أنخيدوانا الأكدية أول شاعرة في تاريخ البشرية
الجزء الأول: مقدمة تعريفية
أن – هيدو – أنا ، أسم أنثوي أكدي مركب عـُرّب بصور مختلفة على المنابر العربية الثقافية
الشحيحة التي توفرت لدينا، فظهر رسمه على هيئة “أنخدوانا، أنخيدوانا، إنخيدوانا،
إيهودينا”، ومن معانيه “سيدة أو زينة السماء (القمر)”. يتألف الإسم من خمس مقاطع
سومرية: إن، هي، دو، أن، نا. وتعني “إن” الكاهنة العظمى (أو بالأحرى الكاهنة الراعية
لشؤون المعبد والخدم والحشم والزراعة وتربية الأسماك والحيوانات في محيط المعبد
المترامي الأطراف). أما “هيدو” فتعني “زينة”، بينما “أنـّا” هي النسبة إلى السماء أو إله
السماء (القمر). إخترت في هذه الدراسة لفظة ” أنخيدوانا” بعد قلب الهاء خاء تماشيا مع
الرائج من اللفظ. صاحبة هذا الإسم هي إبنة سرگون الأكدي (المعروف بإسم شروكين أيضا)،
ويقال أنها كانت الوحيدة بين إخوتها. تضع الدكتورة جوان ويستنهولز تاريخ حياتها بين
(2300 – 2225 ق.م.) في حين أن مكتشفها في مقابر أور الملكية، عالم الآثار السير
ليونارد وولي، يضح ولادتها ووفاتها بين (2285 – 2250)، علما أن تاريخ حكم والدها
الذي يتراوح النصف قرن يختلف عليه علماء التاريخ، فهناك من يحصره بين (2296 –
2240)، وقسم آخر بين (2334 – 2279)، وآخرون بين (2334 – 2290). يذهب البعض
إلى القول بأن سرگون عيـّن إبنته رئيسة لكهنة معبد إله القمر (ما يناظره اليوم برئيس
الوقف) في بلاد سومر في أواخر حكمه، ولكن هذا القول يناقض استراتيجية والدها المبدئية
في إقامة إمبراطورية ذات حكم مركزي يضم أكثر من خمسين ولاية أكدية – سومرية، أولا،
وفي تطمين أهل بلاد سومر على حرصه في استمرارية شعائرهم الدينية التقليدية، ثانيا، وفي
إضفاء هالة دينية على شرعية حكمه، ثالثا، وتبرير مركزية حكمه القائم على خلق جسر من
التفاهم بين الدين والدولة، رابعا. ولإرساء هذه الدعائم في السيطرة على زمام الأمور في
الإمبراطورية المترامية الأطراف تحت شعار “الموت لمن يعادينا”، نرجح بأن تعيين
أنخيدوانا كان مبكرا، وليس متأخرا.
قد يأخذك العجب لو قلنا بأن أنخيدوانا ما زالت حية بشحمها ولحمها على أقراص فخارية
محفوظة في متحف جامعة بنسلفانيا. كتب عنها الكثير وترجمت أشعارها إلى
الإنكليزية والألمانية (الصور الحقيقية والمراجع والمصادر في ذيل المقالة)، وأن جمعية
بريطانية تأسست حديثا بإسمها. ترى ما حقيقتها؟ هي امرأة تقدمت على كل رجالات الأدب
ونسائه في التاريخ البشري، بل وهي الأولى التي خاطبت قرائها بضمير المخاطب وأعلنت عن
إسمها وهويتها دون لبس في الوقت الذي نعلم بأن معظم الأدب السومري مجهول الهوية،
ومنه ملحمة گلگامش. وهذا الأمر يدحض كل النظريات التي تشكك بشخصية أنخيدوانا التي
نسخت أعمالها الشعرية وتراتيلها لمئات السنين من بعدها. أنخيدوانا الأميرة ليست سومرية
كما يروج البعض لها، وإنما أكدية. وهذا الوهم ناجم بسبب انتقالها من أكد إلى مدينة أور
السومرية لتولي المسؤولية التي أناط بها والدها، من جهة، ولأنها إبنة غير شرعية (كما
يشاع) لأم سومرية، من جهة ثانية، بل أن البعض راح يلقبها بـ “العاهرة القديسة” على
غرار مريم المجدلية. ومهما كثرت الأقاويل حولها، فإنها االكاهنة العظمى والشاعرة
والزوجة، وسيدة زمانها، ولم تناظرها سيدة أخرى في تاريخ الأدب الأوروبي سوى الشاعرة
الأغريقية (سيبفو) بعد مرور 1700 سنة. والأنكى من ذلك، أنها سبقت كتابة ملحمة
گلگامش بـ (800) سنة، ولذلك يصفها الناقد والمترجم والمولع بأدبها الدكتور وليم هالو بـ
“شكسبير الأدب السومري”. وقد ترجم أعمالها فريق متخصص من جامعة كاليفورنيا –
بيركيلي نثرا ثم قامت بصياغة الترجمة شعرا سلسا إلى الإنكليزية الباحثة في آداب بلاد
الرافدين (بيتي دي شونغ ميدر). يغلب شعرها الذي يجمع بين التراتيل والقصيدة الشعبية (ما
مجموعه 45 عملا إبداعيا) طابع الصراع والمعاناة والنشوة والمدح والهجاء بسبب إقصائها
عن مركزها السياسي – الديني بعد وفاة والدها بعقدين من الزمن، كما يعكس صورة المرأة
ومشاعرها وشخصيتها الحقيقية في تلك الحقبة الزمنية. وسيتضمن الجزء الثاني من هذه
السيرة أحدث ما قيل فيها حتى سنة 2010 وترجمتي العربية عن الإنكليزية شعرا لبعض من
أبيات قصائدها، وإليكم منها رباعية من قصيدتها المؤلفة من 153 بيتا أختتم بها الجزء
الأول:
مزهوة بنصري كنت ذات مرّة،
ونـُفيت من معبدي على حين غرّة،
كالخـُطـّاف مرغمة من نافذة تسلـّلتُ،
بعد عمر بين رائحة البخور أفنيتُ.
الأردن في 15/9/2010
المصادر الرئيسية المعتمدة:
McHale-Moore, Rhonda (2000). The Mystery of Enheduanna’
Disc. Journal of the Ancient Near Eastern Society 27, pp. 69-74
.
Meador, Betty De Shong (2009). Princess, Priestess, Poet: The
Sumerian Temple Hymns of Enheduanna. Austin: University of
Texas Press.
أحسنت وبارك الله فيك أخي العزيز
السيد لؤي فرنسيس المحترم، أؤيد الاخوة اعلاه واريد اضافة شيء الا وهو ان منطقة سهل نينوى التي يكثر فيها المسيحيين…
الأعزاء أودا و فرج اسمرو المحترمين نعزيكم بوفاة المرحومة المغفور لها شقيقتكم إلى الأخدار السماوية، أسكنها الله فسيح جناته الرحمة…
الراحة الابدية اعطها يا رب و نورك الدائم فليشرق عليها. الله يرحم خلتي مكو الانسانة المحبة طيبة القلب. مثواها الجنة…
Beautiful celebration Congratulations! May God bless Oscar and bless his parents and all the family and relatives