزول مِن مِنبر التقديس الى المذبح، إستغلَّ الإزدحامَ شخصٌ مُحرَّضٌ فاقترب مِنه ومَدَّ يده الى مذاكيره وعصرها بشدةٍ، فحُمِلَ مغشياً عليه، وبعد أربعين يوماً مِن الحادث توفيَ ودُفن في ديرمارفِثيون.
45 – البطريرك آنوش 877 – 883م
وبالرغم من حادثة وفاة الأسقف اسرائيل منافس آنوش مطران الموصل على كُـرسي الرئاسة إلا أنَّ التناحر بين الفئات المسيحية لم ينتهِ، وإذ ما إن تـمَّ اخـتـيار يوحنا بن نرسي اسقف الأنبار وكاد يُرسَم بطريركاً حتى انقلبَ الأمر فجاة ً. وبهذا الصدد يقول إبن أبي أُصيبعة (عيون الأنباء في طبقات الأطباء ص 276) فقد ضاعف انوش مطران الموصلالضغـط على مُناصريه، فاستطاعوا كسب تأثير أصحاب الإختيار المُتنفذين أي “أطباء البلاط المتنفذين” فوقفوا الى جانب أنوش فنال وطرَه ورسم بطريركاً في 13 / 1 / 877م. ومِن بين هؤلاء الأطباء كان يوحنا بن بختيشوع الذي كان قديراً في الترجمة أيضاً، وكان الوصيُّ يَكُنُّ له التقدير ويَثِق به كلياً حتى أنَّه كان يُطلق عليه “مُفرِّج كُربي”. وكانت مدة جلوس البطريرك انوش على الكرسي نحو سبع سنين 877 – 884م .
لقد طرأت في عام 879م امور جديدة على سياسة الخليفة المُعتمد على الله، ففي الوقت الذي يظهر في الدولة موظفون شيعة، في ذات الوقت يختفي الإمام الشيعي الثاني عشر”محمد بن الحسن” وهو في نحو الثانية عشرة مِن عمره، حيث سبَّبَ إزعاجاً كبيراً للشيعة، وقيل بأن اختفاءَه تمَّ بتدبير مِن أعوان الخليفة، وفي أحد السراديب في سامراء. أما بالنسبة الى المسيحيين فكانت سنة ً صعبة ً ومُثيرة للشجن، حيث تَحوَّلَ فيها الكثيرُ مِن المسيحيين الى الإسلام، وأغلبهم مِن سكان دير قوني، وقد قُدِّرَ لهم تَحوُّلُهم الى الإسلام حيث قُلِّدوا مناصب رفيعة في الدولة. وبالرغم مِن دخول هؤلاء الى الإسلام، فإن العديد مِن أفراد أُسرهم تمسكوا بمسيحيتهم دون أن يتعرضوا لضغوط ٍ أومُضايقاتٍ، بل على العكس مِن ذلك تغيَّرَت ظروفُهم الى وَضع ٍ أفضل، وظهر للعيان نوع جديد مِن التعايُش السلمي بين المُسلمين والمسيحيين، فكان هنالك مثلاً الوزير المُسلم سعد بن مخلد والى جانبه أخوه عبدون المتمسك بمسيحيته.
يقول المؤرخون (إبن العبري2 ص 210 – 214 ــ المجدل/ صليبا ص 74 ماري ص 82 – 83) لقد شغر الكرسيُّ البطريركي خمسة أشهر ونِيِّف بعد موت البطريرك انوش، وقام كبارُالمسيحيين ومِنهم عبدون بن مُخلد وسلامة بن سعيد وهما مِن سكان سامراء بترشيح يوحنا بن نرساي مطران الأنبار، ولكنهم لم يُصِرّوا على فرضه، بل تركوا أمرَالإختيار للآباء حيث كان هنالك ثلاثة مُرشحين هم: يوحنا وراهب ذو قرابةٍ به ومطران الموصل. وأُجريَت القرعة بينهم ففاز بها يوحنا بن نرساي.
46 – البطريرك يوحنا الثاني بن نرسي 884 – 892 م
إنَّه مِن أبناء الكرخ، وكما ذكرنا كان قد رُسم اسقفاً على الأنبار، كان ورعاً شديدَ التواضع، وكان الله يستجيب لدعائه فيُظهر مجده على يديه، وإنَّ قبولَه للمنصب البطريركي جاء نزولاً مِنه عند رغبة الناخبين واحتراماً للقرعة التي وقعت عليه، فرُسمَ بطريركاً في 14 / 12 / 884م، وأجرى الله مُعجزة ً على يديه في يوم رسامته، جعلت الناس يزدادون ثقة ً به واعتباراً له.
وكأنّي بالبطريرك الجديد، وقد جاء انتخابُه للمنصب الرفيع، لكي يُواجهَ مشاكلَ مِن نوع ٍ لم يَكن متوقعاً، وقد يكون هو وحده القادرَ على مُجابهتها. يروي المؤرخ إبن العـبري(التاريخ الكنسي ص 164) بعد أشهر مِن جلوسه على السُدَّة البطريركية، إقتحمَ بعضُ اللصوص ديرَكليليشوع المعروف بدير الجاثاليق الواقع وراء نهر عيسى في بغداد الغربية”صوب الكرخ” في الموضع المعروف اليوم بـ”مقبرة الشيخ معروف الكرخي” وكان البطريرك مار طيمثاوس الأول الكبير قد جعل مِن هذا الدير مقراً للبطريرك. خلع اللصوصُ أبوابَ الدير وهدموا جزءاً مِن جدرانه وسقفه، ونهبوا الأواني المُقدسة. وبالرغم مِن أنَّ السلطات المحلية إتَّخذت الإجراءات العِقابية ضِدَّهم ووضعت حداً لعملهم المُسيء، وأُعيد بناءُ الأماكن التي هُدِمت بمسعى مِن عبدون بن مخلد، إلا أنَّ هؤلاء الجُناة لم يرعووا، فكرَّروا فعلهم الشنيع عام 886م حيث انقضوا على الدير وهدموا كُلَّ الأجزاء التي كان قد أُعيد بناؤُها. أما السبب الذي كان وراء قيام الرعاع بهذا الإعتداء المتكرِّر، فقد اختلف المؤرخون بشأنه، فبينما يقول ايليا النصيبيني: <بأنه كان رَدَّ فعل على عدم التزام المسيحيين بالقوانين المفروضة عليهم، كركوب الخيل وغيره مِن الامور المحظورة>. يعزوه إبن العبري الى بُخل البطريرك. حيث كانت هنالك عادة جارية هي دفع مبلغ ٍ مِن المال لإمام جامع مُجاور للمقر البطريركي، ولما أوقف البطريرك دفع المبلغ، إغـتاظ إمامُ الجامع ودبَّر مع أعوانه الإعتداء على الدير، مُتحججين بأنَّ حجارة رُمِيَت عليهم أثناء تشييعهم جنازة أحد المُسلمين، وإنَّ تلك الحجارة كان مصدرُها ديرُكليليشوع، وهذا ما حدا بهم لينهالوا على الدير ويعملوا به نهـباً وتخريباً فور عودتهم مِن دفن ميِّتهم .
وبالرغم من قيام البطريرك بإعادة بناء الدير مُجَدَّداً بدعم ٍ مِن عبدون، إلا أنه لم يشأ السكنى فيه، وانتقل للإقامة في واسط ومكث فيها خمسة أعوام. ولما عاد الى بغداد في أواخر عهده البطريركي، يقول المؤرخ ماري في (المجدل ص 83) نزل في دار الروم في الكنيسة المُشيَّدة مِن قبل “اصبغ العبادي” وبذلك يكون قد انتقل مِن الساحل الغربي لدجلة “صوب الكرخ” الى الساحل الشرقي مِنه “صوب الرصافة” واستقرَّ مؤقتاً في منطقة الشماسية “الصليخ” الواقعة في شمالي المدينة. ودارت الدائرة على بني مخلَّد، حيث شَنَّ المُسلمون المتزمتون حملة تشهير افترائية على الأخوين سعد المُسلم وعبدون المسيحي، وأُلقيَ القبض عليهما، وقد أدَّت المعاملة السيئة التي عومل بها سعد الى موته، وما إن أُطلق سراح عبدون حتى قصد دير قوني وترهب فيه، ولم يُغادره حتى وفاته عام 922م. كما أن البطريرك يوحنا الثاني بن نرسي تعرَّض لمصاعبَ ومُضايقاتٍ جمة في هذه الأثناء مِن أواخر عهده ، فقد اغتصبَ الوزير “اسماعيل بن بُلبُل” قرى تعود ملكيتُها للبطريركية، وقابل البطريرك المُغـتصِب، ولكنه لم يحصل مِنه على نتيجة تُعيد الحقَّ الى أصحابه.
يقول المؤرخان في المجدل (صليبا ص77 ــ ماري ص 83) في عيد الميلاد لعام 892م توفي البطريرك يوحنا الثاني بن نرسي، وكما افتتح عهدَه بإعجوبةٍ ختمه بإعجوبةٍ. إذ فيما كانوا يجتازون بتابوته الى الكنيسة، بصق أحدُ المُسلمين على التابوت، فأصاب الباصقَ المسلمَ على الفور داءٌ مُرعبٌ، ولما أدنوه مِن التابوت فارقه الداءُ للحال. تَمَّ دفن البطريرك بجانب المذبح الصغـير في بيعة اصبغ. ويروي صليبا (المجدل ص 71) اعجوبة اخرى إجترحها البطريركُ بعد موته، وكيف حفظت شفاعتُه مِن بطش اللصوص تاجراً اسمه “أبو نصر عيسى بن الصلت” وجرى القسم الأول مِن الاعجوبة في مصر أمام طولون، وكاتبه هو إبن يعقوب اسحق بن نصير. وتنتهي القصة في دار الروم في بغداد باهتداء اللصوص الذين عفا التاجرعنهم وأطلق سراحهم.
الخليفة الثاني عشر العادل
12 – الخليفة المُعتضد بالله 892 – 902م
يقول السيوطي (تاريخ الخلفاء ص 368) والمسعودي (التنبيه والاشراف ص 320 ــ مروج الذهب4 ص231) إنَّ المُعتضد بالله هو أحمد بن طلحة الموفق المُكَنّى بـ”أبي العباس”. كانت أُمُّه رومية تُدعى بأسماء متعدِّدة هي: ضرار، حرز، وصواب. وتُضيف هذه المصادر بأنَّه < كان مُلماً بالشؤون الإدارية حازماً وذكياً، وذا تَمَيُّز بين الخلفاء العباسيين، يتَّصف بالشجاعة ورجاحة العقل وشدة البأس، فسكنت في عهده الفِتَن وصَلُحت البُلدان ورخُصت الأسعار. وكان مع ذلك قليلَ الرحمة، مقداماً شديد الرغبة بالتمثيل بمَن يقتله> وتكيل المصادرُ المسيحية المديح لسياسته الإدارية مع المسيحيين. ففي (المجدل ص 84) يقـول ماري: <ظهر مِن نِعَـم الله على النصارى بحسن رأي المعتضد فيهم ما شكروه وحمدوه عليه> ولكنَّ بعضَ المُسلمين المُتزمتين، قد دفعهم الحقد والحسد فشرعوا ببث الدعايات المُغرضة بأن الخليفة المُعتضد يُفضِّل المسيحيين، ينشدون مِن ورائها التأثيرعلى الخليفة الذي كان يولي الثقة بالمسيحيين، فيتحدَّث ماري بهذا الخصوص قائلاً: <إتَّصلَ الخبر بعبدالله بن سليمان كاتب الخليفة المسيحي فجزع ودخل على المعتضد فدفع إليه الرقعة، فتغيَّرَ المعتضد واعتذر وقال: “ما وَلّيتُ نصرانياً سوى عمر بن يوسف للأنبار، والجهابذة يهود ومجوس ، واعتمدت عليهم لثقتهم لا ميلاً إليهم “ثمَّ أضاف المعتمد قائلاً لكاتبه: إذا وجدتَ نصرانياً يصلُح لك فاستخدمه، فهو آمن مِن اليهود، لأنَّ اليهود يتوقعون عَودَ المُلك إليهم، وآمن مِن المُسلم، لأنَّه بموافقته لك في الدين يروم الإحتيال على منزلتك وموضعك، وآمن مِن المجوس، لأَنَّ المملكة كانت فيهم> ثمَّ أوصى عبدالله بالإحسان إليهم، وخرج هذا مِن عند الخليفة مسروراً. واستمرَّ حالُ المسيحيين سائراً بشكل حسن، وتمكنوا مِن انتخاب بطريرك جديد لهم بعد وفاة يوحنا بن نرسي.
47 – البطريرك يوحنا الثالث 893 – 899 م
إنَّه مِن أصلٍ باجرمي وابن شقيق البطريرك (تيودوسيوس 853 – 858م) رُسم اسقفاً في البداية لأبرشية خانيجار الواقعة على ساحل نهر العظيم في مقاطعة بيث كَرماي، ولكن البطريرك آنوش نقله الى أبرشية الموصل. بعد وفاة البطريرك يوحنا الثاني شغر الكُرسي الرئاسي لمدة سبعة أشهر، بسبب تنافس اليوحنَين مطران الموصل واسقـف الزوابي، وفي النهاية تَمَّ اختيار مطران الموصل، بدعم ٍ مِن الحسين بن عمر كاتب الأمير أبي محمد الذي سيُصبح الخليفة المُكتفي بالله. وجرت رسامتُه في الخامس عشر مِن تموز عام 893م . كان في استقبالِه الوجيه فروخنشاه في بيعة اصبغ بدارالروم، ورافقه الى ديركليليشوع في الضفة الغربية لدجلة”الكرخ” مِن إنجازات يوحنا الثالث، توسيعُه مركز إقامته في كنيسة اصبغ عن طريق شرائه داراً ملاصـقة للكنيسة وبمساعدة كاتب الأمير أيضاً، وجعل مِنها قلاية بطريركية. رسم أساقفة عديدين ومِن بينهم إبن أخيه تيودوسيوس على باجرمي الذي تحوَّل في الأخير الى الإسلام. ويقول القس بطرس حداد في (مجلة بين النهرين ص 142 تاريخ 5 / 12 / 1990) بأن نزاعات حدثت على عهده حول الطبيعتين بالمسيح، وقـد تمَّ تَحديد صورة الإيمان في مجمع القسطنطينية الخامس .
تباينَ تقييمُ المؤرخين لهذا البطريرك، ففي حين يكيل صليبا له المديح (المجدل ص76) بقوله عنه: <كان تام الفضل جامعاً للفضائل، ويُضيف بأنَّه كان شديد الحُبِّ للمال أيضاً. بينما يقول ماري (المجدل ص 77) <كان يأكلُ كثيراً ويشربُ مفرطاً، وأُصيبَ في أواخر عهده بداء الفالج”الشلل النصفي” وقـضى نحبَه بعـد سنة مِن إصابته في الثامن مِن أيلول 899م، ودُفن في دارالروم بكنيسة السيدة. أما الأطباء المسيحيون فكانوا يُشكِّلون حلقة وصل بين الخليفة المعتضد وبين الأهالي، وبحسب قول إبن أبي أُصيبعة (عيون الأنباء… ص 211) كان الأبرز بينهم في عهد المعتضد الطبيب غالب الذي كان في الأول طبيب الموفق طلحة بن المتوكل، أما إبن الأثير في (الكامل ” 13 جزءاً ” ج7 ص 484) فيقول <وكان له في خدمته 70 غلاماً مِن المسيحيين، وقد أُتِّهمَ يوماً أحدُ هؤلاء الغلمان بإهانة نبيِّ الإسلام. فاجتمع المسلمون وأرادوا الإيقاع بالغلام، ولكنَّهم لم يتجاسروا على ذلك، بل رفعوا الدعوى أمام الخليفة> فيقول إبن العبري بأنَّ الخليفة قال: <إنَّ العرب يكذبون> وأرسل جنودَه وخلَّص الغلام، وانتهت المشكلة بسلام. وفي عام 900 م توفي الطبيب غالب في آمد “دياربكر” وصادف وجود الخليفة المعتضد هناك فحضر مأتمه. وكان إبن غالب سعيد أبو عثمان طبيباً أيضاً، وبقي يعمل في بغداد الى نهاية عام 919م.
48 – البطريرك يوحنا الرابع”إبن الأعرج” 900 – 905 م
كان عددُ المتنافسين على المنصب البطريركي بعد وفاة يوحنا الثالث أكبر مِن المعتاد، والأبرز بينهم ثلاثة هم: يوحنا بن بختيشوع مطران الموصل، ويوحنا بن مرتا أو”إبن الأعرج” أو”إبن أبجر” وتاذاسيس مطران جنديسابور، وتحرَّكت الوساطات على قدم ٍ وساق، ووصلت الشكاوى أمام المعتضد، فأحال الأمر الى الأمير”بدر” لمتابعة القضية. فباشر”بدر” باستقصاء آراء وجهاء المسيحيين، وفي مقدمتهم كاتبُه مالك بن الوليد، وابنا أسلم مِن منطقة الزعفرانية، وداود بن مسلم، وبعد التداول والتشاور، دعا الأمير بدر الى اجتماع ٍ موسَّع ضَمَّ المتنافسين أنفسَهم ولفيفاً مِن الأساقفة والكُتّاب والأطباء، ودارت المناقشات وتواصلت حتى المساء. وقُدِّمَ للمُجتمعين طعام الافطار <كان شهر رمضان> وبعد الافطار تواصل التشاور ليلاً، وقد أبدى بدر ميلاً الى يوحنا بن بختيشوع مطران الموصل. إلا أنَّ ايشوع زخا اسقف عكبرا “بلدة في أطراف دُجيل بشرقي دجلة تبعد عن بغداد 10 فراسخ” رَدَّ على الأمير قائلاً: عن يوحنا بن بختيشوع وكما يقول ماري في (المجدل ص 87) <لا يَصلُحُ لنا جاثاليقٌ يلعبُ بالكلاب والقرود> وهي إشارة الى حياة بن بختيشوع العلمانية. ولما استفسر”بدر” عن الحقيقة التي تمنعهم مِن انتخاب إبن بختيشوع. قالوا له بأنَّه إبن غيرُ شرعي، ولدته أُمٌّ سرية. عندها إحتجَّ عليهم القاسم بن عبيد الله قائلاً: <فلِمَ جعـلتموه إذن مطراناً على الموصل؟> فرَدّوا قائلين <لقد اختاره أهلُ الموصل وهم لا يعـلمون، ولما علموا بذلك تندَّموا>.
وبعد الذي جرى أُستبعد يوحنا بن بختيشوع، واتخذوا القرار بانتخاب يوحنا بن الأعرج، فرُسم بطريركاً في 11 / 9 / 900م. ويقول صليبا في (المجدل ص 81 – 83) بأنَّ البطريرك الجديد يوحنا الرابع إبن الأعرج، <كتب وثيقة يتعهدُ فيها بالإلتزام بالقوانين الكنسية وبالمجامع وبالعمل على إزالة المخالفات مِن الكنيسة> ويُضيـف صليبا في الموضع السابق ذاته بقوله عن يوحنا الرابع <إنَّه كان شيخاً طاهراً قديساً لم يلمس بيده درهماً ولا ديناراً، ولم يكن في إخوته مثله ولا من لحقه في قدسه وفضله> وكان البطريرك يوحنا بن الأعـرج مِن أبناء بغداد، ترعرع وشَبَّ في حي النصارى في صوب الكرخ، أيَّد انتخابه الخليفة المعتضد وأهداه ثوبَ ديباج وعُكّاز. يقول القس بطرس نصري (ذخيرة الأذهان ج1 ص 422) بأن يوحنا الرابع عقد اجتماعاً حضره ما يَقرب من عشرين مطراناً واسقفاً، وجرى سَنُّ (28 قانوناً) لتنظيم الشؤون الكنيسة.
وافت المنية الخليفة المعتضد بالله الذكيَّ والشجاع عام 902م، وبعد ثلاث سنواتٍ لحقه الى اللحد البطريرك يوحنا الرابع، إذ توفيَ في 16 / 5 / 905م وتّمَّ دفنُه في كنيسة دارالروم بجوار سلفه. لقد التزم بتطبيق بنود العهد الذي قطعه على نفسه بالكامل. ويقول صليبا أيضاً في (المجدل ص 89) <فقد دَبَّرَ البطريركية أحسن تدبير، ورحم المساكين والضعفاء وأعان المُحتاجين، ولم يأخذ رشوة على الرسامات>. والى الجزء السادس عشر قريباً.
أحسنت وبارك الله فيك أخي العزيز
السيد لؤي فرنسيس المحترم، أؤيد الاخوة اعلاه واريد اضافة شيء الا وهو ان منطقة سهل نينوى التي يكثر فيها المسيحيين…
الأعزاء أودا و فرج اسمرو المحترمين نعزيكم بوفاة المرحومة المغفور لها شقيقتكم إلى الأخدار السماوية، أسكنها الله فسيح جناته الرحمة…
الراحة الابدية اعطها يا رب و نورك الدائم فليشرق عليها. الله يرحم خلتي مكو الانسانة المحبة طيبة القلب. مثواها الجنة…
Beautiful celebration Congratulations! May God bless Oscar and bless his parents and all the family and relatives