ذكرت في مقالتي السابقة التي كتبتها قبل سقوط الموصل ( هل نحن احفاد بابل وأشور……….) بأننا نقف هذه الأيام على اطراف أصابع المجهول وعلى الحافات الأخيرة من وطننا وقاب قوسين أو أدنى من كوارث أخرى، فإتهمني بعض الإخوة قبل مأساة تهجير المسيحيين من الموصل بأنني متشائم، فأجبتهم بتمنيات من كل قلبي أن أكون مخطأ، وفي أفضل الحالات متشائلاً، إنطلاقاً من فهمي المتواضع وربطي لسيناريوهات أحداث الماضي مع الحاضر لذات المؤلف الذي يكتب مسلسلات تُعرض في دول أخرى.
وها هو الوحش المتطرف المنفلت الذي أطلقه المخرج في حلقته التي تُعرض يمد عنقه وينهش بجسد شعبنا المسيحي في محافظة نينوىِ، فيقتل ويجلد ويغتصب ويسلب، يحرم ويكفِر ويشَّرد، ويفرض معتقداته الظلامية وقوانينه البالية على كافة الأقليات المستضعفة الأخرى. إنها جريمة إبادة جماعية بحق شعب أصيل يعيش في دياره وعلى أرضه منذ ألاف السنين، فأمسى اليوم في طريقه للإنقراض.
إن ما يؤلمنا ويحز في نفوسنا أن نجد بعض شركائنا في الوطن عما فعلت داعش راضون، ورجال دين وساسة مقنعون، وكثيراً من الأصدقاء والجيران صامتون، وحلفاؤنا مترددون لا ندري بماذا يفكرون…! بينما اعضاء مجلس الامن يستنكرون ومعظم قادة العالم المتحضر يشجبون.
نينوى وطن الأباء وأرض الاجداد ومهد الحضارة الإنسانية وعمقها التاريخي، إغتصبتها مخلوقات همجية في سلوكها، متخلفة في تفكيرها ومرعبة في أفعالها، فصيلة من البشر في رؤوسها عقل متصحر وجهل متوارث تمخض عنهما جفاف روحي بحاجة إلى زخات مطر إلاهية لنفخ الحياة فيها من جديد، تقتل مواطنين مسالمين أبرياء لم يرتكبو ذنبا، ولم يؤذوا أحداً ولا تهمة ضدهم سوى كونهم مسيحيين أو من أقليات أخرى، فإهانوا كرامتهم وإنتهكوا حرمات منازلهم وإستباحوا مقدساتهم وحرقوا كنائسهم ودنسوا مقدساتهم وإغتصبوا ممتلكاتهم، ثم هجَّروهم من ديارهم في ليلة ظلماء وسلبوهم حتى من مقتنياتهم الشخصية بعد أن وضعوا خيارات أمامهم أحلاها سمٌ زُعاف :
1. الرحيل عن بيوتهم وأملاكهم وجيوبهم خاوية .
2. ترك ربهم وإنكار مسيحهم وإشهار إسلامهم مع عوائلهم .
3. أو مد رقابهم للسيف الذي كان منذ 1400 عام يطاردهم .
4. أو دفع جزية من أرزاقهم ولقمة عيشهم، والعالم يعيش في القرن الحادي والعشرين بعد الميلاد، عصر منظمات حقوق الإنسان والطفولة والحيوان، وقوانين المساواة بين الرجل والمرأة، ومبادئ الديمقرطية وحرية التعبير، إضافة إلى التحدي التكنلوجي الهائل مع المستحيل في كافة مفاصل الحياة، والثورة التقنية الأسطورية، وإبتكارات وإختراعات علمية مذهلة، وبرامج غزو الفضاء وهبوط الإنسان على سطح القمر والسعي نحو الإستيطان عليه والوصول إلى المريخ، بينما ما زال مجموعة من البشر يعتبرون المرأة عورة خُلقت للنكاح، يشربون لعلاج أمراضهم من بول البعير، ويؤمنون بان قتل الأخرين هو الطريق إلى نيل الحوريات في عرش السماء… !
يا لعدالة مبادئ دولة العراق الإسلامية السمحة، وإنسانية من يمولها وشهامة من يدعمها وحكمة من يشارك في جرائمها ! وهذه الشروط فرضوها على مَن…..؟ على ذرية أشور بانيبال ونبوخذنصر أعظم ملوك التاريخ، وأحفاد أول إمبراطوريتين عرفتهما البشرية: الأشورية الجبارة وداخل أسوار نينوى التي كانت عاصمتها وكبريائها، والبابلية الكلدانية بعظمتها وجنائنها المعلقة، وعلى أبناء أولائك العباقرة والمفكرين السريان الأراميين الأفذاذ الذين ساهموا في تشييد إرث الثقافة الإنسانية وتطورها. يا لسخرية الأقدار وغدر الأزمان..!
نقف احياناً حائرين أمام المشهد السياسي الذي يمر أمامنا والذي تبدو في واجهته قوى تبدو متجانسة متحالفة وتقف في خندق سياسي وعسكري وإعلامي واحد، وتصوب بنادقها على ذات الهدف، ولكنها في جوهرها متناقضة في المبادئ والأفكار والرؤيا والمنطلقات والاهداف والإستراتيجيات. فهل هو تكتيك مرحلي قد ينفجر بين ليلة وضحاها، أم تطبيق لنظرية عدو عدوي صديقي، أو صديق عدوي عدوي ؟
للولايات المتحدة إتفاقية تعاون إستراتيجي مع العراق وشيدت لها في بغداد أكبر سفارة في العالم وأرسلت أخيراً مئات الخبراء العسكريين إليها، وبنفس الوقت لها قواعد عسكرية وتحالف إستراتيجي وأمني أيضاً مع السعودية وتركيا وقطر، وهذه الدول تعمل لإسقاط النظام العراقي…! ومن ناحية ثانية الولايات المتحدة والسعودية والخليج يدعمون مصر التي تقف مع العراق…!
كان حزب البعث في العراق يحمي ويدافع عن المسيحيين في العراق طيلة عقود حكمه، وقد برز بينهم مسؤولون ونائب رئيس وزراء وشخصيات ساهمت في تأسيس وقيادة الحزب، ونفس قادة البعث في الموصل اليوم متحالفون مع داعش التي تقتل وتسبي وتطرد المسيحيين، تستولي على ممتلكاتهم وتهدم وتحرق كنائسهم… !
وبعد سقوط النظام السابق، هرب معظم القادة البعثيين إلى دمشق التي إحتضنتهم وفسحت لهم حرية العمل السياسي والعسكري ضد بغداد والقوات الامريكية، وأولائك القادة يحاربون هذه الأيام في الموصل وصلاح الدين وديالى مع داعش، نقيضتهم في كل شيء والعدو اللدود لنظام البعث السوري الذي يسطف اليوم على خط واحد مع الحكومة العراقية. ما هذه الألغاز… !
هل داعش ضد بعث سوريا ومع بعث العراق، وهل الغرب مع داعش في سوريا وضدهم في العراق، أم بالعكس…؟ وهل الولايات المتحدة مع تركيا والسعودية وقطر ومع داعش التي تؤيدها هذه الدول ؟ أم مع العراق ضد داعش ولكن مع تلك الدول؟ أم أنها مع الجميع على الطريقة الامريكية ؟ مواقف غامضة من أجل حلها نحتاج إلى ” فتاح فال عراقي ” من أيام زمان .
الأردن يدعي بانه ضد داعش والإرهاب ويقف مع العراق الذي يدعمه إقتصادياً وبإمدادات نفطية بأسعار مخفضة وبنى إقتصاده من خيراته، ولكنه يسمح بعقد مؤتمر في عمان ” للمعارضة ” ومن بينهم داعش التي تعمل لإسقاط التجربة الديمقراطية في العراق التي وضعت أسسها ورعتها الولايات المتحدة حليفة المملكة الأردنية التي تعتذرعن ذلك لاحقاً . ماذا يجري… ؟
هل هذه أحاجي وألغاز أم حروف متقاطعة تشابك بين خطوطها المقاتلون وتداخلت بين خنادقها الخيول بعد أن تنوعت أشكال اللثام الذي يضعه الأصدقاء والفرقاء على وجوههم وربما بعض الحلفاء ؟
أم أصاب بعضنا عَمى الألوان وبتنا لا نفرق بين العَلم الأسود والأبيض وما بين اللون الأخضر والأصفر، فنسأل سياسي متحذلق أن يحل طلاسمها لنا في هذا الزمن الأغبر ؟ وهل هنالك مُستبصر أو عرَّاف أو مُنظِّر ينورنا لنستدل على دربنا وإلى أين يوجه بوصلته شعبنا ؟ أم ننتظر عشرات سنين قادمة لترفع وزارة الخارجية البريطانية اللثام عن أسرارها ؟
أحسنت وبارك الله فيك أخي العزيز
السيد لؤي فرنسيس المحترم، أؤيد الاخوة اعلاه واريد اضافة شيء الا وهو ان منطقة سهل نينوى التي يكثر فيها المسيحيين…
الأعزاء أودا و فرج اسمرو المحترمين نعزيكم بوفاة المرحومة المغفور لها شقيقتكم إلى الأخدار السماوية، أسكنها الله فسيح جناته الرحمة…
الراحة الابدية اعطها يا رب و نورك الدائم فليشرق عليها. الله يرحم خلتي مكو الانسانة المحبة طيبة القلب. مثواها الجنة…
Beautiful celebration Congratulations! May God bless Oscar and bless his parents and all the family and relatives