الرئيس مسعود البارزاني سياسي عراقي مخضرم ومحنك وغالباً ما يرفق مع اسمه لفظة المناضل اي الرئيس المناضل لكونه قد اشترك في الثورة الكوردية منذ نعومة اظفاره واستمر مع تقلبات وتطورات الثورة الكوردية ومع العملية السياسية العراقية بشكل عام . ولهذا يتوقع الشعب الكوردي في كل مناسبة ان يلجأ الرئيس مسعود البارزاني الى إعلان الدولة الكوردية او الكوردستانية حيث يتوقعون منه مبادرة حاسمة ، وهذا ما اسمعه وأنا في القوش ، ولكني كنت استبعد مثل هذا الأعلان بسبب ضعف التحام مثل هذا الخطوة مع اللحظة السياسية الراهنة .
ينبغي التسليم بحقيقة مفادها ان الشعب الكوردي من حقه ان يقرر مصيره بنفسه ، ولا جدال حول ذلك ، ولكن ينبغي دائماً ترجيح الحكمة والعقل على الرغبة والعاطفة ، في الحقيقة انا شخصياً مندهش من هذا الفيض من المشاعر القومية للشعب الكوردي وهذه الرغبة الجامحة لتحقيق الذات القومية والتي تتمحور حول اعلان الدولة الكوردستانية ، وبتقديراتي ، أن القيادة الكوردية تعمل على كبح جماح هذا الأندفاع لكي لا تكرر تجربة فاشلة كالتي حصلت للاكراد عام 1946 حين اعلان جمهورية مهاباد والتي وئدت بعد اشهر من ولادتها وتم اعدام قادتها وكان السبب يعود الى تعارض قيامها مع مصالح الكبار .
والتساؤلات التي اطرحها في هذا المقال المتواضع ليس للرئيس البارزاني فحسب بل للشعب الكوردي وللحزبين الحاكمين ولأحزاب المعارضة على السواء .
ــ والسؤال الذي يطفو على السطح اولاً : هل ان البيت الكوردي جاهز لاستقبال مثل هذا الحدث ، واقصد بالبيت الكوردي الاحزاب الحاكمة واحزاب المعارضة ، هل ان هذه الاحزاب مستعدة للتضحية بمصالحها الحزبية من اجل المصلحة العليا ؟ ام ان الصراع سوف يشتد اواره بغية تحقيق المصالح الذاتية ؟ الا يجدر بكل الاطراف تمتين ركائز البيت الكوردستاني قبل الإقدام بأية خطوة حاسمة في هذا المجال ؟
ــ وعامل آخر لا يقل اهمية ، وهو موضوع الأقتصاد الذي يشكل الركيزة الأساسية لقيام اي دولة ، فليس من المعقول ان تقوم دولة ويكون اعتمادها على المساعدات الخارجية فتغدو تابعة تفتقر الى الإستقلالية في القرار . اليوم يستلم اقليم كوردستان 17% من ورادات النفط ، ومما لا شك فيه فإن هذه النسبة من الأموال سوف تتوقف ، إذا ما أُعلن عن انفصال الأقليم ، فهل للدولة الكوردستانية الوليدة امكانية تعويض تلك الموارد من وراداتها الأقتصادية المتاحة في الظرف الراهن ؟
لقد كانت مدن وقرى اقليم كوردستان سابقاً تعتبر سلة العراق في المنتجات الزراعية من فاكهة وخضراوات وحبوب وتبوغ ، واليوم حسب تقديراتي فإن الأقليم يعتبر مستورد لتلك المنتجات أي ان الزراعة لم تعد عاملاً اقتصادياً مهماً يعول عليه . من ناحية اخرى فإن انتاج النفط في مناطق الأقليم لا زال في ادواره البدائية وثمة مراحل وخطوات طويلة امام الأقليم لينتج كميات كافية من النفط يعوض عما يحصل عليه من النسبة المئوية من واردات النفط .
ــ إن كانت الدولة القومية قد ولدت من رحم الدولة الأمبراطورية وكانت سبباً في تحلل وتفكك تلك الأمبراطوريات ، فإن الدولة القومية اليوم هي ايضاً معرضة لهذا التفكك ، فالدولة (العربية ) تتفكك باستمرار الى اجزاء ( دول ) وكانت آخرها ولادة دولة جنوب السودان من رحم دولة السودان العربية ، والعراق مرشح للتفكك وربما لبنان وليبيا وغيرها ، ومن هنا يتولد السؤال ، ماذا عن الدولة الكوردية القومية التي يزمع الأكراد إعلانها ؟
هل هي دولة قومية تضم كل الأكراد في العراق وسورية وتركيا وأيران ؟ ام انها دولة تضم اكراد العراق فحسب ؟
ــ سؤال آخر : ماذا عن المناطق المتنازع عليها ؟ المراقب لا يحتاج الى نباهة وفطنة لكي يستشفي بأن الحكومة العراقية ليس في نياتها تطبيق المادة 140 وليس ثمة دلائل على تطبيق تلك المادة في المستقبل القريب ، فماذا يكون مصير تلك المنطقة ؟ وهنا يكون التكهن وارداً بنشوب صراع ، ربما مسلح ، بين الحكومة العراقية والدولة الكوردية المفترض قيامها .
ــ وسؤال آخر يطرح نفسه لماذا فشلت تجربة الأكراد في جمهورية مهاباد ؟ اليست المصالح الدولية هي التي افشلت تلك التجربة ؟ وماذا عن قيام الدولة الكوردية اليوم ؟ الا يمكن ان تكون مصالح الدول المجاورة هي التي ستعمل على اجهاض قيام اي كيان كوردي مستقل على حدودها وبشكل خاص تركيا التي اتسمت سياستها بشكل متواصل على وأد اي مشاعر كوردية طامحة في تحقيق اي طموحات ذاتية قومية فكيف يكون موقفها من قيام كيان كوردي مستقل على حدودها ؟
ــ ماذا عن عن حماية الدولة الكوردية المفترضة ، هل سيكون بمقدور الشعب الكوردي الذود عن ذلك الكيان وسط عدائية الجيران ؟ ماذا عن موقف الدول التي تتبوأ مكانة مؤثرة في المنطقة كأمريكا مثلاً هل ستضحي بمصالحها مع تركيا وعراق وأيران وتؤيد الأكراد في طموحاتهم ؟ الولايات المتحدة هي دولة مصالح وهكذا بقية الدول التي تتعامل مع الآخرين على ضوء المصالح ، متجاوزين بذلك مصطلحات المبادئ والأخلاق ، فهل يبقى هؤلاء مع الطموحات المشروعة للشعب الكوردي ؟ إنها اسئلة كثيرة ينبغي دراستها قبل الإقدام على اية خطوة .
ــ برأيي المتواضع إن نظام العولمة الجديد رغم بعض السلبيات فإنه يحتوي على كمّ هائل من الأتصالات والمعلومات وإن هذا النظام يعتمد على مصالح الشعوب وعلى قيم إنسانية وثقافية واجتماعية وسياسية ومبادئ الديمقراطية والتعددية وحقوق الأنسان وعلى ضوء هذه المبادئ فإن الشعب الكوردي من حقه ان يتمتع باستقلاله الذاتي وأن يكون له دولة كوردية ، فهذا الشعب انقسم بين دول واصبح يشكل اقليات قومية في تلك الدول ، لكن في الظرف الراهن تتنامى مشاعر هذا الشعب باتجاه تقرير المصير . ولهذا يمكن للرأي العام ان يتعاطف مع الشعب الكوردي في طموحاته .
ومن هنا ينبغي ان تتطور الأمور بشكل ديمقراطي وواقعي ، فأمامنا تجربة دولة جنوب السودان التي تشبه ظروفها من وجوه كثيرة بأقليم كوردستان ، ومن اوجه التشابه مثلاً تداخل وتشابك المصالح بين المكون القومي المختلف كالأكراد في العراق او المكون الديني المختلف كجنوب السودان ، ولهذا يمكن التريث وتحديد فترة زمنية ( لمدة سنة مثلاً ) للإعداد لإجراء استفتاء عام للشعب الكوردي تحت إشراف الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى ، وحينما تكون نسبة كبيرة في هذا الأستفتاء مؤيدة للاستقلال ، حينذاك سيكون تشكيل كيان كوردي خطوة مقبولة في الأوساط الدولية والعربية والأقليمية وكذلك في الأوساط الشعبية باعتبار ان هذا الأنفصال يعتبر نابعاً من إرادة الشعب .
ــ ثمة عوامل أخرى لها تأثيرها على المسالة وهي تطبيق مبادئ الديمقراطية والأستقرار في عموم الدولة العراقية ، فالأوضاع غير المستقرة بعد مرور ما يقارب عقد من الزمن دون تحقيق اي تقدم او خطوات ملموسة في العراق إن كان على نطاق الخدمات العامة او البنية التحتية او تحقيق الإستقرار للمواطن العراقي من الناحية الأمنية او الأجتماعية او الأقتصادية ، وإن كان لابد من المقارنة ، فإن نسبة الـ 17% المخصصة للأقليم قد حققت قدراً كبيراً من التقدم في اقليم كوردستان المستقر ، بينما نسبة 83% من واردات النفط لم تحقق اي تقدم ملحوظ في عموم العراق المضطرب امنياً لحد اللحظة .
ولهذا اقول إن تعثر العملية السياسية في الدولة العراقية واستشراء الفساد الإداري والمالي ، قد بعثر تلك الثروات الهائلة التي تعود للشعب العراقي المنكوب دون تحقيق اي تطورات او تقدم في عملية البناء والأستقرار في العراق الأتحادي ، إن هذا الوضع قد حدا بأقليم كوردستان بالنأي عن نفسه عن تلك الحالة ناهيك عن لجوء محافظات أخرى الى محاولات لأنتزاع شكل من اشكال الأستقلال الذاتي او على شكل اقليم .
ــ من المؤكد ان العراق لو كان يسير بخطى حثيثة نحو التقدم والأزدهار الأقتصادي والمالي مع استقرار الوضع الأمني ونجاح العملية السياسية وتحقيق المبادئ الديمقراطية الخلاقة ، ما كان اي طرف يفكر بالأنفصال او بالتمتع بأقليم مستقل إدارياً واقتصادياً وسياسياً ، لكن تعثر العملية السياسية والفساد المستشري في مفاصل الدولة قد دفع تلك الأطراف الى سلوك ذلك الطريق .
ــ إن انفضال اقليم كوردستان إذا تم حسب إرادة الشعب الكوردستاني ينبغي ان يتم وفق اسس الديمقراطية ، بحيث يجري ذلك بالأساليب السلمية المبنية على اتفاق كل الأطراف وكما حدث في جنوب السودان الذي تحول الى سودانين بشكل سلمي ديمقراطي دون إراقة دماء ، في حين ان القتال الذي دام لعشرات السنين لم يؤدي الى نتيجة .
إن القيادة الكوردية إن أرادت ان تلبي طموحات الشعب الكوردستاني ينبغي ان يتم ذلك بحكمة وبخطوات مدروسة بعيداً عن المنطلقات الثورية والعاطفية .
أحسنت وبارك الله فيك أخي العزيز
السيد لؤي فرنسيس المحترم، أؤيد الاخوة اعلاه واريد اضافة شيء الا وهو ان منطقة سهل نينوى التي يكثر فيها المسيحيين…
الأعزاء أودا و فرج اسمرو المحترمين نعزيكم بوفاة المرحومة المغفور لها شقيقتكم إلى الأخدار السماوية، أسكنها الله فسيح جناته الرحمة…
الراحة الابدية اعطها يا رب و نورك الدائم فليشرق عليها. الله يرحم خلتي مكو الانسانة المحبة طيبة القلب. مثواها الجنة…
Beautiful celebration Congratulations! May God bless Oscar and bless his parents and all the family and relatives