أمريكا في عهد اوباما تسكت على الإهانة في بغداد
امريكا دولة عظمى في المحافل الدولية واصبحت بعد انهيار جدار برلين
وتفكك الأتحاد السوفياتي ، تشغل المكانة التي تؤهلها لتغدو قطباً وحيداً
في العالم ، ولا شك ان هذه المكانة تتطلب من امريكا الشئ الكثير من
الثروات والقوة العسكرية والجهد السياسي لكي تبقى محتفظة بتلك المكانة
، كما انها بقيت تشكل الهدف الرئيسي الأول التي تستهدفه القاعدة في
عملياتها الأنتقامية ولعل احداث الأول من سبتمبر 2001 الدموية شكلت
ذروة لذلك الأستهداف ، وبعد ذلك تزعمت امريكا الحملة المناهضة
للارهاب ، وشنت حربيها في افغانستان والعراق تناغماً مع تلك
الأستراتيجية .
ما يهمنا في هذا المقال هو التداعيات الدراماتيكية التي حصلت على ارض
العراق ، حيث بدأت امريكا مع صدام لعبة القط والفار منذ اوائل التسعينات
من القرن الماضي ، ونشير هنا الى محاولات صدام في رسم هالة حول
نفسه يبدو فيها وكأنه المتحدي الأول لأمريكا التي حاول عكسها الى العالم
عبر إعلامه . منها قيام مسؤولين كبار في الدولة بكتابة عبارة : تسقط
امريكا على الحيطان او بث اغاني تدعو الى إسقاط امريكا وفي نفس
السياق كان تثبيت صورة لبوش في ارضية مدخل فندق الرشيد لتكون
تحت اقدام الزوار الأجانب وغيرهم ، ولكن جورج بوش لم يسكت على تلك
الإهانة فكان استهداف ذلك المدخل وإزالة الصورة بالصواريخ الأمريكية
مما الحق اضرار بالفندق وأسفر عن وقوع ضحايا ابرياء .
وإذا بقينا في سلسلة الأحداث الدرامية بين العراق وامريكا سوف نقترب
من احداث نيسان 2003 حيث سقوط صدام .
ولكي لا نقع في مطب لوي اعناق الحقيقة نقول ان حكم صدام رغم سعة
دائرة المعارضة له من إسلاميين سنة وشيعة الى الشيوعيين الى الأحزاب
الكوردية الى فئة كبيرة من الشعب العراقي يلفها الغبن والامتعاض ، إن
كل هذه المعارضة لم يكن بوسعها إسقاط نظام صدام ، لقد حكم صدام
حكماً دكتاتورياً ذات مركزية شديدة ، لا تقوي اية قوة عراقية تحريك
شعرة واحدة من النظام ، وحتى دول الجوار لم تكن هنالك دولة مؤهلة
لأسقاط الحكم بما فيها ايران ، التي كانت تسعى لأسقاط النظام في السر
وفي العلن .
أقول : لم يكن هنالك قوة تستطيع إزاحة حكم صدام سوى امريكا ، وهي
الدولة الوحيدة في العالم تمكنت من تأليب وتحشيد القوات الدولية تحت
زعامتها وان تكتسح الأراضي العراقية بسهولة ويسر . ارتاحت ايران
للغزو لأن فيه اسقاط صدام عدوهم اللدود ، وفيه ايضاً فتح الطريق لهم
لكي يلعبوا دورهم في الساحة العراقية ، وقبل مدة كتبت مقالاً كان عنوانه
: امريكا طبخت وإيران أكلت ، كما ان إسقاط النظام من قبل امريكا قد
قوبل بالأرتياح من قبل اغلب الشرائح الأجتماعية والمذهبية بالعراق
باستثناء اقلية سنية كانت مستفيدة من النظام .
قرأت وسمعت بأن في الدين الأسلامي مصطلح يعرف بـ ( التقية ) ،
والمعنى الذي فهمته عن المصطلح هو السكوت على الظلم والطغيان
وإظهار الولاء ومداهنة الحاكم الى حين توفر الفرصة المناسبة للأنقضاض
عليه ، وربما هذه الحالة تفسر لنا ما نسمعه عن الخلايا النائمة التي تقوم
بالعمليات الأنتحارية حينما تكون الظروف مناسبة فهي تعمل في إطار
القانون والموالاة للنظام وتقوم بعمليتها الأنتحارية بشكل مفاجئ من قبل
اشخاص لم يبدر منهم سابقاً اي علامات التذمر او الشكوى من الأوضاع .
ولكي لا نبتعد عن الموضوع نقول : إن الأحزاب الأسلامية الحاكمة اليوم
في العراق ، والتي كانت ايران ملاذها الأمين ، فإن إنقاذها من النظام لم
يحدث على يد ايران إنما كان إنقاذها على يد امريكا وبالمصطلح الأيراني
” الشيطان الأكبر ” ،.
نعود الى الماضي لعقود من الزمن سنلاحظ في تأسيس الدولة العراقية
الحديثة على انقاض الدولة العثمانية ، يتم على يد بريطانيا العظمى
المنتصرة في الحرب الكونية الأولى ، وكان لها الدور الرئيسي في تشكيلة
الدولة العراقية وتوزيع السلطات ، حيث كان قرارها يتلخص في تسليم
السلطة الى الأقلية السنية ، وكان هذا بدوره مبنياً على نوع من المحاباة
ومراعاة المحسوبية بمختلف انواعتها والغاية كانت ان يعمل هؤلاء على
ترسيخ اركان الدولة الجديدة ومراعاة الوجود البريطاني وخلق استقرار
اجتماعي وسياسي .
بعد نيسان 2003 اصبحت اميركا صاحبة القرار في توزيع السلطات ،
بالنسبة الى المسلمين قربت المكون الشيعي من دائرة صنع القرار وأبعدت
السنة ، وكذلك فعلت مع الشعب الكلداني حيث ابعدت الأكثرية الكلدانية
بالنسبة للمكون المسيحي ابعدته عن دائرة صنع القرار ومنحت السلطة
للأقلية الآشورية والى اليوم ما زالت تداعيات ذلك القرار المجحف يعاني
منه شعبنا الكلداني .
المكون الشيعي المسلم كان في طليعة المستفيدين من الغزو الأمريكي
ومنحت السلطة للاحزاب الأسلامية الشيعية بطبق من ذهب والى اليوم ،
لكن الملاحظ والغريب ان تتسابق هذه الأحزاب على المطالبة بطرد (
المحتل ) الأمريكي ، وقد رأينا في الفترة الأخيرة كيف يستعرض جيش
المهدي قواته وكيف يطالب بطرد القوات الأمريكية ويكثف من عملياته
العسكرية ضد هذه القوات وضد المصالح الأمريكية . الجدير بالذكر ان
التيار الصدري له قاعدة شعبية كبيرة ويتمتع بكتلة برلمانية مهمة ، وفي
يوم الجمعة الموافق 26 / 05 / 11 كان موعدا لأكبر استعراض لجيش
المهدي في بغداد حيث ورد في جريدة الشرق الأوسط اللندنية خبراً جاء
فيه :
{ ردد المتظاهرون، وهم يرتدون ملابس رُسم عليها العلم العراقي،
شعارات مثل «نعم، نعم، يا زهراء» و«نعم، نعم، للإسلام» و«نعم، نعم،
للعراق» و«لبيك، لبيك، يا مهدي»، وارتدى المشاركون، الذين كانوا
يدوسون على أعلام الولايات المتحدة وبريطانيا وإسرائيل وهم يمرون
أمام ثلاث منصات متلاصقة جلس فيها ضيوف، غالبيتهم من رجال الدين
والعشائر، قمصانا موحدة، عليها علم العراق، وسراويل سوداء، ووضعوا
على رؤوسهم قبعات كتب عليها «أنا عراقي } . كما ورد في الخبر ان
مكبرات الصوت كانت تصدح بالأناشيد المخصصة للإعلان عن رفض
الاحتلال والشيطان ..
ولنتكلم بالعربي الفصيح بأن جيش المهدي لم يكن بمقدوره ارتداء تلك
الملابس وترديد تلك الشعارات بوجود نظام صدام ، لكن امريكا أزاحت
حكم صدام فخلت الساحة للاحزاب الأسلامية لترى النور وتتمتع بالحرية
التي وفرتها لهم القوات الأمريكية ، وكان على الأحزاب الأسلامية ان
توجه الشكر لأمريكا وليس اللجوء الى وضع علمها تحت الأقدام ، هذا ما
يقبل به المنطق السليم وبمنأى عن الفكر الميكافيللي الذي يبرر الوسيلة ،
وأيضاً بمنأى عن مصطلح التقية .
إن هذا الحراك يتزامن مع الحديث عن تمديد لوجود القوات الأمريكية في
العراق الى ما بعد ديسمبر ( كانون الأول ) من العام الحالي ، باعتقادي لا
يوجد مواطن عراقي يريد ان يكون في بلده جندياً اجنبياً ، لكن ينبغي
الإقرار بانتهاء نظرية الأستعمار والأحتلال ، فخروج القوات الأمريكية
تقررها الحكومة العراقية والبرلمان العراقي المنتخب وهو يقدر مصلحة
العراق ومدى حاجته لبقاء هذه القوات او مغادرتها ، ولا تدخل المسالة في
مقياس الوطنية والفكر الثوري ، فهي مسألة مهنية بحتة ، لا تحتاج الى
رفع الشعارات وشحذ الهمم . بل تحتاج الى اتخاذ قرار عقلاني يصب اولاً
وأخيراً في مصلحة العراق ليس إلا .
نساء من أتباع مقتدى الصدر يشاركن في استعراض «جيش المهدي» في
مدينة الصدر ببغداد أمس (أ.ب)
إن الولايات المتحدة لديها مئات القواعد العسكرية في اكثر من 130 بلد
وهذه الدول لا تشعر بفقدان الأستقلال ، فالقوات حينما تكون وفق
معاهدات ثنائية تكون بمثابة قوات صديقة وليست محتلة ، لكن الساسة
العراقيين يتسابقون اليوم على طرح شعار انهاء الأتفاقية بزعم إنهاء
وجود القوات الأجنبية ، والمدهش ان امريكا في عهد اوباما مستعدة لبلع
الأهانات في سبيل بقاء هذه القوات لفترة محدودة ، ولا ادري ما هي
الفائدة التي تجنيها الولايات المتحدة إذا بقيت قواتها لفترة اخرى من
الزمن ، اعتقد ان مبادرة بقاء هذه القوات ينبغي ان تتم من الجانب
العراقي ، إنه الجانب المحتاج لهذه القوات ، وقد رأينا كيف طلبت
المعارضة الليبية من القوات الدولية للتدخل في الشأن الليبي حينما تمادى
القذافي في سفك دماء الشعب الليبي .
ليس واضحاً الى اي مدى يتقبل اوباما الإهانة وتداس اعلام بلاده تحت
الاقدام في سبيل ان تبقى قوة امريكية في العراق ، برأيي المتواضع ،
وربما انا مخطئ ، فأقول انها سياسة غبية حقاً .
أحسنت وبارك الله فيك أخي العزيز
السيد لؤي فرنسيس المحترم، أؤيد الاخوة اعلاه واريد اضافة شيء الا وهو ان منطقة سهل نينوى التي يكثر فيها المسيحيين…
الأعزاء أودا و فرج اسمرو المحترمين نعزيكم بوفاة المرحومة المغفور لها شقيقتكم إلى الأخدار السماوية، أسكنها الله فسيح جناته الرحمة…
الراحة الابدية اعطها يا رب و نورك الدائم فليشرق عليها. الله يرحم خلتي مكو الانسانة المحبة طيبة القلب. مثواها الجنة…
Beautiful celebration Congratulations! May God bless Oscar and bless his parents and all the family and relatives